الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجي جابر في رواية -سمراويت-.. وازمة البحث عن هوية

منير ابراهيم تايه

2016 / 2 / 14
الادب والفن


"فقدت الرغبة يا عمر، ومن يفقد الرغبة في شيء قد لا تسعفه كل أدوات الدنيا..هذا كل شيء ببساطة"
"مقتبس من رواية سمراويت"
وجود الرغبة الداخلية المحرّك الأساس لتحقيق أي شي
رواية سمراويت للكاتب الإريتري حجي جابر تحكي قصة عمر الذي ترحل عائلته إلى السعودية هربا من الحرب في إريتريا وهو مازال جنينا في بطن أمه ليولد في جدة.. ويعيش صراع الغريب في وطنه والغريب عن وطنه.. فيقرر العودة مرة أخرى إلى أسمرا وهو في الثلاثين من عمره للبحث عن وطنه الأم.. فيلتقي هناك “سمراويت” التي جاءت إلى أسمرا لنفس الهدف..
فالى أسمرا ذهب الكاتب ليبحث عن هويته التي فقدها في جده....
الرواية ليست موضوعا فقط.. فالموضوع مهما كان نبيلا لا يخلق فنا وليست مجرد سرد لوقائع وحكي عن شخصيات ولغة جميلة...
هنالك سر ما أو سحر إذا فقدته الرواية فقدت صفتها. إنه سر او (سحر ) الفن الذي يصعب الحديث عنه أو وصفه بلغة النقد… والقراءة وحدها القادرة على تذوق هذا السحر والكشف عنه، ولمن يتذوقون هذا السحر أن ينتبهوا إلى "سمراويت" حتى لا تفوتهم متعة القراءة ويتأملوا سر فن الرواية ليحكموا بأنفسهم.
وكأن القلم كحل والورقة عين.. فارسم ثقافتك عليها بمهارة ودقة.. وادفع بعصارة فكرك مع حبرك الأسود إلى أوراقك البيضاء ، لتكحل عين القارئ بروعة كلماتك.
" في السعودية لم اعش سعوديا خالصا، ولا إريتريا خالصا، كنت شيئا بينهما"
يتحدث الكاتب عن قلق الهوية.. هذا القلق الذي لا يعرفه الا كل من عاشه ويعيشه كل من كان له وطن بديل، شعور خفي وقلق يعبث بالنفس البشرية حين يعيش الناس في أوطان ليست لهم...
نصف حنين، ونصف غربة، ونصف وطنية، ونصف انتماء، ونصف وحشة، ليعيش غربة طارئة ويصطدم بغربة أخرى حين يذهب لبلده
هكذا ببساطة يلخص حجي جابر أزمة الهوية، الانتماء، من أنت؟ موجع أن تظن نفسك ولدت وكبرت في أرض تحتويك، ثم تكتشف - بطريقة ما - أنها تلفظك بعيدا.. بعيدا عن تاريخك عليها، عن تاريخ ذويك الذين استوطنوها لظرف ما، لتكتشف أنها كانت تنتظرك لأن تعود من حيث أتيت، أو ان ترحل إلى أي مكان آخر، المهم أن ترحل عنها غير مأسوف عليك. للأسف صعوبة التنقل والعيش أمام العربي في العالم العربي أكبر أحيانا مما لو كان في غيره، وتشعرك نظمه بغربة بسبب العوائق القانونية التي تحاصر العربي في بلد عربي آخر... الهوية القلقة، هوية يعرفها ويعيشها كل من كان له وطن بديل، شعور خفي وقلق يعبث في نفوس البشر حين يعيشون في أوطان ليست لهم، فهو يعيش غربة طارئة ليصطدم بغربة أخرى عندما يذهب لبلده.. ورغم انني أحببت الحديث عن اسمرا، وتاريخها ونضالها وحميمية أجوائها، و الحديث عن حياة وعادات وملامح الشعب الارتيرى ، والكثير من الشخصيات الادبية والفنية والسياسية والتاريخية التى لعبت ادوار هامة فى مرحلة حرب التحرير، فهو يعرفنا على الجَبَنة أى الاسلوب المحلى لاعداد القهوة فى ارتيريا ،فيجعلنا نتشوق لتذوق القهوة التى تعدها جدته المحافظة على تقاليد وعادات كثيرة ، وعلى طبق الزقنى الطبق الارتيرى الشهير .
استمتعت باسلوب سرد الاحداث بسلاسة دون تعقيد فى الحبكة، لغة جميلة اضفت شاعرية جميلة على الرواية والمقارنات الثنائية والأحداث بخطين متوازيين بين جدة وأسمرا عزفت بشكل بارع وجميل، ووهي إشارة إلى وعي الكاتب بالفن والسرد، رغم وجود بعض الفصول المجانية التي لم تقدم شيئا للنص.
ولعل اكبر مفاجأة في الرواية هو اشارة الروائى للاصول الحبشية للشاعر الروسى الكبير بوشكين اذ لم يكن ليخيل لي يوما بأن الشاعر الروسي " بوشكين " من أصل أرتيري .. وان النصب التذكاري الشامخ في قلب " أسمرا " المدينة الأرتريه المعتّقة بأنفاس القهوة الإيطالية.. و أصوات المآذن العثمانية لبوشكين هدية من الروس أنفسهم كاعتراف بالجميل. فالمعلومة وان كانت غريبة فهي مدهشة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