الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دائماً يستفيق العرب بعد فوات الآوان

سهيل حداد

2005 / 11 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


لقد تمت عملية التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي قامت بها مجموعة من أتباع الزرقاوي في الأردن واستهدفت عدد من الفنادق وذهب ضحيتها العشرات من القتلى والمئات من الجرحى تحت مرأى ومسمع كل الأجهزة الأمنية الأردنية التي لم تستطيع أن تفعل شيئاً حيال ذلك. هل هذا يعني ما حدث هو تقصير من هذه الأجهزة أم أنه عجز كامل حيال مثل هذه العمليات الإجرامية التي تستهدف مرافق مدنية وأرواح بريئة.
وهنا يبرز تساؤلات كثيرة، ما هو هدف ومبررات هذا النوع من الجرائم ضد الناس الأبرياء بالتحديد بغض النظر عن انتماءاتهم وعقائدهم، هل من أجل الإرهاب بحد ذاته وترويع الناس وإخافتهم ؟ من ماذا ولماذا؟. أم من أجل تبرير مواقف لاحقة تتخذها الدولة التي تمت على أراضيها بحق فئة معينة من الأشخاص كما يحصل بعد كل عملية من هذا النوع كما نرى، أم من أجل إظهار أن هدف الإرهاب ليس محدد أو محصور في بلد أوجهة معينة أو طرف محدد.
وهذا ما يقودنا أيضاً للتساؤل كبير ومقلق للغاية كيف استطاع الزرقاوي و أتباعه أن يفعلوا كل ذلك والعراق محكوم بيد من حديد ونار من قبل الجيش الأمريكي وأجهزته المخابراتية من جهة ومن قبله بن لادن في عدد من المدن الأمريكية والأوروبية، ومن جهة أخرى كيف استطاع هؤلاء المجرمين أن يخططوا وينفذوا لهذه العملية في بلد كالأردن يعرف عن أجهزته الأمنية الحذر والدقة والقوة ولديها الخبرة الواسعة في التعامل مع مثل هذا النوع من العمليات. هل هذه الأجهزة الأمنية كانت عاجزة في حقيقة الأمر عن اكتشاف العملية قبل وقوعها وهي سيدة الموقف على أرض الأردن وهو ساحة عملها، أم أنه عجز كامل ومبرر في التعامل مع مثل هذا النوع من العمليات الإرهابية التي يقول رئيس وزراء الأردن بأنه خطط لها بدقة، والدليل بأن المرأة المقبوض عليها كانت ترتدي لباساً خاصاً في مناسبات حضور حفلات الزفاف، وهذا يعني أنه كان هناك استطلاع ومعرفة زمنية ببرامج عمل ومواعيد هذه الفنادق من حفلات وغيرها، وهذا يتطلب فترة طويلة من الزمن في التحضير. هذا يعني بكافة الأحوال بأنه مهما كانت قوة الأجهزة الأمنية وباعها الطويل وتجربتها مع مثل هذا النوع من الجرائم يمكن أن تتم عمليات من مثل هذا النوع بدون معرفتها أو تورطها المباشر أو غير المباشر.
بالرغم من اختلاف الظروف والتوقيت لأية عملية إرهابية، لا يمكن لأحد أن يتهم أي جهة أمنية في تقصيرها أو تورطها إذا لم يكن هناك أدلة مادية دامغة وثابتة، ولكن مثل هذا النوع من الجرائم الذي تكرر في عدد من مدن العالم يستدعي حالياً التوقف ملياً أمامها والبحث عن أسبابها والجهات الحقيقية التي تقف وراء منفذيها ومخططيها وتقدم لهم الدعم اللوجستيكي والمادي. ويتطلب أيضاً أن تشكل الأمم المتحدة ومجلس الأمن لجنة لتقصي حقائق لمعرفة من وراء حرية واليد الطولى للمسمى أبو مصعب الزرقاوي وأتباعه في العراق، وخاصة أن العراق ليس فقط تحت وصاية أمريكية وغربية بل تحت الاحتلال الأمريكي العسكري بكل ما يملكه من عتاد وأفراد وأجهزة أمنية وخاصة عناصر وكالة المخابرات المركزية والموساد. أم أن ما حدث في لبنان هو وحده الذي يستدعي كل هذه اللجان والتهديدات والعقوبات ضد سورية واتهامها ومحاولة توريطها بجريمة اغتيال الحريري فقط بسبب تواجدها العسكري في هذا البلد ساعة وقعها، وفي حالات أخرى تكتفي هذه الجهات بالتنديد والتعازي، والتعاضد والتآزر وتدعو لمحاربة الإرهاب وجذوره الذي لم نكن نعرفه بهذا الشكل قبل تفرد الإدارة الأمريكية ومحاولتها الهيمنة والسيطرة على القرار الدولي وتحديد مصير الشعوب ونهب ثرواتها.
بالطبع أول المنددين بهذه الجريمة الإرهابية التي استهدفت الأردن كان رئيس الإدارة الأمريكية ووزير خارجيته كواجب ليس إلا وهذا الأمر ليس فقط مندد به من كل مواطن عربي غير مضلل به بل هو فعل منبوذ ومرفوض.
ولكننا بالمقابل لم نسمع سادة البيت الأبيض حتى التنديد بالأفعال البشعة من إرهاب دولة وقتل وتدمير يقوم بها المجرم شارون ضد الشعب الفلسطيني، ولماذا لا يندد هذا الكابوي الأمريكي بجرائم عملائه في العراق الذين يغتالون الشرفاء والوطنيين من الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم؟.
ثم لماذا لا يشكل مجلس الأمن لجنة تحقيق دولية عن تورط الجيش الأمريكي ورئيسه في عمليات التفجير التي تطال كل الشعب العراقي بلا تمييز؟. والتي طالت ممثلي الأمم المتحدة والسلك الدبلوماسي في بغداد. أم أن وكالة المخابرات الأمريكية المركزية والموساد وكل أجهزة المخابرات الغربية والعربية المتعاونة مع أمريكا لا تستطيع تحديد مكان الزرقاوي وأتباعه أم أنها من وقت لوقت تزف لنا أخبار عن اعتقال معاون الزرقاوي، ومرة سائقه ومرة أخرى مراسله الخ.. والمذهل وهذا ما يدعو للسخرية هو قدرة هذه الأجهزة الجبارة على إيجاد فردة حذاء الزرقاوي أو صوره أو جزء من حقيبته الشخصية أو زر بنطاله... ولكنها غير قادة أو عاجزة عن إيجاده كما هي غير قادرة على إيجاد بن لادن والملا عمر .... ولكنها بالمقابل استطاعت أن تجد صدام حسين في حفرة بعد فترة احتلالها للعراق، وقتلت ولديه وقتلت واعتقلت معظم أركان حكمه.
ألا يعتبر ذلك مهزلة حقيقة وأن هناك شيء ما لا يمكن فهمه في كل هذا المشهد الذي تجري أحداثه في منطقتنا ويسوق للمجتمع الدولي بأسره كما تريد هذه الإدارة. والجميع بات يعلم ويدرك ويعي بأن كل ما يحصل يخدم مصالح الإدارة الأمريكية وخططها ويساعدها على تنفيذ أجندتها ويجدد من وقت لوقت ويرسخ أسباب وجودها وتدخلها في كل أمور المنطقة بحجة وذريعة محاربة الإرهاب الدولي؟.
والغريب بالأمر دائماً الإدارة الأمريكية تصور وتركز بعد كل عملية على كلمة الإسلام وإظهاره كدين يحلل القتل والجريمة وهي تعلم علم اليقين أنه براء من كل هذه الأفعال، فهي من أوجدت بن لادن والزرقاوي وطالبان.. وغيرهم، وعليها الآن أن تنهي هذه المهزلة لأن خيوط اللعبة بدأت تتكشف لكل الشارع العربي ولم تعد أكذوبة تدخلها في العراق بسبب أسلحة الدمار الشامل التي لم يكن لها وجود، وإدعائها محاربتها للإرهاب تنفعها في تبرير ممارساتها في العراق ولبنان، وضغوطها المكشوفة والعلنية على سورية والمبطنة ضد كل الحكومات العربية بغض النظر عن مواقفها تجاه سياساتها وانحيازها وتفردها، وهي تعلن صراحة على لسان وزيرتها رايس من المنامة وعبر كل المنابر الإعلامية أنها تسعى لترسيخ الديمقراطية في الدول العربية وما يسمى الشرق الأوسط الكبير، عن أية ديمقراطية وممارسة لها تتحدث، عن العراق والذي يحدث فيه يعتبر مهزلة بحق شعبه بالكامل الذي يقبع تحت نيران الاحتلال وسطوته، وهل هناك حرية وسيادة لشعب في ظل احتلال، أم عن لبنان الذي أصبح تحت وصايتها وتتخذه قاعدة لتنفيذ مآربها ضد سورية والمقاومة، أم عن دول الخليج التي لا يوجد فيها أي نوع من الحراك السياسي الذي يسمح بنشاط أي حزب سياسي أو ما شابهه. فأي معنى للديمقراطية في ظل هذا الواقع؟ أم أن ما تعنيه السيدة رايس بالديمقراطية هو قبول الأفكار الأمريكية الموضوعة لتحديد شكل ومصير هذا الجزء من العالم بما يتماشى مع مصالحها ومصالح ربيبتها إسرائيل التي تؤهلها عسكرياً واقتصادياً لتصبح سيدة الشرق الأوسط الكبير بكل مقدراته وثرواته البشرية والمادية . فالبداية كانت في العراق، و في ما يسمى بالاتفاق النهائي للقضية الفلسطينية، ثم سورية وإيران في جبهتين منفصلتين.
كل ذلك يتم في وضح النهر وجهاراً والعرب إما نيام أو يتظاهرون بالنوم، ألا يستحق منهم ومن الجامعة العربية وقفة مع الذات ورؤية جديدة لما يخطط لهذه المنطقة ومصيرها ولمصير الأمة العربية قاطبة في البيت الأبيض وفي تل أبيب. ألا يستدعي ذلك موقف عربي موحد رافض لهذه المخططات، لأن سقوط سورية ومواقفها لا يعني فقط سقوط الحصن الأخير في مواجهة إسرائيل والإدارة الأمريكية ومخططاتهما بل يعني سقوطهم الواحد تلو الأخر أو قد يكون السقوط مدوي ودفعة واحدة وعندها لا ينفع التباكي وضرب الكف على الكف لأن الستارة تكون قد أسدلت على أخر فصل من فصول المسرحية الأمريكية.
سورية - دمشق، في 14/11/2005.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال