الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت ظلال الإستبداد - يوميات دمشقية - 2

مريم نجمه

2016 / 2 / 20
سيرة ذاتية


تحت ظلال الإستبداد - يوميات دمشقية - 2 -
29 نيسان 1974 -
داومت في مؤسسة أبنية التعليم لليوم الثاني .
ذهبت إلى مؤسسة إدارة ( نقل الدم ) لكي أحضر ورقة تبرع بالدم - من ضمن الأوراق الثبوتية المطلوبة للتعيين في الوظيفة الجديدة بعد ست سنوات من تخرجي أنا وعدد كبيرمن الزملاء بعد أن رفعنا دعوى قضائية على وزارة التربية -
رجعت للبيت بعين دامعة , بعد أن عرّجت قليلاً إلى حديقة الأرسوزي سيجتني أشجار حديقتها لتخفي دمعتي عن المارة .. لأنني كنت على موعد مع فقر الدم لدرجة جداً منخفضة ومروعة .
فقلتُ في نفسي لم أستلم الوظيفة إلا على مشارف المرض والهاوية بالنسبة لصحتي ؟ ... فبدلاً من إعطائي وثيقة تبرع أخذت وثيقة إعفاء لأن النسبة كانت 28 / 50 بدلاً من أن تكون 50 / 50 -
قالت لي الطبيبة المشرفة : إعتني بصحتك جيداً واعرضي نفسك على دكتور خاص , لأن حالتك غير مرضية !
:


إن قوة الإرادة والتصميم وصمود الإنسان على مواقفه وقناعاته الوطنية وعقيدته وخطه السياسي سيفرض الإحترام على كل من يحيط به - حتى على الأعداء .
وهذا ما جرى -
إن الزحف ليس من أصالتنا , وإن الإنتهازية وتمسيح الجوخ والتزلف لن نمارسه في أخذ حق من حقوقنا ألا وهو حق العمل , لذلك فرضنا إحترامنا على الآخرين ,, والسلطة الفاشية تزداد حقداً ولؤماً علينا .
إن النظام الشمولي الديكتاتوري الأسدي حرمني من التدريس ضمن إختصاصي التربوي في وزارة التربية ضمن ملاك التعليم وامتيازاته - فقط كنت أحصل على عدة ساعات في الأسبوع لِ كذا سنة " محل شاغر " وفي عدة مدارس متباعدة - خارج الملاك - بأجور زهيدة جداً , لخوفهم من الفكر الذي نحمله حتى لا ينتقل إلى عقول الطلاب الذين نتعامل معهم ونحبهم ... لذلك من أجل أن يزيلوا النقمة من صدورنا عملوا على هذا الإجراء بتوظيفنا خارج ملاك التعليم في وظائف إدارية تتناقض مع إختصاصنا وبعيداً عن العملية التربوية والإحتكاك بالطلاب والطالبات جيل الشباب .
:



27 أيار - 1974 -
اليوم , ابتدأ الحبيب حنين العمل في ورشة الموزاييك - عند أحد أصدقائنا في حي حنانيا - باب شرقي .
المهم أن يختبرالعمل أثناء العطلة الصيفية ويلتصق بالطبقة العاملة , ويحصل على بعض المصروف .
:


4 حزيران - 1974 -
قبضت العزيزة أم حنين أول راتب لها من عملها الجديد في مؤسسة أبنية التعليم .
غداؤنا اليوم فراريج مشوية لأول مرة منذ فترة . المهم ألا يفسد معدتنا الغذاء الدسم خاصة وأنها اعتادت على النشويات .
المهم ألا يتبدل العقل والفكر , وهذا مستحيل .
زائرون كثر هذا اليوم .
نحن سعداء قليلاً بالضيوف
العزيزة مريم منهمكة بالإمتحان النهائي في ماجستير ( التربية ) , لكن عزيمتها الفولاذية وحبها للعائلة يذلل الصعاب .
أبو حنين /
هذا ما دونه العزيز جريس على صفحة يومياتي -



15 حزيران - 1974 -
مجرم الحرب نيكسون يزور دمشق .
أصدرنا ضد هذه الزيارة بياناً بعنوان : عد إلى بلادك أيها المجرم نيكسون -
تمّ توزيع البيان في كل المحافظات السورية , وحرق العلم الأمريكي في محطة الحجاز بواسطة أحد الرفاق بواسطة القداحة وانسلّ هارباً -
كلاب المخابرات مذعورة , والحراسات مشددة وتبديل مسيرة الموكب .
صدى البيان كان جيداً في جميع الأوساط - عدا الأعداء الطبقيين والمحرفين وزبانية السلطة
لم تستطع السلطة تحديد الجهات التي أصدرت هذا البيان بإسم : إتحاد القوى الوطنية الديمقراطية في سوريا -
" كلاب " الشوارع في كل مكان .

