الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة الذنب : سياسات ألمانيا تجاه اللاجئين

إسلام موسى

2016 / 2 / 19
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، خرج عدد من المثقفين والكتاب الألمان ممن وقفوا موقف المعارضة للنظام النازي في ألمانيا يطلبون من الشعب الألماني التكفير عن الجرائم التي سببها الألمان بحق عدد من شعوب أوروبا والتي كانت مدفوعة بتأييد من قطاعات واسعة من الشعب الألماني تحت شعارات التفوق العرقي على باقي شعوب العالم، من بين هؤلاء المثقفين خرج الشاعر الألماني راينهولد شنايدر بمقولة " قد تمر على شعب مرحلة يكون فيها التكفير عن أخطائه هو الموقف الوحيد الذي يجب على هذا الشعب أن يتخذه وهو الإنجاز التاريخي الذي يحققه " بهذه الكلمات يعكس راينهولد الإحساس بالذنب الذي إنتاب طبقة المثقفين والساسة الألمان عقب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، إحساس بالذنب لضعفهم وعدم تمكنهم من إحداث تغيير في عقول الشعب وتجنب إثنى عشر عاما من الدكتاتورية النازية.

الإحساس بالذنب لازم الساسة الألمان طوال الفترة الممتدة من نهاية الحرب حتي الأن، ففي عام 1965 دار نقاش بين أعضاء البوندستاج الألماني حول النظر في مسألة تقادم جرائم الدولة النازية، وهل الجرائم التي إقترفها الألمان في الماضي ستظل مسألة يجب على الألمان التكفير عنها للأبد أم لا، ففي زيارة للمستشار الألماني السابق فيلي برانت للعاصمة البولندية وارسوا عام 1970 فاجئ الجميع في زيارته للنصب التذكاري لضحايا الهولوكوست بأن إنحني على الأرض أمام النصب التذكاري معبرا عن أسفه لما إقترفه الألمان بحق هؤلاء الضحايا، وتعليقا على هذه الواقعة كتبت مجلة دير شيبجل الألمانية في عددها الأسبوعي " إنحني المستشار لإحساسه العميق بذنب لم يشارك فيه، إنحني طالبا المغفرة من أهالي الضحايا، مغفرة ليس لشخصه ولكن لشخص ألمانيا ولجميع الألمان".

الإحساس بالذنب أحد الأسباب الذي أدى بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بنهج سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين ، في محاولة منها لإظهار ألمانيا في صورة الدولة المتسامحة التي تقبل الجميع من جميع الأجناس والأعراق، ففي شهر ديسمبر الماضي وحده تم تسجيل مليون لاجئ في ألمانيا، في أكبر موجة للاجئين تشهدها ألمانيا في تاريخها الحديث. تلك السياسات التي لاقت معارضة شديدة من قبل اليمين المتطرف الألماني الذي ينظم المظاهرات والإحتجاجات الأسبوعية تعبيرا عن رفضه لإستقبال المزيد من اللاجئين.

تقف ألمانيا اليوم في موقف أخلاقي بين إستقبال المزيد والمزيد من اللاجئين من سوريا والعراق والتغاضي عن أخطاء قلة من اللاجئين وإسقاط التهم عنهم كما حدث في إعتداءات مدينة كولونيا الأخيرة وهذا الموقف تتبناه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقطاعات كبيرة من الليبراليين واليسار الألماني، وبين موقف المعارضة الألمانية المتمثلة في عدد من السياسيين المحسوبين علي المعارضة الديمقراطية بالإضافة إلى اليمين المتطرف الذي يستقطب المزيد من الأنصار في حملته ضد وقف تدفق اللاجئين على الأراضي الألمانية وترحيل من هم بالفعل داخل الأراضي الألمانيا.

تناضل قطاعات واسعة من الشعب الألماني اليوم بدافع من عقدة الإحساس بالذنب للحفاظ على الوجه الليبرالي المتسامح لألمانيا حتي لو أدى ذلك إلى تغاضيهم عن بعض الأخطاء الناجمة عن سياسات عدم الإندماج وإختلاف الثقافات بين عدد من اللاجئين، نضال أبدى لتجنب تكرار مأسي الماضي القريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت