الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام جميل في الرائع الجميل هيكل رحمه الله تعالى

عماد صلاح الدين

2016 / 2 / 17
الصحافة والاعلام


كلام جميل في الرائع الجميل هيكل رحمه الله تعالى
عماد صلاح الدين
انتقل إلى رحمة الله تعالى الكاتب والمفكر والفيلسوف والصحافي الكبير محمد حسنين هيكل عن عمر تجاوز التسعين عاما، قضاها في عالم الصحافة والفكر والتحليل والمراقبة والكتابة، وغيرها من روائع الممارسة الهيكلية.
حين كنت اقرأ مؤلفات هيكل لسنوات خلت، استعنت بها على تطوير شخصيتي كانسان وكاتب يشتغل في التحليل الفكري والسياسي بالإضافة إلى عمله القانوني والحقوقي، كنت أجد هذا العملاق الفكري والإعلامي في معظم كتاباته، يشير بوضوح إلى مستخلصات الحكم وخلاصات التجربة السياسية في مصر وفي العالم العربي، وعلى صعيد القضية العربية المركزية قضية فلسطين.
كان هيكل رحمه الله الصحفي العربي الوحيد الذي جال فلسطين الغالية مشيا على الإقدام أثناء حرب عام 1948، كمراسل حربي.
وسجل وقائع تلك الحرب ووضع أحداثها واستخلص دروسها وعبرها؛ مدونا رؤيته في الفهم الإنساني والسياسي والثقافي القيمي في نسختي كتابيه الجيوش والعروش.
لم يكن هيكل فقيرا، كان من عائلة ميسورة ومحترمة، كان بإمكانه أن يعتلي سدة كثير من المناصب العليا في مصر وفي كل العهود؛ لكنه كان صاحب موقف وقضية؛ وكان مخلصا لمن كان مخلصا من أصحاب الهم الوطني والقومي العروبي.
مما يسجل لهيكل انه من أولئك القلة الذين يفهمون الحياة الإنسانية بحقائقها الصارخة والكبدية واعتلائها طبقا عن طبق( ولقد خلقنا الإنسان في كبد)،( ولتركبنها طبقا عن طبق)؛ لذلك كان هيكل يرفض الدرويشية الفكرية والممارسية.
كان هيكل إنسانا في فهم الطبيعة الإنسانية وتنوع ثقافتها وأديانها ورؤاها بحكم الحقيقة والضرورة.
وكان يفهم الإيمان ليس أحاديا مقصورا على دين أو ملة أو طائفة بذاتها في هذا العالم؛ فالله يحبه كل المؤمنين الموحدين به، وهو يحبهم كذلك كلهم. ويؤمن رحمه الله تعالى بالجامع الإنساني المشترك المنظم، الذي تجمعه مشتركات حقيقية، ضمن التنوع العالمي والجامعية الإنسانية الكبرى فيه.
هو مؤمن، ويريد أن يعيش في مجتمع وأمة مؤمنة كريمة حرة؛ لا ظالم فيها ولا مظلوم كسائد فكر وسلوك؛ وكذلك في نظرته إلى العوالم والمنتظمات السياسية والمجتمعية والأموية القريبة أو البعيدة.
كان هيكل يعي أن مشكلة العرب والمسلمين مشكلة معقدة وغاية في التركيبية، وامتدادها منذ قرون من التخلف والانحطاط والجهل والطبقية وغيرها أدواء؛ لذلك كان يؤمن بالامتهال في تحقيق المنجزات الوطنية والقومية، وبضرورة التراكمية في هذا الجانب، ولذلك وجدته بعد نكسة عام 1967 لم يخر صريعا أرضا ولا ناكسا رأسه ولا ناكصا على عقبيه إلى الخلف متراجعا. صحيح أنها كانت فاجعة بالنسبة له ومؤلمة إلى حد السكرة الذهول؛ إلا انه لم يغير رؤيته وموقفه؛ وبقي هو هو إلى أن توفاه الله تعالى في هذا اليوم.
أدرك هيكل ثقافيا وأخلاقيا وإنسانيا وحتى دينيا طبائع وحقائق حياة الإنسان والقوة والضعف فيه باكرا.
كثير من الإسلاميين، بمن فيهم الإخوان المسلمون، قد لا يعجبهم هيكل وفكره ورؤيته ومواقفه؛ بسبب هذا القصور في الفهم الأخلاقي والديني والاجتماعي عندهم، وغلبة شكلانية الدين واختزال صورته الكلية في الشعائر، التي يتم تحويلها عن غير قصد إلى طقوس ووثنيات.
اليوم، وبعد الذي جرى للإخوان المسلمين في مصر عام 2013، عاد عديد من الإسلاميين المحترمين والخيرين، بمن فيهم كوادر فاعلة في حركة المقاومة الإسلامية الوطنية حماس لدراسة هذا الفكر، الذي تركه لنا الإنسان الرائع العملاق هيكل. ومن نفس مدرسته لمن لا يعرف هناك الراحل عالم الاجتماع واضع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري، والأستاذ فهمي هويدي المفكر المصري الكبير والمرحوم الدكتور الطبيب الفيلسوف مصطفى محمود الذي اختص بجناح النفس والإنسان والعلاقة بالخالق والكون رحمه الله تعالى؛ هؤلاء وغيرهم عديدون من نفس المدرسة الانطلاقية في عالم الحياة، وكل كان- بالطبع- في مجاله.
باسمي وباسم الشعب الفلسطيني وباسم العالم العربي ننعى فقيدا بحجم تاريخ عصر وأحداثه، سائلين الله تعالى أن يحشره مع زمر المؤمنين وحسن أولئك رفيقا
محام وكاتب- فلسطين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر إسرائيلية تتحدث عن مفاوضات جديدة بشأن الهدنة في غزة


.. شاهد| مسيرة في شوارع دورا جنوب الخليل ابتهاجا بخطاب أبو عبيد




.. مقتل طيار بالقوات الجوية البريطانية بعد تحطم طائرة مقاتلة


.. دمار هائل خلفه قصف روسي على متجر في خاركييف الأوكرانية




.. حكومة السلفادور تلعن نشر آلاف الجنود لملاحقة العصابات