كتبت هذه الملاحظات قبل اعتقال العزيز جريس و( 6 ) أشخاص من رفاقه بشهرين تقريباً



*******



27 سيبتمبر أيلول - 1976 -
زارنا اليوم السيد ( م ...... ) في منزلنا لجسّ النبض فيما إذا جريس يقبل أن يكتب تصريحاً وهوفي السجن بعدم مزاولته السياسة فيما بعد ليطلقوا سراحه , أم لم يقبل .!؟
فكان الجواب صفعة ( أدبية ) أليمة له وللذين أرسلوه .
كل هذه العناصر سقطت لم يعد يسترها أي رداء للتخفي .

---

بعض أفراد من قاعدة الحزب الشيوعي السوري قيادة ( خالد بكداش ) يظهروا التعاطف معنا وعلينا ويثنوا على مواقف زوجي - والبعض الآخر كشف عن لؤمه وشماتته وحقده !
قيادة الحزب, والسوفيت , فرحين في سجنه وأنا متأكدة تماماً بأنهم أستعملوا الضغط على السلطة الصديقة لهم لبقائه في السجن كل هذه المدة .



13 أيار - 1975 -
زيارة للسجن . دفعت ثمن حاجيات ضرورية لأبوحنين مع الطعام مع أجرة السيارة لسجن المزة مبلغ 100 ل . س .
صلّحتُ ساعتين للعزيز جريس واحدة له والأخرى لزميله في السجن بمبلغ 17 ل . وأعطيته 100 ل سورية للمصروف أيضاً .
والدتي تشاركنا الأزمة بعض الشئ للتخفيف عن آلامنا .
مريم نجمه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شو بدي أتذكر منك يا سفرجل كل عضه بغصة
سوري فهمان ( 2016 / 2 / 20 - 21:12 )
أختي العزيزة

ذكريات حزينة وكما يقول بائع السفرجل

شو بدي أتذكر منك يا سفرجل كل عضه بغصة

نتمنى لكم طول العمر ووافر الصحة

مع تحياتي


2 - تحية للسيد سوري فهمان
مريم نجمه ( 2016 / 2 / 21 - 01:34 )
رغم غصّات السفرجل يا أخ فهمان تبقى فائدته ونكهته مفيدة للقلب النابض بالوطنية والمحبة


النضال فعل يومي وتحديات قاسية مدفوعة الثمن بحب وقناعة وليست كلمة للبروظة والإكسيسور .... االسياسي
تسعدنا كلماتك ومرورك

كن بخير
مع التقدير والإحترام


3 - من اشتغل باختصاصه في بلدنا ؟
ليندا كبرييل ( 2016 / 2 / 22 - 05:33 )
أختي القديرة مريم نجمة المحترمة

أتابع ذكرياتك عن مرحلة النشفان الإنساني

يؤلمني أن أذكر أن الكثيرين حُرِموا من العمل باختصاصهم لأنهم ليسوا من جنود الحزب
وكثيرون .. لا يحملون شهادة السيرتيفيكا عيّنوهم سفراء أو في مناصب وجيهة حساسة

هكذا وقع الظلم على النخبة المثقفة من شباب وبنات بلدنا، فماذا كان أمامهم إلا الهجرة لينفعوا بعقولهم الغرب المتحضر؟

شعرت بالأسى أيضا وأنا أقرأ ما كتبه الأستاذ الهامس:
غداؤنا اليوم فراريج مشوية لأول مرة منذ فترة . المهم ألا يفسد معدتنا الغذاء الدسم خاصة وأنها اعتادت على النشويات

