الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر القرار 1636على سورية

ميشال شماس

2005 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


منذ اندحار الاستعمار العثماني والفرنسي عن سورية ، وحتى كتابة هذه السطور لم ولن تتوقف التهديدات الخارجية لحظة واحدة ، وإن كانت تخف حيناً وتشتد حيناً أخر، وذلك تبعاًً للظروف المحلية والإقليمية والدولية.
أما اليوم وبعد التغيرات الهائلة التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفياتي، وأحداث 11أيلول ، وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة على العالم ، ارتفعت وتيرة الضغوط الأمريكية على سورية خاصة بعد احتلال العراق.
ويبدو أن الحكومة السورية لم تقرأ جيداً تلك المتغيرات فاستمرت على سياستها القديمة، حتى وجدت نفسها بمواجهة مع المجتمع الدولي على خلفية الإدارة الخاطئة للملف اللبناني ، والإمعان في تحدي الإرادة الدولية من خلال الإصرار على التدخل في تفاصيل الحياة اللبنانية ، وفرض التمديد للرئيس لحود،رغم التحذيرات المحلية والإقليمية والدولية من مخاطر فرض هذا التمديد ، وهذا مادعا مجلس الأمن الدولي لإصدار القرار 1559 الذي نص على سحب جميع القوات السورية العسكرية والأمنية فوراً من لبنان،هذا القرار الذي استخف به بعض المسؤولين السوريين عندما وصفوه بأنه "مجرد قرار روتيني ويدعو للضحك" .
وفي الرابع عشر من شباط حدث تطور خطير لم يكن في الحسبان تمثل باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري ، الأمر الذي عجل بانسحاب القوات السورية ، أعقبه تدهور الوضع الأمني في لبنان من خلال التفجيرات والاغتيالات المتنقلة في بيروت والتي استهدفت أهم رموز النضال الوطني والديمقراطي ليس في لبنان وحسب بل وفي العالم العربي الشهيدين سمير قصير وجورج حاوي وما تلاه من تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جريمة اغتيال الحريري برئاسة القاضي الألماني ديتليف ميليس الذي أصدر تقريره الشهير مشيراً بأصابع الاتهام بتورط مسؤولين لبنانيين وسوريين في اغتيال الحريري، ، ومن ثم قيام مجلس الأمن بمناقشة مضمون التقرير، الذي أصدر على أثره القرار رقم/1636/ بالإجماع تبنى فيه الاستنتاجات التي توصل إليها ميليس، داعياً سورية إلى التعاون الجدي مع رئيس لجنة التحقيق الدولية ، دون أية شروط.
وتبرز خطورة القرار1636 بأنه ضرب طوقاً من العزلة الدولية وحتى العربية حول سوريا وأملى عليها شروط التعاون اللاحق، ويتضح ذلك من خلال النواحي التالية:
1- صدوره بالإجماع على مستوى الوزراء وليس على مستوى المندوبين .
2- صدوره استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة .
3- تبنى القرار في البند (2) منه استنتاجات ديتليف ميليس الإتهامية لتورط مسؤولين سوريين في جريمة اغتيال الحريري. "هناك التقاء في الأدلة يشير إلى ضلوع مسؤولين لبنانيين وسوريين على السواء في هذا العمل الإرهابي "
4- أدان القرار المذكور في البند (5) منه سوريا لعدم تعاونها الجدي مع لجنة التحقيق الدولية. .."أن استمرار سورية في عدم التعاون في التحقيق سيشكل انتهاكاً خطيراً لالتزاماتها بموجب القرارات ذات الصلة.."
5- تضمن القرار بما يشبه الإنذار وذلك من خلال البند (12) الذي حدد فيها مهلة حدها الأقصى 15/12/2005 لتقييم التعاون السوري مع لجنة التحقيق ،على أنه يحق للمجلس في أي وقت قبل هذا التاريخ إجراء مراجعة وتقييم متى دعت الحاجة ، فإذا ما جاء التقييم سلبياً عمد مجلس الأمن الدولي إلى تصعيد إجراءاته ضد سوريا .
6- أول مرة يمنح فيها مجلس الأمن لجنة منبثقة عنه صلاحيات واسعة حيال دولة مستقلة ذات سيادة وهذه سابقة دولية خطيرة ، فقد منح القرار المذكور في الفقرة "أ" من البند (10) السيادة الكاملة على المواطنين السوريين، حكاماً ومحكومين ، وذلك لمجرد الاشتباه. " يجب على سورية أن تعتقل المسؤولين أو الأشخاص السوريين الذين تعتبر اللجنة انه يشتبه بضلوعهم في التخطيط لهذا العمل الإرهابي أو تمويله أو تنظيمه أو ارتكابه، وان تجعلهم متاحين للجنة بالكامل... بالتحقيق.."
7- ويملي القرار المذكور على سورية أن تتعاون مع اللجنة من دون أية شروط في الفقرة ب من البند (10) : "يكون للجنة، في علاقتها بسورية، الحقوق نفسها والسلطات المذكورة في الفقرة 3 من القرار 1595 (2005)، ويجب على سورية أن تتعاون مع اللجنة بالكامل ومن دون شروط استناداً إلى ذلك "
8- والأخطر من ذلك أن القرار المذكور جعل من سلطة لجنة التحقيق الدولية أعلى من سلطة الدولة السورية ..وهذا ما نصت عليه الفقرة (ج)من البند (10) " و يكون للجنة سلطة تقرير مكان وأساليب إجراء المقابلات مع المسؤولين والأشخاص السوريين الذين ترتئي اللجنة أن لهم صلة بالتحقيق" وهذا يعني السماح للجنة المذكورة التنقل والحركة بحرية داخل الأراضي السورية للوصول إلى كامل المعلومات التي ترى اللجنة أنها ذات صلة بالتحقيق.
وانطلاقاً من تلك المخاطر التي ينطوي عليها القرار 1636 ندعو السؤولين إلى النظر بعقلانية وحكمة ومسؤولية وطنية إلى خطورة وتداعيات هذا القرار على سورية ، في هذه الظروف المصيرية ، وإلى التعاون الجدي والكامل مع اللجنة الدولية عبر تحميل من تثبت إدانته من السوريين أياً كانت مواقعهم تبعة أعمالهم لينالوا جزاء مافعلوا. وإجراء مراجعة نقدية لكل المرحلة السابقة بحسناتها وسيئاتها على قاعدة رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية وطي ملف الاعتقال السياسي وإلغاؤه نهائياً، وإطلاق الحريات السياسية والنقابية والإعلامية ومحاربة الفساد ورفع الغطاء عن الفاسدين والمفسدين ..الخ ، وهذا باعتقادي ما يمكن سورية من تلمس طريقها تجاه معالجة تلك الأخطار ، أو الحد من أثارها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني