الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى ليلة المجد

عامر الدلوي

2016 / 2 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



تمر اليوم ذكرى عزيزة و أليمة على قلوب الكثير من أعضاء و أصدقاء الحزب الشيوعي العراقي .. الحزب الذي جسد وحدة البشر على مذهب الإنسانية .. فجمع بين صفوفه كل من آمن بفكره من العراقين عربا ً و كردا ً و تركمانا ً مسلمين سنة وشيعة ومسيحين و أيزيدين .. ولم يكن في يوم من أيامه فاعلا ً لما يفعله الأنذال من خونة الأوطان و ناهبي أموال الشعب ومدمري مستقبل أجياله في نشر الفرقة والكراهية .
هذه الذكرى العطرة التي شاء المستعمر البريطاني و عملائه من مرتزقة وسليلي الوضاعة من ملوك و وزراء و رؤساء وزارات و حكاما ً عرفيين من أمثال النعساني و محكمته القذرة .. شاؤا و أبوا إلا أن يوجهوا بها طعنة نجلاء إلى كادحي شعبنا جزاءا ً وفاقا ً لما تسبب به نضالهم من إسقاط لمعاهدة الذل و العار التي وقعها في بورتسموث القزم نوري السعيد عام 1930 و التي لم تر النور بسبب من هذا النضال المستمر ضدها لتسقط وإلى الأبد في العام 1948 إثر وثبة كانون المجيدة .
فكان لا بد من تأديب الشعب عبر أصدار حكم الإعدام بثلاثة من قادة الحزب الشيوعي العراقي تم أختيارهم بعناية فائقة لكونهم يمثلون لحمة النسيج الوطني سواء على المستوى الطبقي أو المستوى الديني , فكان حكم الإعدام بحق قائد الحزب و مؤسسه يوسف سلمان يوسف ( مسيحي ) و حسين محمد الشبيبي ( شيعي ) و زكي محمد بسيم ( سني ) , في صورة لم تكن باهتة أبدا ً بل كانت أوضح من الشمس كتعبير عن سياسة الرأسمال العالمي القائمة على تفكيك اللحمة الوطنية للشعوب تمهيدا ً لخلق حالة الأنقسام الجغرافي لتكون أوطانهم دويلات ضعيفة يسهل ربطها إقتصاديا ً في عجلته و ضمها إلى مداره .
هذه السياسة التي ما أنفك وريثه الأمريكي يمارسها ولكن بأسلوب مزوق بعد أن أنفضحت أبعاد الصورة القديمة أمام الشعوب , فجاء ببدعة أسقاط الأنظمة الدكتاتورية و نشر الديمقراطية المزعومة و أتاحة الحريات أمام الشعوب لتختار أنظمتها السياسية والإقتصادية التي لا بد و أن ينتهي بها المطاف لتقع في حبائله و شباكه .
هذه الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في كل بلداننا العربية هي صنيعة الرأسمال العالمي و هو من نصبها أو مهد لها الطريق لتقفز فوق ظهور الشعوب التي أغرقها هو و صنائعه السابقين في أمراض الجهل و التخلف و الأمية .. والتي أخذ اليوم يظهر نفسه منقذا للبشرية من جورها , متناسيا ً أن للشعوب ذاكرة حفرت بها أفعاله السايقة بالشكل الذي لا يمكن محوه بأية وسيلة من وسائله التزويقية مهما صرف و بذخ من مواد التجميل .
إن الوقفة البطولية لفهد ورفاقه و كلماتهم الخالدة التي دوت في ساحات الإعدام والتي ارعبت جلاديهم حد الموت ستظل ناقوسا ً يدق إلى الأبد في سماء وطننا و فضائه الذي تحولوا في أثيره لنجوم ترعى مسيرة الشعب و نضاله المستمر ضد كل أشكال التعسف و البطش الدموي الذي ترجم به الرأسمال العالمي و كلابه زيف شعاراتهم حول الديمقراطية و نشرها .
مكبلا ً بسلاسل الحديد وهو يخترق ممرات سجن بغداد المركزي في ساعات الفجر من ليلة كهذه مجلجلا ً بصوته الجهوري " وداعا ً رفاقي وداعا ً " و على أعتاب وسلم المشنقة المنصوبة في ساحة المتحف الحالية يدوي صوته " الشيوعية أقوى من الموت و أعلى من أعواد المشانق " بعد محاولة يائسة من الجلادين لثنيه عن أختياره الموت مقابل وعود بالأفراج مقابل التنازل عن أفكاره , فكان الجواب الصدمة مقترنا ً بصعوده السلم في وضع الهرولة , مذهلا ً لكل حاضري المشهد .
و كان للقائد الفذ الآخر بعد ليلة من تلك الليلة وقفة أخرى بقنبلته التي رماها بوجه السفلة من منفذي الحكم " لي الشرف أن أعدم في الساحة التي كنت أقود منها مسيرات شعبي ضد نظامكم المتهرئ " و هو يرتقي سلم المشنقة في ساحة الباب المعظم و رفيقه الصنديد يرعبهم بمقولته " لو قدر لي أن أعود إلى الحياة لما أخترت غير هذا الطريق " .
مجدا ً لكم ولكل من تبعكم بإحسان للشعب و الوطن من خيرة زهرات و ورود شعبنا سواء على يد جلادي نظام صدام المقبور أو على يد فاشيي جحوش ذاك النظام في بشت آشان و غيرها من المواقع في جبال كردستان التي شهدت وحتى نهاية هذا العالم لهم بأنهم أمميون من الدرجة الأولى رووا بدمائهم تلك الأرض دفاعا ً عن حق الشعب الكردي بحياة حرة كريمة و بتقرير مصيره في حين ارتضى الكثيرون من ابنائه وقادته أن يضعوا أيديهم بيد النظام الدكتاتوري ضد تطلعات شعبهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة