الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخراج ضحية الإرهاب من جديد : من -ثيو فان كوخ- إلى -مصطفى العقّاد-.

حليم الخوري

2005 / 11 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


بالأمس، استهدف الإرهاب الأعمى حياة المخرج السينمائي الهولندي القدير ثيو فان كوخ، عندما اغتاله أحد المجرمين المتطرّفبن في وضح النهار في أحد شوارع العاصمة الهولندية أمستردام، بطعنه وإطلاق النار عليه، وذلك بسبب فيلمه الجريء بعنوان "الخضوع"، الذي تناول فيه موضوع اضطهاد المرأة وهدر حقوقها الاجتماعية والإنسانية في المجتمعات العربية، بحجّة مخالفة العادات والتقاليد والأعراف الإسلامية. فاهتزّ المجتمع الهولندي بأسره لهذه الجريمة النكراء واللاأخلاقية، كما استنكرتها جميع الفعاليات الثقافية التي تؤمن بالإنسانية وترفض بشكل مطلق مبدأ القتل وتصفية الآخر لمجرّد الاختلاف معه بالرأي أو الفكر أو المعتقد.

واليوم، وبعد مرور عام تقريباً على تلك الحادثة المروّعة، يخطف هذا الإرهاب ذاته، وإن بأسلوب آخر، حياة المخرج العربي والعالمي الكبير مصطفى العقّاد، على أيدي حفنة من السفلة والمنحطّين، الذين يدعون أنفسهم حماة للإسلام ولحضارته، والذين برهنوا مجدداً، من خلال عملهم الشنيع هذا، عن مدى إساءتهم لدينهم وعدائهم للإنسان والإنسانية على حدّ سواء، وأثبتوا مرة أخرى عجزهم المطلق عن فهم معاني العدالة والتسامح والتضامن والتكافل في وجه الأعداء والمستعمرين، التي كان إسلام العقّاد يعبّر عنها، والتي انعكست جليّاً في اثنين من أضخم إنتاجاته السينمائية على الإطلاق، هما فيلمي "الرسالة" و"عمر المختار".

إذن، مثقّف آخر مؤمن بالعروبة الحقّة ومناهض للمؤامرات الصهيونية وعدو للجهل والتخلّف ورافض للانغلاق والتقوقع والتحجّر الديني، يسقط مجدداً ضحيّة التعصّب والتطرّف الأعميين. هذا المبدع العربي الذي حاول جاهداً طوال حياته الفنية، لا سيّما بعد دخوله هوليوود من بابها الواسع، أن يقدّم أفضل صورة للعرب والمسلمين في الغرب، بعد أن ساهمت التصرّفات الإجرامية لبعض الجماعات والمنظمات الإسلامية المتزمّتة المشحونة نفوسها بالعصبية والهمجية والجهل المدقع، كالتي خطفت حياته (وحياة الكثيرين من الأبرياء الذين كانوا متواجدين معه في أحد الفنادق الأردنية لحظة وقوع الانفجارات الإرهابية في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 2005)، بتشويهها.

لقد هوى مصطفى العقّاد، فهوت معه معالم تراث ثقافي وحضاري وفكري كبير. تراث مشرق وغنيّ بمعاني القومية العربية والانتصار ضد الاستعمار الغربي وإبراز الصورة الحقيقية للحضارة العربية والإسلامية العريقة في مختلف المجالات العلمية والفكرية والرفض المطلق بالتالي لكلّ الآراء التي تصوّر العالم العربي والإسلامي على أنّه عالم سطحي ومتخلّف وجاهل.

أجل، إنّها لمفارقة غريبة حقّاً أن ينتهي مشوار الرجل الذي وهب حياته وسنيّ عمره في سبيل تقديم لوحة مختلفة عن الإبداع الثقافي العربي، البعيد كلّ البعد عن صور التخلّف والانحطاط والرجعية، على أيدي حثالة أعمى بصيرتها الجهل والحقد والغباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح