الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ريفي امر اليوم ... لا لهيمنة حزب الله

مسعود محمد

2016 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


استقالة اللواء اشرف الريفي من الحكومة العتيدة "حكومة اللامصلحة الوطنية"، أتى كنتيجة للمواجهات التي خاضها اللواء المستقيل بمواجهة الحلفاء قبل الخصوم لتكريس مفهوم الدولة والعبور اليها. أتت الاستقالة على خلفية اختلاف كبير بوجهات النظر بين اللواء الريفي والرئيس سعد الحريري على كيفية التعاطي مع مسألتين حيويتين تؤسسان لفكرة " أي لبنان نريد". المسألة الأولى وهي الحكومة وإمساك حزب الله بقراراتها كيفية التعامل مع الحزب خاصة بملفات حيوية مثل ملف الإغتيالات السياسية التي طالت قيادات 14 آذار وعلى رأس تلك القيادات ملف إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وملف إغتيال اللواء وسام الحسن، وملف علاقات لبنان العربية والدولية، وملف سلاح حزب الله وهيمنته على البلد. فأوضح اللواء ريفي موقفه من موضوع الحكومة التي يتمسك بها الرئيس سعد الحريري وغرد قائلاً " إن موقف اللواء ريفي بالإنسحاب من مجلس الوزراء، إعتراضاً على عدم إدراج قضية تحويل ملف محاكمة سماحه الى المجلس العدلي لا يمثله كسعد الحريري" فقال اللواء ريفي ببيان استقالته " أردنا هذه الحكومة حكومة ربط نزاع، كي لا ندخل في الفراغ الكامل، فارادوها مطية لتنفيذ مشروعهم المدمر. اردنا هذه الحكومة حكومة تمنع الانهيار الاقتصادي وتنقذ ما تبقى، فامعنوا في تعطيلها، وحرموا الناس من الامل بحد ادنى من انعاش الوضع الاقتصادي، فتراجعت الخدمات الاساسية، في كل القطاعات الحيوية للمواطن. أردنا هذه الحكومة سدا امام استباحة الدولة وسيادتها، فاستعملوها، لتخريب علاقات لبنان، وضربوا عرض الحائط بسيادة الدولة وهيبتها". الرئيس سعد الحريري مدفوعاً من النائب وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري يسعى الى تسوية مع حزب الله، ينتخب بموجبها النائب إفرنجية رئيساً للجمهورية، وتعيد الحريري الى رئاسة الحكومة ولو على حساب مفهوم العبور الى الدولة " أي ما تبقى من 14 آذار"، وعراب ذلك التوجه في المستقبل هو الوزير نهاد المشنوق الذي يتعامل معه حزب الله بصفة الصديق الموثوق، وهو من جهته قدم أوراق إعتماده للحزب دون تردد عبر تنسيقه مع وفيق صفا ودعوته الى إجتماعات أمنية في وزارة الداخلية بغض النظر عن بعض الحركات الدونكيشوتية التي يقوم بها من وقت لآخر ليوهم جمهور المستقبل إنه حريص على 14 آذار ومفاهيمها مثل الوزير ريفي وأكثر على غرار الكلام الكبير الذي أطلقه عشية إجتماع قوى 14 آذار " الخبر الأسوأ أنّ قرار المملكة العربية السعودية إجراء مراجعة شاملة لعلاقتها بلبنان، ومعها التضامن الإماراتي والبحريني والخليجي، هو أوّل الغيث”، محذّرا من “الآتي الأعظم، خصوصاً أنّها المرّة التي يواجه لبنان تحدّياً مصيرياً كهذا”.
لم يعد سراً ان الوزير المشنوق لعب دوراً محورياً بتحريض الرئيس الحريري على الوزير اشرف الريفي، وعمل على توتير علاقتهما بنقل صورة غير دقيقة للحريري الذي كان موجوداً خارج البلاد، تاركاً العباد والبلاد مطيةٍ لحزب الله.
