الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة الكَنْزِ المَخْفِيِّ

حفيظ بورحيم

2016 / 2 / 18
الادب والفن


يُحكى أن العربي بن أبي فرحات كان رجلاً غامضاً ارتبط اسمه بالكنز والجن؛ لأن الناس كانوا يرونه متوحداً وغريب الأطوارِ ولا يرونه في احتفالات إسمكان الموسميةِ، وكانَ يَسْكنُ بيتاً صغيراً مِن بيوتاتِ تمَاعيتَ، ويخرجُ دائماً إلى الحقولِ لاَبساً جلباباً أزرقَ مُتسخاً، ويُطيلُ فِيهَا الجُلوسَ تحت شَجرةِ زيتونِ، حتى يأتيَ المساءُ فيعود إلى بيتهِ تَعباً.
وكان الأطفال يَستغربونَ منه دائماً وهم ينظرونَ إليهِ عَنْ بعدٍ بأعينِهم البرَّاقة، وينتظرونَ أنْ يَرَوا فِعلاً غريباً يَصدُرُ منه حتى يرْشِقُونَه بالأحجَارِ التي جَادَتِ الطّبيعَةُ بِهَا عَلَيهِم.
وكان هو ذكياً ويَعلمُ جيداً طبَائِع سُكان تلك المنطقة ويعلم خبايا نُفوسِ أَبنَائِهِمْ، ويحذَر مِنهُمْ، ولا يثق في أحَدٍ غيرَ تلك الشّجرةِ التي يَجْلِسُ تَحتَها نَاسياً العالمَ والناسَ دونَ أنْ يَغفَلَ، معَ ذلك، عن مكرهم وغدرهم؛ فقد كانت له قدرة عجيبةٍ على التبصُّر والحذَرِ لمْ تُؤْتَ إلا للقلةِ منَ الحكماءِ.
وذاتَ مرة وهو جالسٌ أَبصرَ ثلاثة أطفالٍ قادمينَ إِليهِ. اِسْتقْبَلَهمْ بِابْتِسَامةٍ وديعةٍ فقالوا له:
ـــ أبُونَا إمامُ المسجدِ يُرَحِّبُ بِكَ في بيتنَا؛ لتناولِ طَعامِ العشاءِ، فعليكَ إذنْ بِالحضورِ.
وعندمَا سَمع أن أبَاهُم إِمامُ مسجدٍ، رفعَ رأسه، ومسحَ لحيته، وفتح فمه وبصق على راحتيه معاً، وأجابهم:
ـــ حاضرٌ إِنْ شاءَ اللهُ.
بعدَ صلاةِ العشاء، كانت زوجةُ المُضيف الذي يُدعى عبدَ الله قد أعدتْ المائدةَ، ووضَعتْ صحْنينِ من البيصارة وصينيةَ شايٍ، فقدم الزوج بعدما أدى صلاته، وجلس ينتظرُ الضيفَ، وبعدما أتى رحّب به وأجلَسَه مُبتسماً في وجهه، شاكراً له الحضورَ. فكانَ العربي مُرتاحاً هَادئاً.
فقال له المضيف:
ــــ لنأكل يا سيدي !
ثم غمزَ لزوجتهِ، فغمزت له بدورها وغادرتْ معَ أبنائِها لتترك الرجلين وحدهما .
أكلا معاً حتى الشبع، وسرعانَ ما شعرَ العربي بالنعاسِ يخِزُ عينيه ويُرخِي رباط يقظتهِ، فنام على الحصير وهو يشْخُر. فرِح المُضيف فتوجّه نحوه في حذرٍ، وطفِقَ يبحثُ في جيوبه عن مفتاح بيته، حتى وجدَهُ فقال لزوجته :
ـــ لقد نجحتِ الخطة !
ثم بدأ يحَرِّك رأسه إلى الأمَامِ والخَلْفِ، وفي دَوَرَاتٍ مُنتَظِمةٍ مُقلِّداً العبيدَ الذين يُجِيدُونَ الرَّقْصَ في المَواسِم المَعْلُومَة، وغنَّى مَقطعاً من أغنية للبنسير فَرِحاً بالمالِ الميسور الذي سيحصل عليه.
تسلل هو وامرأته وأبناؤه الثلاثة خارجين من البيت عابرين الطرق التي تتخللها الأشواك، حتى وصَلُوا إلى بيته وفتحوه، وعندما دخلوا ليبحثوا عن الكنز العجيب لم يجدوا شيئاً غير الكتب والمخطوطاتِ تملأ كل مَكانٍ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري