الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاوضون بلا حقيبة - توصيف في الحالة السورية -

يوسف أحمد إسماعيل

2016 / 2 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لا يمكن القول : إنّ الثورة السورية أفرزت قايادات تمثلها، ويُجمع عليها الشارع السوري، تَأمر فتطاع، وتصدر بيانات ، وتضع استراتيجية ، وترسم خارطة طريق للوصول إلى النصر ! لا يمكن قول ذلك لأن الثورة ، بوصفها حراكاً اجتماعياً ثورياً سلميا،ً أُجهِضتْ في بدايتها من بندقية النظام أولاً، ومن سلاح الكتائب الإسلامية ثانياً، إذ شكلتْ أجنداتُها المتناقضة ، فيما بينها أولاً وفيما بينها وبين الحراك السلمي بأجندته المدنية وطموحه الوطني ثانياً، مفارقة كبيرة بين مطلب الدولة المدنية ومطلب الدولة الدينية .
وعليه فقد تشكلت على أرض الواقع نُتفٌ من المعارضات لا تمثل إلا ذاتها؛ بعضها عسكري سلفي ، وأجندته دينية لا وطنية تنويرية ، وبعضها طلب الاستقواء بالخارج فخذلته من ادعت صداقته، وبعضها لم يرق خطابه الثوري إلى مستوى حماس الشارع في التغيير الديمقراطي ، وبدا خطابه التصالحي بعيدا عن طموحات الرغبة في القطيعة عند من دفع سنين طويلة من عمره في السجون والحرمان والقهر والظلم والافتقار إلى العدل.
وبسبب هيمنة هذا التشتت، وفراغ الساحة السياسية من قيادة جامعة ظهر الإيعاز الخارجي بضرورة تشكيل قيادة تمثل" ادّعاءً " الشعب السوري ، فكان " المجلس الوطني " ثم "الائتلاف السوري " و " هيئة التنسيق " ثم " الهيئة العليا للمفاوضات " . ولكنها، جميعاً ودون استثناء ، نالت ، بوصفها كتلا سياسية ، أو أفراداً ،الشتائم والإنكار من الموالين والمعارضين للنظام ، ومن الناشطين والصامتين المدنيين والمسلحين .
ومن المفارقات في ذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية قد طفحت بكل ذلك التنافر ، أما فضائحها في تسوّل الدعم الخارجي ، وخاصة العسكري الأمريكي قد غدا هزلياً وهزيلا ودون جدوى . ولذلك هم مفاوضون بلا حقيبة في جنيف 1 وجنيف 2 وجنيف 3 !
إن تلك الصورة الممسوخة لممثلي المعارضة في المحطات الثلاث أنتجت مفارقة أخرى ؛ وهي أنه كلما اتسعت مأساة الشعب السوري ، وتنوّعت كلما هزلت كتل المعارضة السياسية ، وأصبح كل فرد فيها يمثل نفسه فقط ، لا يمثل الشعب ، ولا يمثل الكتلة التي ينتمي إليها أو يدعي انه من أعضائها !ثم توسعت الهوة بين الشعب والممثل إلى درجة محسوسة ومباشرة ؛ فالشعب في العراء والممثل في منتجعات استنبول وجنيف وبرلين وباريس وقصور الرياض .
ومن الطبيعي أن ينتج ذلك التناقض والتنافر خطابا تفاوضيا غرائبياً؛ فالشعارالثوري يتمثل بمطلب الحراك الثوري السلمي المدني، وهو " دولة مدنية تعددية وديمقراطية " يعني لا عسكرية ولا دينية ،وهو شعار يتناقض مع سيادة السلاح وسطوته، إن كان من النظام أو المعارضة، يضاف إلى ذلك أن كبير المفاوضين هو قائد الجيش الإسلامي السلفي ، ومن ورائه كل اللافتات التي انتشرت في الشارع السوري " الديمقراطية كفر والعلمانية صنم هذا العصر " و" واللحية زينة الرجال " ، أما بقية المفاوضين ، فكلٌّ يمثل أجندته الخاصة ، ولذلك عاد الجميع دون حقيبة . أما المفاوضون الذين يمثلون الشعب السوري ، هم من سيفرزهم الشارع الذي انهدم فوق ساكنيه ، والشارع الذي رصف خيمه في الوحل والثلح والبرد والجوع ، والشارع الذي لا حلم له غير حلم الخلاص من الاستبداد والقهر؛ للعيش في وطن كريم وحر وآمن بعيدا عن الشوفينية من أي جهة كانت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينجح اليسار في فرض -جبهته الشعبية- أمام اليمين المتطرف؟ •


.. ?? بنعبد الله: تصريح رئيس الحكومة بالبرلمان يثير القلق و يحم




.. ?? بنعبد الله: تصريح رئيس الحكومة بالبرلمان يثير القلق و يحم


.. زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني مارين لوبان: نستطيع الفوز في




.. ما هي أبرز التدابير التي أعلن عنها تحالف اليسار الفرنسي في ب