هذا يعني الكثير، وهي ليست معلومة نمر عليها عالماشي.
أتمنى لكم الراحة والسعادة في وطنكم الجديد


اسمحي لي أن أحيي زميلنا الأستاذ المحترم سوري فهمان

لم أتمكن أخي الكريم من الرد على ملاحظتك الطيبة حول السؤال عن غيابي في مقال أختنا الأستاذة النجمة منذ فترة
ظروف طارئة تمنعني من التواصل مع الأساتذة
أتابع كتابة مقالاتي، لكني أنتهز فرصا لتحية الأصدقاء والمشاركة عبر التعليقات ببعض الدعم المتواضع

لكم مني أطيب تحية،ومحروسة حياتكم المقدسة من كل شر

تقديري واحترامي


4 - الأديبة ليندا كبرييل المحترمة
مريم نجمه ( 2016 / 2 / 22 - 21:58 )
أحيي كلماتك المضيئة ومرورك الكريم أخت ليندا

مرحلة القحط الإنساني والضمير مستمرة صديقتي
معارضوا سياسة النظام الأسدي عانوا كثيراً لا شك منذ 1970 حتى يومنا هذا لتركيع أكبر عدد منهم أو إبعادهم وإسكاتهم أو قتلهم

كل ما علقت وأضفت ِبه صحيحاً مشكورة , هذه طبيعة الأنظمة الفاشية الشوفينية وعقلية العسكر والحزب الواحد في يدهم حق الحياة حق العمل الطعام والكلام ووو .... .. وحاملي الإبتدائية يعينون سفراء أو في مناصب عليا وكثير من حاملي لقب دكتور سرقة أو هدية وبيع وشراء سواء من داخل سوريا ام من الدول الأخرى خاصة دكتوراه الشرف وكلها مفضوحة !!
لقد دفعنا وما زلنا ندفع ثمن المواقف الوطنية وحرية شعبنا مهما كان العمر لن نخون المبادئ -

ترحب بك صفحتي دوماً في أي وقت عزيزتي ولكل واحد منّا ظروفه وأشغاله فلا أعتب على أحد فأنا أعلم رغم مسؤولياتك الكثيرة تمري وتقرئي حتى لو لم تشاركي في التعليقات فأنت قارئة مجتهدة نشيطة وذكية ..
أحييك وأحيي السيد إبن البلد سيد فهمان وكلي فرح وغبطة عندما يجتمع الأصدقاء هنا معاً للحوار ..

أشكر تضامنك ودعمك واحترامك للأستاذ جريس وسلام خاص منه
خالص محبتي


5 - الغاليتين ليندا ومريم
سوري فهمان ( 2016 / 2 / 23 - 06:46 )
الغاليتين ليندا ومريم عندما أرى هذين الاسمين في الحوار أشعر بالفخر والإرتياح لانني أجد سوريتي التي فقدتها سورية الرقي والوطنية والعلمانية كما كنا وكما علمنا أباؤنا هل سيعود ذلك يوما بعد التخلص من الوحوش
نامل ذلك
تحياتي الأخوية


6 - شهادة نعتزّ بها
مريم نجمه ( 2016 / 2 / 23 - 10:03 )
تحية وشكر للسيد المحترم سوري فهمان على شهادته الوطنية والأدبية وتفاعله بما نكتب وننشر على هذا المنبر ..

سوريتنا غنية بأمثالنا يا أخ فهمان وسيأتي اليوم الذي ينتصر فيه الحق ويأخذ شعبنا الأصيل طريقه نحو المستقبل الوضّاء وبناء دولة العدل والقانون والمساواة وتاجها الحرية

تقديري للأخت الغالية ليندا الأستاذة الأديبة وحضورها الوارف



أحييك أيها الغالي مع التقدير

اخر الافلام

.. ا?غرب وا?طرف الخناقات بين ا?شهر الكوبلز على السوشيال ميديا


.. عاجل | غارات إسرائيلية جديدة بالقرب من مطار رفيق الحريري الد




.. نقل جريحتين من موقع الهجوم على المحطة المركزية في بئر السبع


.. سياق | الانقسام السياسي الإسرائيلي بعد حرب 7 أكتوبر




.. تونس.. بدء التصويت لاختيار رئيس الدولة