الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين رياض الترك وغورباتشيف

وليد مبيض

2005 / 11 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


قدم شيخ المعارضة السورية الأستاذ رياض الترك مبادرة جريئة لمواجهة المخاطر التي تواجه سوريا، دعا فيها الرئيس والحكومة للاستقالة على أن يتم التغيير حسب الدستور الحالي، ولم تلق مبادرته الترحيب كما حصل مع إعلان دمشق الذي ساندته معظم القوى السياسية المعارضة، وأظن أن السبب في ذلك يعود لأنها ليس لها أساسات في الواقع السياسي السوري المعاش، فهي تأتي في ظل فراغ شعبي من الساحة السياسية، وحتى من العمل العام كله، كما أن نظاماً شمولياً لا يرضى أن يتخلى عن السلطة لمجرد دعوة من شيخ جليل، أو وجود احتمال تكرار المشهد العراقي، خاصة أنه لا يزال يمتلك إمكانيات للمناورة مع المجتمع الدولي، فهناك احتمالات كثيرة يمكنه بواسطتها الاستمرار في الحكم لأطول فترة ممكنة، عبر صفقات أو تنازلات لا ترقى إلى تغيير ديمقراطي أو لنهاية النظام الشمولي.
وحتى يومنا هذا لم يتغير نظام شمولي بطريقة سلمية وتدرجية بغياب حركة شعبية فاعلة، إلا حسب طريقة غورباتشيف الذي كان يتربع على رأس الهرم في نظام شمولي عاتٍ، حين طرح مشروع البرويسترويكا، التي فتحت الباب لولوج الديمقراطية واقتصاد السوق ليس في روسيا وحسب وإنما في كل ما كان يسمى بالمنظومة الاشتراكية، والنتائج التي تمخضت عنها تلك الإصلاحات لم تكن كارثية كما يدعي الستالينيون، فتفكك الاتحاد السوفييتي كان إيجابياً لجهة تحرر الشعوب من الهيمنة الاستعمارية الروسية التي حكمت تلك البلاد منذ العهد القيصري وحتى نهاية النظام الاشتراكي، واقتصاد السوق أعطى للعملة الروسية قيمتها الفعلية، وليس كما كان يجري من تداول خفي في السوق السوداء، أما المتضررين كالمتقاعدين فهذه أمور ربما كان يمكن تجنبها لو اتبعت سياسة تدرجية تعطي للضمانات الاجتماعية أهميتها الفائقة التي وصلت إليها الأنظمة الاقتصادية الغربية، كما أن التغيير جاء سلمياً ولم يؤد إلى حرب أهلية داخلية رغم تعدد القوميات والأديان في دولة روسيا الاتحادية وما تشهده اليوم من أعمال إرهابية ليس سببه الإصلاحات الديمقراطية، وإنما تاريخ من التعسف الروسي المديد، ولا يمكن مواجهتها إلا بإعطاء مزيد من الحقوق القومية والديمقراطية.
وهذا احتمال وارد في سورية ولو أنه ضعيف، فالرئاسة لها هيبتها في النظام الشمولي وتستطيع أن تخط طريقاً إصلاحياً رغم أنف الفساد والعقليات المتخلفة، وأظن أنه ليس مستحيلاً على الرئيس السوري أن يلغي المادة الثامنة من الدستور، وأن يخضع الأجهزة الأمنية لمراقبة الجهاز القضائي، وأن يسمح بحرية التعبير وتشكيل الأحزاب والجمعيات...
النتيجة هي أن الطريق الأسلم لسورية في ظل الظروف الصعبة الراهنة أن يبدأ النظام بحركة إصلاح ديمقراطي شاملة، على طريقة غوربتشيف أو الترك أو أن يبتدع طريقة جديدة تنقذ الشعب السوري من مخاطر مستقبل مجهول العواقب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق استراتيجية -النصر الشامل- ضد حم


.. شكري حذر خلال اتصال مع نظيره الأميركي من -مخاطر جسيمة- لهجوم




.. بلينكن: واشنطن تعارض معركة كبرى في رفح | #رادار


.. الجيش الإسرائيلي: طائرتان مسيّرتان أطلِقتا من لبنان تسقطان ف




.. حرب غزة.. مصدر فلسطيني مسؤول: السلطة الفلسطينية لن تدير معبر