الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من انقلاب السادات على مراكز القوى ( 1971 )

سعيد العليمى

2016 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


موقفنا من التغييرات الأخيرة

لم تكن البيروقراطية البرجوازية طبقة متجاسة منذ نشأتها ، فقد تشكلت باستيلاء الدولة على المواقع الرئيسية للإقتصاد الرأسمالى فى مصر . من مجموعات وأجنحة متباينة . وكان الاتجاه السائد بطبيعة الحال هو الاتجاه الذى يهدف إلى تدعيم رأسمالية الدولة فى مواجهة الرأسمالية التقليدية ، إلى إرساء أسس التنمية الاقتصادية وتقويض أركان الملكية الكبيرة للأرض ، باعتبارها عائقاً أمام نمو السوق الرأسمالية فى الريف والمدينة ، وقبل ذلك يهدف إلى انتزاع الاستقلال السياسي والاقتصادى من الإمبريالية العالمية والدفاع عنه .
وهذا الاتجاه السائد هو الذى كان يهدف إلى السيطرة على مراكز السلطة الأخرى : أجهزة القمه ، المخابرات والمباحث العامة ، وبقية الحلقات المماثلة فى مواجهة الجماهير الشعبية ، واستكمالا لذلك كانت الواجهة السياسية " الاتحاد الاشتراكى " هى السرادق الجماهيرى لهذا الاتجاه ، وهذا الاتجاه كان هو المحدد للطبيعة النوعية للتطور الرأسمالى فى مصر . الذى نقش كلمة الاشتراكية بارزة على رايته .
وفى مقابل هذا الاتجاه عرفت البيروقراطية الحاكمة اتجاهاً آخر بمثابة يمين هذه الطائفة أكثر ميلاً إلى تحقيق الاستقلال دون القطيعة مع الغرب بل بالعمل على تحسين العلاقات بهذا الجزء أو ذاك من الرأسمالية التقليلدية . وعلى ألا يحتدم التنافس بين القطاع الخاص والقطاع العام . فالقطاع الخاص مجاال استثمارى لفائض الدخول لا بد من استبقائه . وأقل ميلاً إلى تحديد الملكية الزراعية فى الريف .

وهذان الاتجاهان ، بوصفهما ميولاً موضوعية فى الحركة العامة للبرجوازية البيروقراطية .لم يتجسدا فى الأسماء السياسية البارزة على سطح السلطة فحسب , بل فى كافة المجالات فى الحياة الاقتصادية والسياسية والإعلامية والثقافية الخ ... وهما لم يقتسما الأجهزة بحيث يقع نوع منها فى أيدى اتجاه ونوع اخر فى أيدى الاتجاه المقابل ، فلم تكن هناك أجهزة تقدمية وأجهزة أقل تقدما ، بل كان الصراع هناك بين الاتجاهين هو صراع داخل الأجهزة . ونتيجة لضمور الحياة السياسية فى مصر وهزال الأشكال السياسية التى تعبر عن التناقضات الاجتماعية فقد أخذ الصراع بين الاتجاهين طابع ما عرف باسم مراكز القوى .
أحد الرؤوس السياسية فى قمة السلطة على رأس هرم من الأتباع تغلغل فى عدد من المواقع داخل الجهاز الاقتصادى والبوليسى والعسكرى والإعلامى . وتتم عمليات التنسيق والمنافسة بين تحالف عدد من المراكز أو صراعها ، وكان الرئيس الراحل يقيم قياداته فى الفترة ما قبل النكسة على امساك الميزان فى الصراع بين مراكز القوى وترجيح جانب الاتجاه الأكثر تماسكاً فى معاداة الإمبريالية .
ولكن النضج الاقتصادى للطبقة الحاكمة فى مجموعها ، وتحقيقها الحد الأدنى من أهدافها بإرساء أسس اقتصاد رأسمالى مستقل ، وتحويلها من طبقة فى مرحلة التكوين إلى طبقة تتبلور بشكل محدد كان يقضى أن يمسك " الزعيم " بقبضة أكثر رسوخا على المواقع الرئيسية فى السلطة ، وأن يسدد الضربات إلى الأشكال المصاحبة لنشأة البيروقراطية . أشكال تعدد مراكز اتخاذ القرارت ، خاصة وأن حدة التناقضات بين الاتجاهين تميل إلى الخفوت .
فمنطق تطور البرجوازية البيروقراطية يدفعها إلى التهادن مع الاستعمار وإلى فتح مجالات أوسع أمام القطاع الخاص ، وإلى الوقوف بإصلاحها الزراعى عند الحد الذى يتمشى مع مصالح الرأسمالية الزراعية التى سيطرت على الريف بعد ضرب كبار ملاك الأرض ، مما يخلق بشكل تدريجى وبمرور الزمن أساساً لانصهار الاتجاهين داخل الطبقة الحاكمة ، رغم أنهما ما يزالان متعارضين فى معدل السير نحو حل سلمى ، وفى مدى العلاقة مع الاتحاد السوفياتى وفتح الباب لرأسمالية القطاع الخاص .
وجاءت وفاة الزعيم الراحل لتدفع بالإطار السياسى الذى تتبلور داخله الطبقة الحاكمة خطوة إلى الوراء ، لقد فقد الاتجاه الأقل استعداداً للتهادن أقوى ممثلية وأصبح من المحتم بغيابه أن يعود الصراع بين الاتجاهين ليتخذ شكل مراكز القوى .
وجاء اختيار السادات الذى كان مبعداً عن الفاعلية والسيطرة رئيساً للجمهورية تعبيراً عن أن الصراع لم يحسم بعد رغم أن ميزان الصراع كان يميل بشكل واضح لصالح الاتجاه الذى كان يمثلة الرئيس الراحل .

ولكن اتجاه الطبقة الحاكمة " ككل " إلى الحل السلمى بحكم مصالحها الأنانية وإبعادها الجماهير عن المعركة الوطنية ، والتاريخ الأسود لممثلى الأتجاه الأقل تهادناً فى مجال الاعتداء على حركة الجماهير الشعبية وحرياتها كان يفقد الصراع بين الاتجاهين فى نظر الجماهير الشعبية أى مضمون تقدمى جدير بالتأييد .
ولما كانت البيروقراطية فى أشد الاحتياج فى فترة تبلورها الحالية إلى شكل مستقر على رأسه حاكم مطلق لا يحققه صراع مراكز القوى ، بالاضافة إلى أنها فى مرحلة حاسمة من مراحل التسوية مع أعدائها التقليديين , الغرب الاستعمارى والرجعية العربية ، والانفتاح على رأسمالية القطاع الخاص وإقامة صيغة جديدة للعلاقة بينهما فقد أصبح الإطار السياسي الممزق الحافل بالصراعات والمناوشات ووليد المراحل " القديمة " فى النشأة عائقاً موضوعياً أمام مصالح الطبقة فى مجموعها لابد من حسمه .
إن المصالح الخاصة بكل مركز من مراكز القوى وكل مجموعة أو طائفة داخل السلطة البيروقراطية تأخذ وزناً وأبعاداً أكبر من مصالح الطبقة فى مجموعها نظرا للطبيعة الطفيلية للبيروقراطية .
وليس الإنقلاب الأخير ، الذى دفع السادات إلى موقع الحاكم المطلق إلا حلاً لها التناقض ، فقد أقصى عن السلطة رؤوس الاتجاه الأقل تهادناً فى مواجهة الاستعمار داخل البيروقراطية مستغلاً الاتجاه الأشد ضرواة فى إحكام القبضة البوليسية على الجماهير . بحكم كونه الاتجاه السائد والمسيطر بالتالى على وسائل القمع . باذلاً الوعود البراقه " بعهد جديد" من سيادة القانون والدستور الدائم وأمن المواطنين .
غير أن هذا الانقلاب لا يمكن تفسيره بالسيطرة المطلقة للإتجاه الأكثر استعداداً للتهادن مع الاستعمار الأميركى وإسرائيل : القضاء على رؤوس الاتجاه الأقل تهادناً لا يعنى بعد التصفية النهائية للأساس المادى والإقتصادى والسياسى له . ولم يكن هذا الاتجاه أملاً لأحد فى الاستمرار المتماسك بالمعركة الوطنية . إلا أن إقصاء مجموع ممثلية البارزين كاتجاه سياسى كامل فى قمة السلطة لأول مرة فى تاريخ مصر فتح الباب على مصراعيه لكل العناصر اليمينية الداعية إلى التهادن مع الاستعمار الأميركى وإسرائيل ، مما يعرض القضية الوطنية لأفدح الأضرار التى تنتهى إلى الكارثة الوطنية .
ومن ناحية أخرى فان البيروقراطية الحاكمة فى أضعف أوضاعها الآن فأجهزتها التقليدية البوليسية والسياسية مزعزعة والجماهير برغم النجاح المؤقت للسلطة فى الإمساك بأذانها – تهتف بشعارات الديمقراطية وتتحرك مطالبة بها .
لقد أشهر الواقع إفلاس " الديمقراطية الحقة " فى طبعتها البيروقراطية ، طبعة شعراوى جمعه وعلى صبرى والمرتدين الماركسيين ، ولكن الذين يتهادنون مع الاستعمار ويصفون القضية الوطنية لن يعطوا الشعب حقوقه الديمقراطية ، إنهم يقدمون لكل الفئات الطبقية ذات الامتيازات ضمانات لحماية امتيازاتهم فى الملكية والحياة الخاصة المطمئنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي