الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تظاهرات (الجمعة) العراقية بين الوهم والإيهام (ج2)

محمد علي الحلاق

2016 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


1- التظاهرات كأسلوب نضالي :- لقد عرف العراقيون منذ عشرينيات القرن المنصرم التظاهرات كأحد اساليب النضال الوطني والكفاح المطلبي ومارسوها بشكل بطولي وإصرار وتفاني ، وكوسيلة تعبير جماهيرية متقدمة ،عبَروا من خلالها عن آرائهم وهمومهم ومشاكلهم والقضايا والمسائل التي كانت تهم حياتهم وايضا مستقبل الوطن ومصيره .
صارت تلك التظاهرات ميادين ومدارس لتعليم الجماهير وتدريبها وتمرًسها وزيادة خبرتها ووعيها بالنضال الوطني والمطلبي وكيفية تحقيق المطالب والاهداف التي كانت تتضمنها الشعارات التي ترفع في تلك التظاهرات والتي تحددها قياداتها السياسية من الاحزاب الوطنية العراقي واحتل فيها اليسار العراقي ومنذ منتصف ثلاثينيات القرن العشرين ،اي منذ تأسيس تنظيمه السياسي (الحزب الشيوعي العراقي) موقع الصدارة والقيادة الميدانية بكل جدارة واستحقاق ،لتقدم مناضليه الصفوف وتقديمهم اكبر عدد من الشهداء الذين قدمتهم الحركة الوطنية العراقية عبر تأريخها النضالي الطويل .لقد كان تحديد الاسلوب النضالي وكذلك الشعارات المطروحة في اسلوب التظاهرات منها يتم بعد دراسة الوضع السياسي في تلك المرحلة (اللحظة) التأريخية وتحديد المسائل المركزية التي تواجه الوطن والناس سوية عند تلك اللحظة .
حيث تفاوتت اساليب النضال والكفاح الوطنيين من الانتفاضة المسلحة (كأنتفاضة فلاحي آل أزيرج ) الى التظاهرات التي شهدها العراق منذ عشرينيات القرن الماضي كما اسلفنا وحتى بداية السبعينات منه عبر وثباته وانتفاضاته كافة ، مرورا بالعصيان المدني الذي حصل في (انتفاضة الحي) البطولية عام 1956.
لقد عملت التظاهرات التي قام بها العراقيون بالعصر الحديث على تربية الجماهير على الروح الوطنية وتكريس حب الوطن وبث الوعي الوطني ،كما كرست العمل بروح الجماعة وتعميق مفاهيم الإيثار والتضحية بالنفس الغالية والعزيزة وبالمستقبل الشخصي للمناضلين ، ان كان لهم او لعوائلهم التي كانت تعد الايام بل الساعات لتخرَج ابنائها من الثانويات والكليات ليحصلوا على وظيفة تحسَن مستوى المعيشة لهم حيث كان اغلب العوائل من الكسبة والكادحين .
كما عملت تلك التظاهرات على جر العشرات من الناس الى (حومة ) النضال الوطني والاهتمام بالشأن العام .
ان روح الاقدام والتضحية والاصرار على مواصلة النضال الوطني واستمرار الكفاح المطلبي ، مهما كانت التضحيات وبشكل يومي ومتواصل من الصباح حتى المساء و المبيت في الشوارع دون تراجع عن الاهداف الموضوعة لتلك التظاهرات او القبول بالمساومة عليها مع السلطات الحاكمة آنئذ او حتى التنازل عن بعضها .
كل ذلك كان هو السبب باكتساب تلك التظاهرات القوة والزخم الجماهيري الكبيرين ، وهو ما كان يؤدي الى ارعاب السلطات الحاكمة ويدفعها للتنازل وتنفيذ مطاليب الجماهير وتحقيق الشعارات المرفوعة في تلك التظاهرات .
وهو ماحصل في وثبة كانون الثاني عام 1948 ،التي اسقطت فيها الجماهير العراقية معاهدة(جبر-بيفن)(بورتسموث) الاسترقاقية مع بريطانيا الاستعمارية ، كما نجحت بتحقيق هدفها او مطلبها الثاني وهو تشكيل حكومة وطنية ،سمحت وقتها بحرية تنظيم الاحزاب وحرية الصحافة ولو لفترة قصيرة .
لم يأتي ذلك الانتصار الكبير الذي حققته حركة النضال الوطني العراقي في تلك الفترة التأريخية ،سهلا او يسيرا ،عبر تظاهرات قصيرة لساعات معدودة فقط ،لكنه كان وبحق اكثر من انتفاضة عمت مدن وقصبات وقرى العراق كله ،وتعمًدت اثناءها وبعدها بالدم حيث سقط العشرات من الشهداء من المتظاهرين الذين كانو يزدادون اصرار على تحقيق اهداف التظاهرات المعلنة بالشعارات التي رفعها المتظاهرون والهتافات التي صرخوا بها بوجه العملاء الجلادين ،مع كل شهيد يسقط وترفعه الجماهير على الرؤوس .
وكذلك كان احد اهم اسباب انتصار الوثبة هو وجود قيادة وطنية ثورية ،لاتعرف المهادنة والمساومة على حرية الوطن وكرامة اهله وناسه ،والتي كان على رأسها في ذلك الوقت القائد الوطني والشيوعي الكبير يوسف سلمان يوسف(فهد) وبقية رفاقه من قادة الحركة ،الذين دفعوا حياتهم بعد ذلك ثمنا لأنتصار الشعب بوثبته الخالدة ،حيث اعيدت محاكمتهم مرة اخرى وهم كانوا في السجن وحكم عليهم بالاعدام ونفذ الحكم بهم بعد صدور الحكم مباشرة في 14و 15 شباط 1949 ،وهم كل من القائد (فهد) والشهداء الخالدون حسين محمد الشبيبي (صارم )، وزكي محمد بسيم (حازم) ويهودا صديق .
لقد صار جسر الشهداء في بغداد الدليل المادي والأثر التأريخي المجيد الذي شهد على بطولة وتضحية هذا الشعب من اجل حريته واستقلال الوطن وسعادة وكرامة شعبه حصل ذلك في زمن (المناضلين).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م