الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رومان رولان

عبدالله حبه

2016 / 2 / 13
الادب والفن


رومان رولان .. ضمير اوروبا المنسي
عبدالله حبه – موسكو


تصادف في هذه اليوم ذكرى مرور 150 عاما على مولد المفكر والكاتب الفرنسي رومان رولان (1866-1944). وجذبني هذا الحدث بعد حفل اقامه الاطفال في المدرسة التي تحمل اسمه بموسكو وتدرس فيه حفيدتي. لقد اطلعت في ايام الشباب على ما كتبه رومان رولان عن بيتهوفن وتولستوي ومايكل انجلو، وبالاخص روايته الملحمية الشهيرة " جان كريستوف"، وكذلك روايته " الروح المسحورة" حول انعتاق المرآة واعجبت بأفكاره الانسانية. ولاحقاً، اثارتني مقالته التي نشرها في صحيفة "جورنال دو جنيف " السويسرية أبان قيام الحرب العالمية الاولى بعنوان "فوق المعركة" ، والتي أعيد نشرها هذه الايام في الصحف الروسية. إنها اثارتني جدا لأنني لم افهم ولا زلت لا أفهم معنى الحروب في بلادنا، سواء في الصراع في إقليم كردستان والحرب مع ايران واحتلال الكويت، حيث كان العربي يقتل العربي والعربي الكردي والكردي العربي والايراني العربي وهلمجرا. فإننا ننتمي تقريبا الى حضارات متكاملة ببعضها البعض، كما تجمعنا رابطة الدين. وقال رولان في حينه "ان الحقيقة واحدة لدى الجميع ، لكن توجد لدى كل شعب كذبة خاصة به يسميها ب"المثل العليا" او المبادئ"، ويستغلها رجال السياسة لتحقيق أهدافهم في كسب السلطة والمال.

ان المقالة التي نشرها رولان في سويسرا حين كانت الحرب العالمية في اوج اوارها، لقيت الاستنكار من قبل الجميع – في المانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية، لأنه دعا فيها الى تآخي الجميع في اوروبا. آنذاك كان رولان الرجل الوحيد في اوروبا الذي أعلن محبته لجميع الشباب على اختلاف قومياتهم وانتماءتهم الدينية والذين يُرسلون طوعا او جبرا الى جبهات القتال لمواجهة الموت بالرصاص او الغاز. وتعتبرهم شعوبهم من الابطال ويمنحهم القادة الاوسمة والميداليات تكريما لشجاعتهم. علما ان الحكام كانوا يستعينون في الحرب ايضا بأبناء المستعمرات من المغرب وافريقيا والهند وتركيا الذين يقتلون هناك من أجل قضية لا تعتبر قضيتهم، ودفاعاً عن بلاد ليست بلادهم. ويومذاك اعتبر الجميع إن رومان رولان من الانهزاميين والخونة، ونشرت الصحف الاوروبية المقالات في ادانته.
وما زال البعض في اوروبا يعتبر رولان رجلا مثالياً بعيداً عن الواقع والطبع البشري الذي يتطلب أن يقتل الناس بعضهم البعض من أجل مصالح الفئات العليا الحاكمة تحت واجهات قومية او دينية او بذريعة الدفاع عن حقوق الانسان أو الحفاظ على مواقع الدولة العظمى والاحلاف العسكرية. ولكن رومان رولان حصل على جائزة نوبل " لقاء الروح المثالية الرفيعة والاعمال الادبية ، والتعاطف مع الحقيقة ومحبتها". هكذا قررت لجنة جوائز نوبل صياغة حيثيات منح الجائزة الى الكاتب الانساني الفرنسي.
لقد وصفه الكاتب النمساوي ستيفان زفايغ بأنه " ضمير اوروبا". لكن اوروبا نسيته كما يبدو . واليوم لا يتذكر دعاة حقوق الانسان في اوروبا وحتى في وطنه هذا الكاتب الكبير ولا أفكاره حول التآخي بين البشر. ويواصل قادة حلف الاطلسي دعم اقتتال الاخوة في اوكرانيا تمهيدا لنشر سلطة الحلف الى الشرق ، كما يدعمون اقتتال الاخوة في سورية والعراق لأن "الفوضى الخلاقة" تصب في مصالح الغرب. كما نراهم يلتزمون الصمت عن الافعال الوحشية والتخريبية لرجال " داعش" حيال المسلمين والمسيحيين في سورية والعراق وليبيا وافغانستان ويتظاهرون شكليا بأنهم يقدمون لابناء هذه البلدان المساعدة، بينما يرفضون حتى منحهم اللجوء لاسباب انسانية.
واعتقد ان من الواجب الآن إعادة قراءة رومان رولان واستعادة دراسة القيم الانسانية والاخلاقية التي دعا طوال حياته من أجلها، مهما قيل عن "مثاليته"، ولاسيما في موقفه من الحرب. لقد جذبت افكاره اهتمام معاصريه ومنهم الكاتب الروسي ليف تولستوي الذي بعث اليه بحثا تربويا طويلا باللغة الفرنسية بعنوان : "رسالة الى فرنسي . حول فائدة العمل الجسدي". ولا ريب في ان رولان قد واصل افكار الفلاسفة الفرنسيين مثل جان جاك روسو وفولتير وديدرو ومبادئ الثورة الفرنسية الكبرى وافكار الفلاسفة الالمان. وقد مارست أمه دوراً كبيراً في تربيته منذ ان عاش في مدينة كلامسي بجنوب فرنسا حيث علمته العزف على البيانو وحب الموسيقى . ونجده لاحقا يكتب بحثه الكبير عن بيتهوفن ويكتب المقالات عن فاجنر الذي عرفه عن طريق مالفيدا مايزنبورغ صديقة نيتشة وفاغنر حيث عرفته على عالم الروح الالمانية في الرسائل التي تبادلها معها. وبعد تخرجه من كلية لودفيغ الاكبر في باريس في عام 1886 عمل مدرساَ في المعهد التربوي الشهير "ايكول نورمال سيوبريور" في باريس.
لقد ارادت أمه ان يصبح باحثاً جامعياً فدرس في ايطاليا في عام 1889 حيث تخرج من جامعة روما وحصل على شهادة مؤرخ في الفنون. لكنه أخذ تدريجياً لا يهتم بالعمل البحثي وصار يؤلف المسرحيات المستوحاة من الاحداث التاريخية في عصر النهضة. وفي الوقت نفسه قام بدراسات حول تاريخ الموسيقى . ولدى عودته الى فرنسا ناقش رسالة الدكتوراه في جامعة السوربون. وبدأ العمل فيها كرئيس لقسم الدراسات الموسيقية الذي استحدث فيها آنذاك. وفي الوقت نفسه واصل التأليف ونشر سلسلة روايات " مآسي الايمان". وذاع صيته بعد نشر روايته الكبيرة "جان كريستوف " – أو "الرواية – النهر" كما وصفها الكاتب نفسه ، والتي تتناول الحياة الاوروبية في في مطلع القرن العشرين، وترجمت الى عشرات اللغات العالمية.
في عام 1912 ترك رولان منصبه في جامعة السوربون وانصرف الى العمل الادبي فقط. وقبيل اندلاع الحرب العالمية الاولى انتقل الى سويسرا حيث نشر مقالاته المضادة للحرب. وفي الفترة ما بين الحربين العالميتين، نشر رولان العديد من الروايات والكتب وارتبط بأواصر الصداقة مع مكسيم غوركي الذي دعاه لزيارة الاتحاد السوفيتي. كما اهتم بالثقافة الهندية وزاره غاندي في عام 1931. علما انه في الفترة من 1925- 1933 كتب روايته الضخمة " الروح المسحورة " المكرسة الى تحرير المرأة. وتوفي في عام 1944 متأثرا باصابته بمرض السل الذي لازمه طوال حياته.
14/2/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش