الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدسُ...لا بُدّ من إيابها (قراءة في شعر هارون هاشم رشيد)

سيف الدّين بنزيد

2016 / 2 / 16
الادب والفن


القدسُ... لا بُدّ مِن إيَابهَا (قراءة في شعر هارون هاشم رشيد)
سيف الدّين بنزيد / أكاديميّ تونسيّ

التّصدير: "أحبّكِ يا قدسُ. لا تسأليني لماذا؟ وكيف؟ وماذا أحبّ؟"
(هارون هاشم رشيد/ مفكّرة عاشق، قصائد للقدس، 1980)

في هذا الزمن المُهان، لم تعدْ القدسُ هاجسَ العرب النائمينَ السّادرين كالخشبِ، بل هي هاجسُ بني صُهيون الأوّلُ والأخيرُ. فهي كالقلادة في أعناقهم، كالماء والهواء في حياتهم، يقول شاعر النكبة والعودة هارون هاشم رَشيد: "تجيء كلّ لحظة على لسان حاخاماتهم / تجيءُ في تلمودهم/ تجيءُ في توراتهم/ تجيءُ في لَهْوهِم الماجن، في صَلاتهم/ تجيءُ في مُحاوراتهم/ تجيءُ في مُناوراتهم"، لكن للأسف لا تجيء عند العرب سوى في نفاقهم!!
وفي نصّ عنوانه "حبيبتي" استجمع الشاعرُ لرسم البعد النورانيّ لمدينته النقيّة رموز الصّفاء والطهارة وهي الوحيُ والأنبياءُ ومريمُ العذراءُ ودابة جبريل التي امتطاها محمّد الرّسولُ في إسرائه إلى المسجد الأقصى، يقول: "القدسُ / دارُ الأنبياء/ ومنزل الوحي/ (...) لا تعرف النفاق/ طاهرة كمريم العذراء/ مثل راية البُراق".
ولكن بعودة الشيطان متجسّدا في اليهودِ، عَمّ السّوادُ والظلمُ المدينة وحلّت رموز الخيانة كيهوذا الإسخريوطيّ لتعويض رموز النّقاء ونسفِ البيوتِ وتشريد العائلاتِ وتيتيم الأطفال. يقول الشاعرُ في قصيدة "مغناه":
"في القدس مَن حرق الزيتون / فالوجه المنكسرُ المحزون/ ويسوعُ ومريم والباكون/ في كلّ شوارعها يبكون/ في كلّ أزقّتها يبكون/ قد عاد يهوذا والجافون / والشّوك وأعمدة الصلبان/ والليل الحالك والطغيان/ قد عاد إلى القدس الشيطان".
ووظّف الشاعر الأسلوبَ الميلودراميّ في عدد من نصوصه لإبراز بشاعة العُدوان الإسرائيليّ كما يتجلّى ذلك في قصيدته "عيناه نجمتان"، يقول:
"أعرفه/ كان اسمُه أحمد/ (...) أحمدُ مرّ من هنا/ أحمد كان ها هنا/ في لحظة حالكة سوداء/ لا تُنسى بباب السّاهرة/ غالته/ وهو في طريقه / لروضة الأطفال / طائرة".
ومن هذه الآلام تنسابُ أصواتُ الاستغاثة. ولم يجد رَشيد حلاّ أفضلَ من الرّجوع إلى عصر النّخوة والشهامة، فاستعادَ واقعة عموريّة (224 هـ) التي انتصر فيها الخليفة العبّاسيّ المُعتصم بالله ( ت 228 هـ) على الرّوم ملبّيا نداء استغاثة امرأة عربيّة أسيرة دعت بأعلى صوتها "وامُعتصماه"، يقول في قصيدة "هذا العام":
"تسأل في مدينة السّلام / امرأة سبيّة/ ممزوقة اللثام/ تسأل عن مُعتصم يُنجدها".
ويقول في نصّ آخر بعُنوان "الصّوتُ والصّدى":
"مِن غابة الزيتون مِن أرض الهُدى
ناديتُ علّ الصّوتَ يوقظ أمّة
نامت على ذلّ وكفّنها الرّدى
ناديتُ معتصما وبيض خيوله
والجيشَ والشّعبَ الكبيرَ السيّدا"
آهٍ، أغابَ الرّجالُ أم غابت عنّا القضيّة؟ متى يطلع قائد أو زعيم قادر على إنارة ظلمة التاريخ؟ ألا نساءَ لدينا يلدن صلاح الدّين؟ آهٍ، كم نحن مشتاقون إلى شعراء مثل أبي سلمى ومُعين بسيسو وراشد حسين وتوفيق زَيّاد وكمال ناصر ومحمود درويش! كم نحن محتاجون إلى مُراجعة أنفسنا والتّكفير عن ذنوبنا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل