الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد بين عهدين .. عهد صدام والذي بعده (2)

جعفر المظفر

2016 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


الفساد بين عهدين .. عهد صدام والذي بعده (2)
جعفر المظفر
لقد تأكد بعد سقوط النظام الصدامي أن الأغلبية المطلقة من رجالاته لم يكونوا يملكون أرصدة مصرفية أو عقارات خارج العراق. وبفعل قرار أصدره صدام حسين فإن وجود حساب مصرفي لأي عراقي بدون معرفة الدولة وموافقتها كان يؤدي بصاحبه إلى المشنقة.
إن أغلب الأموال المخزونة في الخارج كانت وضعت بأسماء اشخاص عراقيين متجنسين في الغرب لتسهيل شراء الأسلحة أو المعدات التي تلزم نشاط التصنيع العسكري أو لخدمة برامج الطاقة الذرية, وقد قام هؤلاء بتأسيس شركات واجهة لخدمة عمليات الشراء والتسويق. بعض هذه الأموال كان قد وضع برسم الصرف على عودة الحزب في حالة سقوط سلطته. وكل ما يقال عن غير هذا النوع من التخزين سوف تنقضه حقيقة أن صدام لم يكن يحمل ولو واحد بالمئة من نوايا العيش خارج العراق في حالة إنهيار سلطته, والأغلب أن تفكيره بإنهيار سلطته كان معدوما. لقد أحرق سفنه جميعها ولم يكن يثق ابدا أن الغرب سيتركه حيا في منفاه, وغالبا ما كانت تجربة شاه إيران شاخصة أمامه يوم تخلى الغرب عنه ثم رفض إستقباله على أراضيه مما إضطره بعد ذلك على اللجوء إلى مصر فلم يستفد من الثروة الكبيرة التي كدسها, ثم ترك موته السريع بسبب مرض السرطان شكوكا كبيرة حول وجود يد أمريكية ساعدت على إنهاء حياته.
عموما يمكن القول أن صدام حسين كان يرى العالم من خلال العراق فقط, ولربما يزعج هذا الرأي الكثير من خصومه ويعتبرونه يأتي من باب الثناء والمديح, غير أن الهدف منه هنا هو شرح طبيعة صلات صدام المنقطعة عن العالم بما يفسر طريقة تصريفه للمسألة المالية وبما ضيق من فرص تهريب المال العام سواء من قبل العائلة الحاكمة أو رجال الدولة والحزب والقوات المسلحة.
في هذا الإتجاه وهب صدام حسين الكثير من مسؤولي الدولة والحزب أراض زراعية كان يستخدمها البعض منهم كأماكن لهو وراحة, مثل تلك التي كانت تمتد على حزام بغداد. لقد منحهم ذلك فرص الإستغناء عن اللهو خارج العراق, أما هو فقد حاول التعويض عن حرمانه من المتع التي عادة ما كان يحصل عليها أقرانه من حكام المنطقة الذين أقاموا لهم قصورا وإستراحات في البلدان الأوروبية, وذلك عن طريق بناء قصور واستراحات رئاسية تناثرت في العديد من المحافظات العراقية مثل الموصل والبصرة والحلة.
الواقع ان علاقات العراق مع الخارج كانت تراجعت كثيرا بالتناغم مع إفرازات الحروب التي خاضها صدام. وبينما كان يمكن رؤية البعض من رجالات النظام وهم يتجولون في المدن الأوروبية وحتى في أمريكا إبان مرحلة الحرب مع إيران وذلك لتغطية النشاطات التي كان معظمها يصب في خدمة أغراض التسلح والتصنيع فإن هذا الأمر سرعان ما شهد إنحسارا كبيرا مع إستمرار الحرب, ثم تراجع أكثر وأكثر وحتى أنه إنعدم في زمن الحصار. ويذكر لصدام أنه كان إهتم كثيرا بالصرف على معالجة العراقيين خارج العراق حتى في أثناء الحرب مع إيران, لكنه من ناحية أخرى, لم يكن مهتما كما غيره من الزعماء بتطبيب نفسه أو أولاده في الخارج, إذ سعى جهده من أجل أن توفير وسائل العلاج في الداخل معتمدا على الجهاز الطبي العراقي في اكثر الحالات ما عدا تلك التي تستدعي وجود إستشارة خاصة.
وقد تم في الثمانينيات تعميم كتاب على جميع موظفي الدولة بشأن تحريم التعامل الشخصي مع المصارف خارج العراق, وتم إستحصال تواقيع الجهاز الوظيفي والحزبي والعسكري لأغراض الإدانة القانونية. ويوم يكون الموظف او الحزبي محاصرا بهذا الشكل ولا يملك منافذ للمتعة خارج العراق ولا يحق له قانونيا النشاط التجاري غير المرخص به من قبل الدولة, إضافة إلى القرارات التي تحد من السفر والتي تم بوجبها إغلاق الحدود تقريبا طيلة الحرب العراقية الإيرانية, مع جملة الإجراءات التي صدرت في اثناء مرحلة الحصار, مع وجود القوانين التي تنظم حركة العملة, فإن حوافز الإثراء, وبخاصة غير المشروع, تصير ضيقة جدا.
واليوم فإن بإمكان جولة بسيطة على أماكن تواجد البعثيين في ساحات متفرقة أن تدلنا على طبيعة حياتهم وأنشطتهم. لقد خرجت النسبة العظمى منهم من المولد وهي لم تختزن من المال إلا قليلا, وتوزعوا في الغالب على ساحات عربية فقيرة كالسورية والأردنية وحتى اليمنية, ولا يملك بعضهم اليوم إلا ما يقيم به أوده, ففي عَمّان مثلا تستطيع أن تتعرف على تلك القيادات السابقة موزعة على مقاهي متواضعة ومنهم من كان وزيرا أو وكيل وزارة أو كادرا حزبيا متقدما أو رئيس جامعة, ومنهم من يوجد اليوم في دول أوروبية وهو يعيش على قوانين المساعدات هناك, وهناك أيضا العديد من الكوادر التي توظفت في دول الخليج بفعل خبرتها أو تحصيلها الأكاديمي.
لكن كل ذلك لا يعني أن دولة صدام, على مستوى كوادرها, كانت خالية من الفساد المالي, غير أن المفارقة تبقى أن الفساد المالي كان قد إنتشر بين العامة بينما ضاق إنتشاره كثيرا بين صفوف المسؤولين الذين تعلموا الخوف من صدام الذي كان يعامل المسؤول الفاسد بقسوة مفرطة, وهذه المعادلة هي عكس ما هو معتاد في جميع دول العالم حيث المعتاد أن ينتشر الفساد بين صفوف المسؤولين لا بين صفوف العامة.
أما بعد أن إنهيار الدولة مع دخول قوات الإحتلال فقد ساهم البعض من الكوادر البعثية والوظيفية بالإستيلاء على ما تحت أيديهم من أموال. وأما عائلة صدام, والأقربون من أبناء القبيلة, فإن من النادر أن تعثر على وجود لهم خارج العراق, وما عدا إبنتيه وزوجته فقد تم قتل ولديه في الموصل كما تم تنفيذ حكم الإعدام بإخوته وما زال أغلب أولاد الأخوة في السجون العراقية, وكذلك إبن خال صدام لؤي خير الله طلفاح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحق
رائد الحواري ( 2016 / 2 / 16 - 18:58 )
رغم ما حصل في العهد السابق يبقى العراق أفضل ميلون مرة مما هو فيه الآن، هذا ليس بكلامي أنا بل كلام المواطن العادي، الذي قال: -كنا نذهب من البصرة إلى الموصل دون وجود أي سيطرة (حاجز) واليوم في بغداد تجد عشر حواجز في كليو متر واحد، شكرا للكاتب على توضيح رجال العهد السابق، فههم لم يكونوا يسرقون الوطن أو المواطن، رغم قسوتهم وبطشهم.


2 - الفساد
ناس حدهوم أحمد ( 2016 / 2 / 16 - 21:53 )
هذا الطاغية دمر العراق فهو الديكتاتور الفاسد الذي حكم العراق بقبضة من حديد
مثل القدافي وعلي صالح وبشار الأسد
كلهم طواغيت دمروا بلدانهم وشعوبهم كل على طريقته الخاصة
والنتيجة هي ما نراه اليوم في كل هذه البلدان التي حكمها هؤلاء المسوخ
شعوب جاهلة وبائسة تتصارع فيما بينها وتتقاتل في حروب طائفية
وعرقية ومذهبية
والصراع على أشده من أجل احتلال المناصب والسيطرة على الموارد
المالية والنفوذ
شعوب تسدد فاتورة طمع نخبها اللصوص والخونة والمجرمين
عصابات تتفرخ باسم الدين وتجند بين صفوفها شبابا يائسا لا يجد حلا لمشاكله سوى أن يقتل أو يقتل
هذا ما أفرزته الأنظمة العربية الجمهورية اللئيمة
وهذا هو مصير هذه الشعوب المخدرة بالدين والجهل والتخلف
ولا يبدو ولو بصيص من الأمل في المستقبل المنظور
ولا أحد يستطيع أن يتكهن بما هو آت في المجهول من الأيام
القادمة


3 - الفرق بين ســــــــــــرطان صدام وطاعــون العمائم
كنعان شـــماس ( 2016 / 2 / 17 - 13:33 )
الســــــــــــــرطان فقس الطاعــــــــــــون . وواقعا الطاعـــــــــون احسن من الســــــرطان لانه سريع المفعول بعكس الســــرطان والالم المدمر الطاعون لايستغرق اكثر من 3 او 4 ايام . طامــــة اهل العمائم النفســـــية هي فضيحة انهم مذبوحـــــــــــــــــين امريكيا بلا استثناء

اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني