الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنتر والريح

طارق الخولي

2016 / 2 / 16
الادب والفن


ـ انه يطلق الريح بصوت مقزز يادكتور..
انها مصيبة..
كارثة لا يمكن السكوت عنها،ان الطفل مريض بمرض فظيع ومن الممكن ان ينقل العدوي الينا..انه الريح يادكتور الا تفهم؟
ـ يبدو انكم مجانين..هكذا قال الطبيب وهو ينظر لهم من تحت نظارته الطبية المقعرة التي يحملها فوق انفه.
ـ لا يا دكتور نحن لسنا مجانين،كل الحكاية انه عنتر،انه اول اطفال ابنتي صالحة،هكذا قال جد الطفل عنتر للطبيب في ثقة اهل الريف الممزوجة بالمبالغة في الضغط علي مخارج الحروف مع فتح حرف الدال في لفظ دَكتور.
وردد الطبيب في نفسه وتردد،ماذا يفعل مع هؤلاء البلهاء.من هذا الذي لايطلق الريح.انا شخصيا اعرف احد المتزوجين حديثا لايفعل هذه القذارة امام زوجته..نعم انها قذارة،لابد ان يجمع ذلك الهواء في بطنه ويحاول ان يخرجه من فمه ،ولكنه كان يتحري من زاوية غرفة ويطلق مايريد اطلاقه ،ويتلصص حوله ربما كانت زوجته المصونة تراقبه،ثم بعد فراغ بطنه من الهواء يزفرفي ارتياح ..انه متيقن من ان معدتها نظيفة ونقية وانها لو اطلقت ريح سيكون مسكا فواحا..لايمكن ان يكون ريحها مثل ريحه هناك فرق سيدي ..
حقا انه غبي مثل هذا المعتوه الذي يجلس امامي .
وتناول الطبيب ورقة من رزمة الورق الموضوعة امامه علي مكتبه العريض وكتب نوعين من الادوية لعنتر حفاظا علي بطنه من الانتفاخ..انه مرض خطير...
مرض مقزز..
وخرج الجد وابنته صالحة حاملين الطفل عنتر ذي السنة الواحدة ،انه المدلل لدرجة الانتفاخ..لا يمكن،انه عنتر..وصالحة لا تفقه شيئا،لا تفكر في اي شئ،فقد تركت كل هذا لابيها،تركت كيانها له ووهبته راسها،فهو يتولي عنها كل شئ،ويراعي عنتر،وعنتر عنده اهم من صالحة ابنته،لقد انتظره بفارغ الصبر، وذاب خوفه بقدوم عنتر،واطمان ان اولاد اخيه لن يكون لهم حق في ماله بعد موته،الان لم يورثوه،وكل هذا بسبب عنتر،انه يخاف علي عنتر من الانتفاخ.
وتقبل الله دعاءه وشفي عنترمن الانتفاخ الذي كاد يقتل جده من القلق عليه،وبدل عنتر اصبح هناك اخ لعنتر،وعنتر الان اتم السنتين ونصف..ولاتزال اذناه كبيرة كما هي،بارزة عن راسة كانها تهم ان تتركه ولكنه متمسك بها لابعد مدي،وعنتر يسمع دبة النملة بسبب كبر حجم اذنه،وعيناه براقتين سوداوين،يشعرك عندما ينظر اليك انه دراكولا مصاص الدماء،وبدون مبالغة في اسنانه فان له نابين طويلين اطول من اسنانه وانف طويل مع فلطحة من اسفله فوق شفتيه.. هكذا كان عنتر لما بلغ السنوات الثلاث.
وذات يوم غاب عنتر..ذهب الي رياض الاطفال (الحضانة)ثم تاخر كثيرا عن ميعاد ايابه..ولم يقلق جده كثيرا فقد عوضه منصور وطمانه اكثر واكثر،ولم يعد يهتم ببطن عنتر المنفوخة دائما..الان لم يفزع لذلك الصوت الذي يصدره عنتر فيشق صمت الغرفة ويحدث رنينا ..وتدخل صالحة الغرفة بينما عقمها عنتر ولم تعد ذبابة او بعوضة تفكر في الدخول من نافذة الغرفة بعد هذه المرة..
وذات يوم ذهب عنتر (للحضانة)ولم يعد الا بعد الغروب بوقت طويل ولم يهتم له احد..انه حتما يلعب هنا او هناك..انه يهوي اللعب دائما علي اكوام السباخ ..ويهتم بكل شئ يخص الخشب من قريب او بعيد،ويحب صيد السمك في الترعة البعيدة عن المنزل ،فلديه هوايات جميلة وممتعة ولكنه لايصيد بسنارة انما ينتهز نقص المياه في الترعة ثم ينزل ويختار مكان به اسماك وينشئ سدين فيه ثم يصفي منه المياه وتغرق قدماه في الطين ثم يعود الي جده حاملا سمكة او اثنين وقدم ملوثة وملابس رثة..
لا يهم..
فعنتر شفي من الانتفاخ....
ومات الجد ..وعنتر لا يزال يهوي السباخ والطين والخشب،وصالحة تعودت علي بطن عنتر التي لا تكف عن القرقعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل