الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيكل ,المسافر طويلآ في الغروب

مشتاق جباري
كاتب

2016 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


رحل محمد حسنين هيكل ,العارف بأمر امته والباحث في اروقتها والمسافر بعد ذلك في الغروب , الرجل الذي اتقن الصحافة وتحليل الرؤى السياسية . وضع يده على الجراح ,مقدمآ رؤيته العميقة للأحداث, مع ابتسامته التي لاتفارقه كان قلبه ينبض حبآ بأمته وخوفآ على مستقبلها. لطلته حضور مميز يجذبك اليه عنوة ,تشعر معه انك تغوص في اعماق التفاصيل ,وقبلها في الاستراتيجيات ,من بين الرؤوس المتعددة كان رأس هيكل هو الابرع والاكثر قدرة على تقديم القراءات المناسبة وتقديم المقاربات الافضل والاكثر واقعية ,وهو (هيكل معرفي ) ومؤرخ سياسي من طراز خاص ,قادر على ان يحتفظ بجميع التفاصيل في ذاكرته ليستخلص العلاج,حين ينام يستطيع ان يحلل تفاصيل يومه ونومه ,وحين يستيقظ وهو دائم الاستيقاظ, يجمع خيوط اللعبة ,يمررها بين اصابعه, يدخلها اروقة ذهنه المتوقد ,ليخرج بأفضل النتائج ,شخص معضلات السياسة العربية وحدد الاولويات فيها ,عشق مصر واستمر برؤيتها ام لجميع العرب ,واراد لها ان تستمر في لعبها لدورها القيادي في مختلف القضايا الحساسة الا ان ذلك لم يحدث, مساهمآ مساهمة فعالة في عهد عبد الناصر في رسم السياسات ووضع الخطوط العريضة للنظام المتقدم الذي اعتقد انه سيكون ,كان اخر الرجال العارفين بأحوال الامة المريضة, مارس الصحافة الحقيقية بعيدآ عن( الترف الصحفي) الذي يشبه (الترف الفكري ) الى حد بعيد ,مقتربآ من عوالم مختلفة ,راقب في رحلته الصحفية الكثير من التحولات بدءآ من الثورة الايرانية وصولآ الى الثورة المصرية الاخيرة ,ووجد في تفوق اسرائيل وانتهاء عهد الجيوش العربية هزيمة مخيفة ولكنه سرعان ما عاد الى حيويته وتفاؤله حين اشتد عود المقاومة وبدأت تحقق الانتصارات ,استمر حتى اخر يوم في حياته في نصيحة مصر والعرب بضرورة انهاء القطيعة مع ايران وبدء مرحلة جديدة لان العالم تغير ولم يعد مجديآ الاستمرار في القطيعة التي انهاها العرب مع اسرائيل ولم تكن النتائج جيدة للعرب وللقضية الفلسطينية,لكنهم غير قادرين على انهاءها مع ايران التي ستثمر اعادة العلاقات معها نتائج جيدة للمنطقة العربية ,حين رحل لم يهتم الاعلام الخليجي لرحيله ,وهو اعلام يرى الامور بعين الامراء لابعين المهنة والمعرفة والموضوعية الصحفية وهي اشارة واضحة على عدم رغبة الخليج بنعي اخر رجال الحقبة الناصرية التي لم تكن تسمح للنظام السعودي بألتمدد كما هو اليوم على حساب مصر القوية في حينه ,والراحل ليس بحاجة الى وسيلة اعلام تعرف به ,فقد عرف هو عن نفسه ,وخطت انامله اكثر الكلمات عمقآ .واكثر الرؤى السياسية صوابية ,رجل كهيكل لايقدر الا في عالم مليء برواد الحقيقة وهو العارف اللبيب ,المتمرس بتحليل الصراعات في المنطقة ,والداعي الى ضرورة التقارب مع الروس وقبلهم السوفيت ,والابتعاد عن كل ما يضعف القضية المركزية للأمة (القضية الفلسطينية ) ,فلسطين بألنسبة له ليست فقط دولة عربية محتلة ,بل هي قطب الرحى في كل مشاكل الامة ,حتى في القضايا الغيبية البعيدة عن السياسة فان لفلسطين اثرآ ورؤية ومجال في قلبه وليس في قلمه,لذلك فان ايمان هيكل بفلسطين ايمان من نوع اخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو