الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله اليستر ..!

طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)

2016 / 2 / 20
الادب والفن


الله يستٓ-;-ر !! قصة قصيرة جدا

طالب الجليلي

كان المضيف ممتلئا بالصائمين .. لقد ادو صلاة المغرب والعشاء وتناولوا الفطور الدسم الذي اقامه الشيخ كعادته في ليالي رمضان .. هاهو الشيخ حاتم البو رهن يجلس خلف وجاغ القهوة وقد أزاح العبد جانبا ..كان يتلذذ بتقليب حبات القهوة اليمانية بتلك الملعقة الطويلة السوداء.. راحت تلك الحبات تنفجر في المقلاة وتقفز برشاقة الى اعلى وهي تصدر أصواتا انفلاقات خفيفة..كانت الملعقة تتناوب بين تقليب القهوة مرة ومرة كان الشيخ يذكي شعلة النار بتحريك العروق اليابسة المستقرة في الوجاغ ..راح العبد يداور ءالقهوة بين الدلال الذهبية المسطورة امام الشيخ ويعود يملأ تلك التي تفرغ من القماقم الكبيرة التي تستريح شامخة في مقدمة الوجاغ .. كان العبد الاخر يجلس في مدخل المضيف وراح يدق القهوة في الهاون .. دقتان .. ثلاثة في قعر الهاون مدغمة الصوت ثم دقتان على جانبه وهي تصدح بنغمة عالية .. كان فرج مدقعا بالفقر وقد اشتهر بحظه السيء ..!! كانت احاديث الناس في شهر رمضان تأخذ عادة منحى ديني ومعظم القصص التي تقص مستوحاة من قصص الأنبياء والرسل وألف ليلة وليلة ..يتخللها بين الحين والآخر حديث عن الزرع والحصص المائية والسقي وخلافات الفلاحين حوله .. كان عبد الحسين ابن فرج طفلا صغيرا ضعيف البنية ولا يفارق ابيه الكبير في السن .. جلس الى جانب ابيه مقرفصا مرة ومرة يمد نصف جسده في حضن ابيه وطاقيته لا تفارق رأسه الصغير .. قال فرج موجها حديثه الى الشيخ الذي كان لا يزال يمارس هوايته بتقليب القهوة بهدوء ويعلق بين الحين والآخر بصوت رخيم هادئ ومميز على ما يذكره المتحدثون .. حين يتكلم الشيخ يهدأ الصخب الواطئ والصادر من كثرة المتحدثين فيما بينهم .. يسود الهدوء امام ذلك الصوت المميز احتراما واستماعا لما يقوله الشيخ الذي امتاز بقلة الكلام والتروي بما يقول وما يحمل كلامه من الحكمة عادة ، اللطافة والحسجة الهادفة والمزاح احيانا لتلطيف الحديث ...
قال فرج : امحفوظ البارحه طاف علي طيف !!.. أردف .. امحفوظ شفت الله !! قال الجميع : استغفر الله .. اللهم صَل على محمد وال محمد ..!!بسمل الشيخ وأشار على الحاضرين طالبا الهدوء والسماح لفرج بأن يكمل حديثه .. قال له وهو يقلب القهوة .. اي !!
قال فرج .. امحفوظ كان سبحانه وتعالى يقف في وسط بحر ورأسه في السماء .. كان الماء يصل الى ركبتيه اللتان بانتا تحت دشداشته وقد تأزر بها وعلق اطرافها في حزامه وراح سبحانه وتعالى يغرف بكفيه الماء وينثره على الجموع التي كانت تزدحم على شاطيء البحر .. ردد الجالسون مرة اخرى : صلوات على محمد وال محمد .. قال احدهم : الثانية رحم الله والديكم ..وقال مرة اخرى : على حب فاطمة والحسن والحسين الثالثه .. هدأ المضيف رويدا رويدا وقد آثار حماسهم حلم فرج وازدهرت في نفوسهم الامال !! .. قال كاظم الكدم مخاطبا فرج بجرأته المعهودة .. اكمل ابو عبد الرضا رحم الله والديك ..!! قال فرج : يا محفوظ كان الماء يبلل الناس .. ركضت ورحت اتدافع معهم حتى صرت امام الجميع .. كان سبحانه وتعالى لا يزال يغرف من البحر ويرش على الشاطئ ... اخذ نفسا طويلا من سيجارته ثم أردف بانكسار !! كنت اعرض رأسي للمطر القادم منه !! اقفز مادا يدي عسى ان تنال ولو قطرة !! لا رأسي ولا يدي مسهم الماء ولا جسدي ... أخذت اقفز هنا وهناك وانا اقطع الشاطئ ذهابا وإيابا بلا جدوى ..!! اخيراً وأثر قفزة استيقظت من نومي يا محفوظ ..! ... ساد المضيف هدوء غريب ..!! همس احدهم بصوت خفيض لكن الجميع قد سمعوه : الله يستر ..!!
في تلك اللحظة من الهدوء والصمت دخل فرحان الجابر المضيف كان الرجل طويلا وضخم الجثة وذو مهابة كبيرة وقف في الباب حين اجتازه بعد ان حنى قامته عند الدخول ..كان منظره كشجرة توت ضخمة وقد أغلق الباب وحجب الضوء الذي كان يبثه مصباح كبير في باحة المضيف صمت قليلا قبل ان يؤدي سلامه بصوته الذي كان ضخما كجسمه ! نظر اليه الطفل عبد الحسين بخوف .. راح ينكمش ويلتصق بفخذ ابيه فرج وهو يرتجف .. همس الى ابيه بصوت مرتعش وهو يشير بكفه النحيف وسبابته التي كانت معقوفة الى ذلك الرجل الضخم ، فرحان الجابر الذي كان لا يزال واقفا ... بويه بويه : هو هذا الله ؟!!!
----------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج عادل عوض يكشف كواليس زفاف ابنته جميلة عوض: اتفاجئت بع


.. غوغل تضيف اللغة الأمازيغية لخدمة الترجمة




.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي


.. «محمد أنور» من عرض فيلم «جوازة توكسيك»: سعيد بالتجربة جدًا




.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR