الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تحطمت الحافلة

رنا المحمد

2005 / 11 / 15
الادب والفن


استيقظتُ مذعورة من نومي الغير مريح على مقعد الحافلة . الحافلة تهوي نحو الأسفل ،لم أشعر بالهلع والسائق يستميت ليعدل مسارها فلا يستجيب له المقود .
الوقت صباحاً ... والشمسُ عروسٌ لم تصحُ بعد من غفوتِها ، أول ما فكرتُ به
هل سأرى لون الموت بعد قليل ؟
يقولون : مَن تفكر به لحظة التقائِك بالموت هو الشخص الأهم في حياتك .
أو الشخص الذي تشعر نحوه بعقدة الذنب .
أنا ..! فوجئتُ بحافلتي الطائرة تطير معها العديدٌ من الوجوهِ حولي .. ولم أكن يوماً جاحدة لأشعُر بعذابِ ضميرٍ تجاه أياً من البشر .
ما فكرتُ به ... كيف هو شكل الموت .. لونه .... وسامتُه .. جاذبيتُه .
الناسُ تصرخُ كلُها في الحافلة هلعةً .... ياالله .. لطفُكَ يا رب .. يا عدرا
إلا أنا ... لا .. لم يلجمُ الخوفُ لساني ... بل الترقب وسؤال
- تُرى بعد تحطم الحافلة هل سأموت ؟
ثوانٍ معدودة بل أقل من ثوانٍ. شيءٌ كلمحِ البصر ...
العمُر أصبح الحافلة التي أركبها .... وانحدر مسرعاً ، العمر والحافلة ....
معالمُ الطريق .. الأحجار والأشجار المتربصة على جانبيه كانوا الناس الذين مّروا بحياتي ... تشوهت معالمهم بانحدار الحافلة . ما يثيُر دهشتي حتى هذه اللحظة .
أن ذاكرتي لم تستحضر أياً من الوجوه في حياتي .. فقط سؤال .. هل سأموت ؟
وفوجئتُ بأُلفةِ الموت ... وأنّي لا أخافُه بل أخاف ألاّ يأتي ... فأملُ انتظاره ..
ورأيتُه ...... لم يكن قاسياً .... أبداً
لم يكن شريراً ... قطعاً
كان جميلاً .... دافئاً كدفء الحب ... آمناً كعيون من أُحب ... لكنه كان أيضاً سراباً ككل الأحلام السرابية في بلادي .
ففي اللحظة التي مددتُ يديّ لألمسه ... هربَ مبتعداً عني .... أيضاً ككل الأشياء الجميلة في حياتي . التي كلما فكرتُ بمسّها هربت مبتعدة .
الكل خاف عندما ارتمت الحافلة إلا أنا . لم أخف .....!!!
بل قتلني الانتظار وسؤال يُلحُ . ... هل سأموت ؟
تحطمت الوجوه حولي مثلّما تحطم الزجاج ... جرحَ الزجاجُ وجهي كما جرحه شظايا بقايا الوجوه حولي .
كنتَ أحمد كالموت .... لكن لا كما قلت لك يوماً ( موتي الجميل ) ....
كلاكما تخلى عني بعد أن جعلني أحبه ... تحطمتَ مع الموت في لحظة تَحطُم الحافلة
تحطمت العديد من التماثيل التي كنتُ ألمعُها ... وأعتني بها
ترنحتُ واقفة وأنا أخرج من الحافلة المحطمة....
وقفتُ بعيدا عنها أراقبُها ... أصبحت كتلة حديد ... حقا إنها كالحياة لا يُؤمن جانبها .
عدت إلى الحافلة علنّي آخذ تذكاراً بعضا من قطع الوجوه المتناثرة حولي لكن ..... كل ما كان وتحطم ذهب إلى العدم وضاع في الفراغ .
جلستُ على الأرض أرقب الناس الباكية المذعورة ...
مددتُ يدي لألملم بقايا البلور المتناثر والوجوه المتناثرة .. لأُكمل زخرفة قطع الفسيفساء التي أتكون منها ... فأُصبح كأجمل قطع الموزاييك في بلادي .
عندما تحطمت الحافلة ... أنهيتُ ترصيع أجمل قطعة موزاييك ... لتتشكل قطعة جميلة هي أنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?