الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على العراقيين ان يعترفو بأخطائهم

رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)

2016 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


على العراقيين ان يعترفو بأخطائهم
كلنا نتسائل من المسؤول عن ما حصل ويحصل في العراق ومن المخطيء ، المخطيء او صاحب الخطأ الذي هو من لدن الطبقة او الفئة المدنية المثقفة في العراق . لن يبرأ المثقفون من ذنب انهيار العراق الى الهاوية التي هو فيها اليوم ، فمنذ اعلان الدولة المدنية في العراق كان يجب وضع الخطط من قبل المفكرين والمثقفين في نقل الثقافة والحضارة والمدنية الى ابناء الريف والعشائر الذين جذبهم العمل إلى بغداد (والحال ذاته في البصرة والموصل) من اجل الوصول الى توازن ثقافي وحضاري بين افراد وفئات المجتمع والشعب .. لا أن يتم احتقارهم وتركهم يخلقون عازل او (gettos) في مناطق الثورة والشعلة والحيانية ووادي عكاب في بغداد ناهيك عن ما حصل في باقي المحافظات والاقضية والنواحي .
النتيجة الطبيعية انهم وبحكم السلوك البشري الطبيعي عند انعدام الثقافة والتوجيه ، كانو يمارسون حياتهم الطبيعية المترافقة مع الاهمال في ان يتكاثروا ، وهمهم في الحياة المتعة الذاتية الشخصية وما يقسم الله لهم من الغذاء والتوجه الى العبادة وبقوا على هذا الحال لسنين طويلة وطويلة جدا حتى أصبحوا الأكثرية وعند الاحتلال الامريكي في 2003 وحيثياته المعروفة ، سنحت الفرصة للمعزولين لأحتلال ما خلفه الاحتلال من فراع كبير ، وسهل ذلك ما قام به الاحتلال (بشخص بريمر وقبله كارنر) بهدم اهم ركائز الدولة العراقية (الجيش ، الشرطة ، الهيكل الاداري للدولة) عندها برزت الامراض الاجتماعية بوضوح في غياب الشرف والذمة والضمير.
هاجم الريف بتقاليده وميوله ورغباته وقناعاته ومبادئه التي يحملها اشخاصهم المجندين حاملي لواء الحرية المزعومة وفق مفاهيم شكلية تلقوها من مثقفيهم ، هاجم هذا المد الشعبي المدنية الادارية للحياة الاجتماعية للجمهورية العراقية ، واحتلو مناصب القيادة والسيادة ، بينما هاجر اكثر من 5 مليون عراقي اغلبهم من ذوي الخبرة والاختصاص في القيادة والادارة والتخطيط .. هربا من البطش والقتل ومن بقي منهم توارى عن الانظار ليحافظ على حياته من اتهامه بالحزبية او انه من ازلام النظام السابق .. وسادت الغالبية الجديدة الممثلة بالتيارات الشعبية و فرضت قواعد لعبتها وتسيدت مع بعضها بقناعاتها في الطائفية والمذهبية والعرقية والاثنية وكل ما يساعد الشعب على الانحسار على شكل كتل متفرقة ، اعتقادا منها ان ذلك يمنحها القوة الذاتية من اجل حماية وجودها وديمومتها مقابل القوى المحلية المشابهة لها ومواجهة الكتل الاخرى في الساحة المنفتحة للجميع بلا ضوابط او قوانين ، لذا تجد الصورة العراقية اليوم واضحة المعالم والحدود اللونية المعبرة عن المذاهب والاعراق مع وجود بعض الفئات التي لا زالت في محاولاتها المستميتة لتوجد لنفسها مكان للتنافس ، ويبدو هذا الوصف جليا في انحسار المحافظات بصبغات مذهبية فهناك محافظات سنية ومحافظات شيعية وكردية وتحاول الاقليات الاخرى ان تجد لها مكان في خارطة التوزيع المكاني على اساس المذهب او العرق كالايزيدية والصابئة والتركمان .. لذا نجد و بخلاصة التعبير ان الريف اصبح يحكم المدينة ، وللدقة ، وحسب المفاهيم المتداولة للعراقيين ، فأن من يطلق عليهم اسم الشروك (*) وكذلك الدليم (في بغداد ومناطق الوسط) و العربان (في الموصل) وأيضا الشروك والمعدان في البصرة. . بمعنى اخر شروك الشيعة وشروك السنة اذا ما اردنا الوصف بالاسلوب العراقي الذي يقصد منه من حرمو من الثقافة والحضارة والتوجيه والاهتمام .
كل هذه القوى البشرية المعدمة سعت ولا زالت الى تشكيل ميليشيات شيعية ومليشيات للسنة من وحدات وقوى العشائر وولدت منهم داعش ، كلاهما وجهان لريف العراق الذي يريد فرض طريقة حياته على البلد وحماية وجوده وقد حققوا اهدافهم بالقوة والتعاون والتكاتف مع بعضهم وساندهم في ذلك المراجع الدينية ورجال الدين والمساعدات اللوجستية الخارجية من ايران واميركا واسرائيل والسعودية وتركيا وغيرها ، كل وفقا لمصالحهم الاستراتيجية.
ونظرا لأفتقار هذه القوى المتصارعة داخليا الى الخبرة في السياسة والقيادة والادارة ، انتشرت الفوضى وعم الخراب وانتشر الفساد والرشوة وخراب النفوس وغابت الاخلاق ومقاييس الشرف والرجولة ، رغم اننا يجب ان نشير الى ان هناك مثقفين وسياسيين على مستوى عال بين احزاب حاولت الاستحواذ على الحكم وبناء دولة اسلامية بأسلوب ديمقراطي كحزب الدعوة والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق واتحاد القوى ، الذين يضمون شخصيات مثقفة وبخبرات عالية لكن هذه الاحزاب فشلت امام الكثرة الجاهلة من الشعب والقادمة كما قلنا من منابع الريف المعزول والمحروم من الثقافة والحضارة .. وفشلت كل المحاولات .. لا بل ازدادت سيطرة حكم الجهل وطبعا على طريقتهم في السلب والنهب والقتل والتمثيل ويقودهم خيرة ممثليهم المعروفين في الساحة اليوم.
هذه هي النتيجة يا مثقفي البلد المذنبين بحق هذا البلد. سيسجل التاريخ هذا الذنب الذي عانى منه كل الشعب العراقي من سنوات طويلة قد تمتد الى زمن غير محدد ، لن يبرأ المثقفون من هذا الذنب الذي اصبح اكبر جريمة في التاريخ بحق الوطن والشعب.

(*)الشروقيون .. أوشروگيون أوالشروگ.. كما تلفظ في اللهجة العراقية العامية هي كلمة تستعمل في العراق تعني الشرقيين ترمز إلى فئة اجتماعية كانوا يسكنون في الصرائف والأكواخ الطينية العشوائية على أطراف بغداد الكبرى. وأصل التسمية يرجع الى الشروقيين والمشتقة من كلمة الشروق أي جهة الشرق ، وهذه التسمية أطلقتها قبائل الفرات الأوسط على قبائل شرق نهر دجلة حيث كانت قبائل الفرات تنظر إلى قبائل شرق دجلة نظرة لا تخلو من الدونية ، حيث أن قبائل الفرات الأوسط تعتبر أن قبائل دجلة قد انحرفت عن سجاياها البدوية وتغيرت تقاليدهم وعاداتهم ويعود هذا التغير إلى أن قبائل دجلة قد انقطعت صلتها بالبداوة كما أنها أكثر اتصالاً بالحكومات المتعاقبة إضافة إلى ترددها على المدن وامتزاجها مع الخليط المدني. (المصدر من ويكيبيديا).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