الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- نسيان - .. 3

محمود العكري

2016 / 2 / 13
سيرة ذاتية


إن الحياة محطات، لقاءات هنا وهناك وربما هنالك أيضا، أخذت منها جرعات في سن غير شرعية، فحصلت على الهدية مبكرا، وكانت هدية ليست كباقي الهدايا، هدية الألم التي لن يطيقها أي كان.
إن السؤال الملعون الذي ما انفك يزور مخيلتي هو: لماذا نعيش؟ ماذا سيحصل لو مت الآن؟ ما الضامن الذي يضمن لي الحياة غدا؟ إنني أريد أن أحيا، أن أحقق ما أطمح له، لا أريد الموت، أريد الخلود، فلما الموت؟ لم علي تحمل مشقة أن أرى نفسي من هنا 40 عاما؟ ماذا لو لم أكن في ذلك اليوم المشؤوم؟ إلى أين نسير أو إلى أين تسير بنا هذه الحياة؟ هل هي رحلة النهاية أم رحلة البداية؟ ما الموت أصلا؟
تداهمني الأسئلة من كل جهة وتحاصرني، لأجد نفسي في غرفتي وسط الظلام الأسود وقلبي يدق بأقسى سرعته، ركبتاي بالكاد تستطيعان الحركة، وعرق فوق جبيني لا يريد التوقف، والأكثر من كل هذا تلك الحرب القائمة داخل جمجمتي، كنت أنصت لها وأنا في قمة الاستسلام، لا أدري ما أفعل.. أغمض عيني وأقول: الموت ربما أرحم من كل هذا.
بعد أن قلت كتاباتي على جدار الفايسبوك، ومعها قلت حيويتي ونشاطي، داهمتني إحدى الصديقات المقربات بالسؤال:
ـ محمود ما بك؟
ـ أشعر بدوار شديد، غثيان، خوف، هلع... أستسلم.
ـ ليس من حقك أن تستسلم الآن..
ـ لم؟
ـ ماذا سيفعل ذلك الذي يعيش على إيقاع كلماتك التي تمثل بالنسبة له منبع الحياة؟
ـ وما الذي يهمني به، تبا له، لم أعد أكترث، أنا أموت، هل تفهمين؟
ـ أنت من بدأت اللعبة وليس لك الحق أن تنهيها الآن، قم من جديد، لن تموت.
أنت لا تعرفين شيئا صديقتي، لا تحسين بما أعيشه,,
ـ تبا، أتمنى كل يوم أن أكون بقربك، أن أعيد لك ابتسامتك الرائعة، أن أكون معك إلى أن تعود ذلك المحمود الذي نعرفه كلنا ولا يهمني ما سيقول الناس عني، لأنك بالنسبة لي رب.
ينتهي الحديث بقولي: أريد أن أنام، وفي الحقيقة أنا أريد أن أعيش لا أن أنام، أريد بعضا من الهدوء رفقتي..
إن الحياة صعبة الحياة، ورغم ذلك نحيا وفق القواعد التي تفرضها هي، رغم ادعاءاتنا المعقولة عن الحرية وشعارات العدالة الذاتية إلا ان الحقيقة قائمة في كون الحياة وحدها من تسير اللعبة التي نكون نحن بيادقها، فتحركنا في كل اتجاه ونحو ما شاءت رغبتها.
فالحياة وطن للعقلاء لكنها منفى للغرباء، ولطالما وجدتني هناك في اللامكان رفقة عبثية وجودي الزائف أو هكذا كنت أظن، أسير ومع الصمت أتلو قصائدي التي تبعثر داخلي، فلا أسمح لأحد بترديدها ورائي لأنها تتردد وحدها بداخلي دون أي صوت.
تستمر اللعبة، ومعها تستمر رغبتي في اللعب، نتأقلم تارة ونتحارب تارة، لكننا لا نلتقي أبدا، لأنها تمارس فعل التذكر، في حين أنحو نحو فعل النسيان، لكي أكون من جديد علي أن أنسى.. هكذا تعلن صرختي.
ولأن فعل الكينونة ليس بالأمر السهل الحصول عليه، تكون الذاكرة ملكة على عرش النسيان، إن الذاكرة تحيي النسيان، وتعيد ترتيب فصوله الغريبة الأطوار، كون النسيان بدون ماهية يبقى وحيدا مع السؤال الجوهري هناك: من أنت؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