الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدخل لماهية الحرب الثقافية

عمر يحي احمد

2016 / 2 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


المقدمة :

مثلت ظاهرة الحروب والصراعات من أهم الخصائص التي ميزت الوجود الإنساني منذ القدم وهي ظواهر متعددة الأسباب حتمية الوجود وآسعة التأثير ، ولما كان الإنسان لايمكن له إن يتجنب الحروب والصراعات لذلك سعي منذ فجر التاريخ إلي إكتشاف وصنع أدوات وطرق ليحمي بها نفسه ، ويبدو من خلال التتبع التاريخي لطبيعة شكل هذه الصراعات والحروب التي واجهها الإنسان قد إختلفت في طرقها وأشكلها .
علي هذا الاساس فقد إختلفت الوسائل التي واجه بها الإنسان هذه الحروب حتي تمحورت حول مجموعة من المبادئ والخطوات أطلق عليها اسم نظريات الحرب ، وتعد نظرية الحرب الثقافية أحد هذه النظريات ، فماهي طبيعة وخصائص هذه النظرية وماهي مراحلها وأهدافها ؟ .

أولاً : مفهوم الحرب الثقافية

هي أن تشن قوة ثقافية حرباً على المبادئ الثقافية لشعب من الشعوب، لتنفيذ أهدافها الخاصة بها وتمثل الحرب الشعبية منظومة من المبادئ السياسية والاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وانظمة مختلفة مثل الأنظمة الإعلامية والمعلوماتية، أنماط السلوك ومناهج الحياة. فهي حرب ثقافية : لانها موجه إلي الثقافة وشعبية لانها لاتقتصر علي الدول فقط أو لايشترط ان تقوم بها دولة بصورة رسمية أو لانها موجه الي جميع الشعوب .

يتضح إن الحرب الثقافية هي إغارة و حرب إستراتيجية يقوم بها الأعداء على أمة من الأمم بأساليب مختلفة ووسائل عديدة لتدمير قواها الداخلية والأخلاقية، والفرق بين الحرب الثقافية وبين الحرب العسكرية هو إن الحرب العسكرية تأتي للقهر وتحقيق أهداف استعمارية دون رغبة الشعوب وغالباً ما تسعي لتحقيق أهداف مادية مؤقتة وتستهدف موارد الدولة ، أما الحرب الثقافية فهي تسعي لتصفية العقول وتستهدف إنسان الدولة .

ثانياً : أهداف الحرب بالثقافية :
1. الحفاظ علي الثقافة الاصلية للمجتمع ومنعها من الإندثار .
2. نشر هذه الثقافة في المجتمعات الاخري .

ثالثاً : وسائل الحرب الثقافية :
المواجهة المباشرة ، الكتب الثقافية ، جميع وسائل الاتصال من انترنت واذاعة و صحف ، مجلات ...الخ .

رابعاً : أسباب إنتشار الحرب الثقافية
1. إنتشار وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .
2. تطور وسائل الاتصال والنتقل كماً ونوعاً .

خامساً : خصائص الحرب الثقافية :
1. هي حرب تتسم بالهدوء وعدم اثارة الضجيج ولفت الانتباه بصورة كبيرة.
2. تسعي الي اختراق البنية الثقافية المحلية، وتفاقم مخاطر الاستلاب والغزو والاستعمار الثقافي، بما يؤدي إلى محو الهوية الحضارية و الثقافية للأمم .
3. تقليل من قيمة الثقافات المختلفة، وفرض هيمنة ثقافة واحدة، ألا وهي ثقافة القوى المالكة لمراكز توجيه آليات العولمة، وهي الثقافة الأمريكية في الوقت الحاضر .
4. التي تتمثل في: ( الدين واللغة والتاريخ والعادات والتقاليد والأخلاق)، بما تنطوي عليه من الترويج لقيم معينة لحضارة معينة

سادساً : اركان الحرب الثقافية :
الركن الأول: ويتمثل في السعي الي استبدال الثقافة المحلية (الثقافة الوطنية الخاصة بشعب ما) بالثقافة الأجنبية .
الركن الثاني: ويتمثل في الهجوم الثقافي على مرتكزات وقيم ثقافة الشعب بوسائل مختلفة و مصادر متعدد في داخل بلدنا او خارجها مثل انتاج الأفلام والمسلسلات التمثيلية التي تتسق مع أهدافهم، ونشر الكتب والمجلات التي تغذى بتوجيه خارجي .
إن من أهم سلبيات الركن الاول للحرب الثقافية هو تحويل الثقافة نفسها ومؤسساتها إلى سلعة، وأمام إشاعة ثقافة العولمة ذات الطابع الإنتقائي و المؤامرة والمتجهة إلى إقصاء الثقافات الأخرى، من خلال قوتها المالية وقدرتها على الإنتاج والتوزيع، لا من خلال قيمتها الثقافية أو منافستها الثقافية.

سابعاً : أبعاد الحرب الثقافية :
تأخذ الحرب الثقافية بُعدين أساسين البُعد الأول بُعد سلبي : يتمثل في السعي الي تغيير او تحويل الثقافة الأصلية للشعب والتقليل منها حيث يري كثير من الباحثين إن الغرب الرأسمالي هو الذي ابتكر مفهوم الحرب الثقافية ، وهو الذي حدد لها مضامينها وهويتها، ومكوناتها الفكرية والاقتصادية، وهو الذي يقود حركتها في العالم، ويروّج لهذا المفهوم. وهذا أحد أهم مصادر التوجس والخوف الذي تظهره الأمم والحضارات تجاه قضية الحروب الثقافية لأنّ الغرب لا يريد إلاّ أن يرى نفسه وحضارته في هذا العالم، ولازالت نزعة التمركز حول الذات هي التي تشكل عقليته، وإنّ تاريخ علاقاته بالأمم والحضارات كان محبطاً ومروعاً للغاية، حين أظهر سلوكاً استعمارياً متوحشاً، وحول ثقافته إلى ثقافة مهيمنة ، الا نها في ذات الوقت تحمل بُعداً إيجابياً تتلخص أساسيااهخ في الاتي :

1. تتيح أمكانية مناقشة مبادئ الثقافة الداخلية و المذاهب الفكرية الوافدة، والتصدي للحركات الفلسفية الهدامة.
2. زيادة الوعي الثقافي و السياسي لدى الشعوب، وزيادة قدرتها في التأثير علي مجريات الأحداث.
3. إن هدف الحرب الثقافية هو تدمير الهويات القومية، والثقافة القومية للشعوب الا انها يمكن ان تكون بمثابة مصدر اساسي لتقوية الثقافة المحلية من خلال دفع الشعوب لتمسك بثقافتها .
فإذا كان الإعلام في السابق مرتبطا بالأرض فإن إعلام العولمة هو إعلام بلا وطن فالفضاء اللامحدود مثلما هو الوطن الجديد للعولمة فهو أيضا وطن لإعلامها إنه الوطن الذي تبنيه شبكات الإتصال الإلكترونية وتنسجه الألياف البصرية وتنقله الموجات الكهرومغناطيسية ويبدو إن الحرب الشعبية هي حرب ترسمها شبكات اتصالية معلوماتية على أسس سياسية واقتصادية وثقافية وفكرية لتقيم عالما من دون دولة ومن دون أمة ومن دون وطن هو عالم المؤسسات والشبكات التي تتمركز وتعمل تحت إمرة منظمات ذات طبيعة خاصة وشركات متعددة الجنسيات يتسم مضمونه بالعالمية والتوحد على رغم تنوع رسائله التي تبث عبر وسائل تتخطى حواجز الزمان والمكان واللغة مما يجعلها أكثر الحروب شراسة .
ــــــــــ
الاستاذ عمر يحي , جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الاستراتيجية ـ السودان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في إسرائيل- هل تتولى واشنطن تحرير رهائنها بنفسها؟ |


.. مصر.. صفعة عمرو دياب لشاب تصل إلى القضاء • فرانس 24 / FRANCE




.. بلينكن: ينبغي العمل على خطط بشأن مستقبل قطاع غزة ويجب أن تكو


.. تعرف على الأماكن الجغرافية للمواقيت في الحج والعمرة




.. المندوب الروسي بمجلس الأمن: لدينا مجموعة من الأسئلة حول مشرو