وصف اللواء الريفي الإهتراء الذي يضرب البلد بدقة، فهو من موقعه كوزير كان يرى ان البلد أصبحت تدار من قبل طاولة الحوار (حزب الله – المستقبل) بمشاركة جزئية من قبل الرئيس بري، فعطلت مؤسسات الدولة وكرّست المحاصصات على تلك الطاولة، وتحول مجلس الوزراء الى هيئة لترجمة تلك التفاهمات وليس مؤسسة حكم، وعبر الوزير ريفي عن ذلك بوضوح عندما قال " وكأنه لا يكفي اللبنانيين استمرار مهزلة ملف النفايات، التي تزكم انوف اللبنانيين وتضرب صحتهم، وهم رأوا أمام أعينهم عجزا وتسابقا معيبا على المغانم، فيما كان يفترض حسم هذه القضية منذ اليوم الاول رحمة بهذا البلد الجميل الذي تمعن السياسات الخاطئة والتآمر عليه في تشويه صورته أمام اللبنانيين والعالم". اللواء ريفي بمسألة التفاهم مع حزب الله يمشي بعكس السير فهو بعكس الحريري لا يرى بالحزب شريكاً مؤسساً للوطن بل يرى فيه أساساً للقضاء على ما نبقى من هيبة ومؤسسات وقضاء الوطن.
لم تتأخر قوى الثامن من آذار بشن هجومها على الوزير ريفي الذي استقال إحتجاجاً على التسوية والتراخي مع حزب الله فغرد الوزير السابق وئام وهاب مهددا على طريقة معلميه رتباء المخابرات السورية " "اذا كان احداً يعتقد انه قادر على قلب الطاوله يجب ان يعلم بأننا سنقلب الدنيا عليه وعلى من يقف وراءه". وأضاف وهاب: "الحكومة الحالية لم تعد حاجة لنستمر بها وادعو وزراء 8 آذار لرمي استقالاتهم ولنذهب باتجاه مؤتمر تأسيسي، ومن يعتقد ان السعودية قادرة على شراء لبنان بهبة فهو واهم"
فرد عليه الوزير ريفي بتغريدة قال فيها " اذا بتقدر ما نقصر"، وهذا النوع من المواجهة هو تماماً ما يزعج حزب الله والحريري لذلك كان لا بد من استبعاد " الصقر" اللواء ريفي لصالح "الحمامة" الوزير نهاد المشنوق.
النقطة الخلافية الثانية بين الحريري وريفي هي " ملف سماحه، وملف الشهيد وسام الحسن"، وفاء اللواء ريفي لوسام الحسن هو وفاء رفقة السلاح وهذا امر صعب على الحريري فهمه حتى ولو كان ابن الشهيد. اصرار اللواء ريفي بموضوع المجرم سماحه سببه انه يعلم تماماً من قتل اللواء حسن. وأكاد أجزم ان اللواء الريفي لا شك عنده ان أمر الإغتيال صدر في سوريا، ونفذه حزب الله في لبنان، وهو يكمل جريمته بتحويل سماحه الى قديس وفي هذا السياق قال الوزير ريفي في بيان استقالته " إن ما حصل في قضية ميشال سماحة، كان جريمة وطنية يتحمل مسؤوليتها، “حزب الله” حصرا، وهو غطى القاتل وحوله الى قديس جديد، عندما عطل هو وحلفاؤه نقل الملف الى المجلس العدلي. وبغض النظر عن المسؤولية جراء العجز عن مواجهة الحزب داخل الحكومة، والتمسك بهذا المطلب الوطني، فإن النتيجة واحدة، وهي ان هناك طرفا مسلحا يهيمن على قرار الحكومة، ويحولها كلما اقتضت مصلحته الى جثة هامدة. لقد أخذت على عاتقي بعد تعذر نقل ملف سماحة الى المجلس العدلي، أن اتوجه بهذا الملف الى المحكمة الجنائية الدولية، وسأستمر مع الشعب اللبناني في متابعة هذه القضية حتى النهاية، وأدعو جميع اللبنانيين الى التوقيع على العريضة الوطنية، لمحاكمة سماحة في القضاء الدولي على الجريمة التي ارتكبها". حسابات اللواء ريفي لبنانية محلية تنطلق من لبنان أولاً ولا مكان للحسابات الإقليمية فيها. وزعامة ريفي ليست فقط شمالية بل هي وطنية حتى حزب الله يحسب له الف حساب لأنه يعلم ان هذا الآدمي لا يباع ولا يشترى. ليس لدى ريفي مال يشتري به حب الناس هو يشتريها بكلمته التي تثقل بالذهب وهو المعروف عنه بصدقه وأمانته. ومن المعيب القول انه استقال ليبني لنفسه حيثية، اللواء ريفي وهو ابن المؤسسة العسكرية وأقسم اليمين على أن يحافظ على وطنه لبنان، وهو يعلم تماماً انه هناك مكيالين بالتعامل مع الملفات، ففي الوقت الذي يطلق فيه قاتل النقيب الطيار سامر حنى مصطفى حسين مقدم بكفالة زهيدة بقيمة عشرة ملايين ليرة، يتم التعامل بملف الإسلاميين بظلم. الشارع تفاعل إيجاباً مع استقالة وزير العدل اللواء ريفي فتقاطر الناس بتجمعات شعبية حاشدة الى امام منزل الوزير اشرف ريفي في طراباس واطلقوا هتافات مؤيدة لاستقالته ودعوا الرئيس تمام سلام لتقديم استقالة الحكومة، بالمقابل هناك ارباك واضح في صفوف قوى 14 آذار ورئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام، فرئيس حزب القوات إكتفى بتوجيه الإتهام لحزب الله، واستبعد من الإتهام وزير الخارجية جبران باسيل، كان عليه ان يقول بصراحة أن سياسة الجحود ونكران الجميل، ومبادلة المشاعر الأخوية الصادقة، بحملات الافتراء والتهجمات الرخيصة التي يشنها حزب الله على المملكة كان لا بدّ أن توصل العلاقات المميزة إلى هذا الدرك من التردّي، الذي ينذر بأوخم العواقب على مصالح لبنان واللبنانيين.
كان يجب أن يتحلى الحكيم بالجرأة الأدبية ويقول أن حزب الله ورئيس التيار العوني جبران باسيل، يتحملان المسؤولية الكاملة عمّا ستؤول إليه العلاقات مع الشقيقة الكبرى من تعثر وتدهور سيكلف اللبنانيين الأثمان الباهظة!، يبدو ان الحكيم مصر على سياسة "ضربه على الحافر وضربه على المسمار"، ومن هنا يقرأ أن بيانه المساند لموقف الوزير الريفي ليس سوى شك بلا رصيد يصرف بإطار استمرار المناكفة بينه وبين الرئيس الحريري التي كانت آخر فصولها طلبهما المتبادل عبر وسائل الإعلام لسحب مرشحيهما "عون" و"إفرنجية" لرئاسة الجمهورية. رئيس الحكومة تمام سلام مربك ويعيش حالة تشبه "الشيزوفرينيا " فهو تارة يعلن ان الوزير نسق موقفه معه، ثم يعلن ان الوزير خدعه، أما الرئيس الحريري فهو بغنى في هذه اللحظة التي يدفع فيها بتسويته عن أي اشتباك مع حزب الله فهو بالكاد سيرفع صوته لمحاولة لتصويب الأمور دون الوصول الى الإستقالة الكاملة من الحكومة، والوصفة السحرية للحل أعطاه إياها النائب وليد جنبلاط عندما قال " إن حزب الله جالية إيرانية في لبنان، واستقالة الحكومة غير مطروح لأنها ستتحول حينها الى حكومة تصريف أعمال وهذا جل ما تفعله"، ستنتهي حفلة التحرك الكبير الذي وعد الوزير المشنوق العرب بأنهم سيشهدونه في لبنان، بلعب على الكلام بحفلة خطابات بائسة كالتي شهدناها في إجتماع بيت الوسط حيث تلا بيان الإجتماع الرئيس السنيورة وقال بإسم المجتمعين أن استمرار "حزب الله" وحلفائه من "خلال السلاح غير الشرعي في تغليب مصلحة إيران على مصلحة لبنان العليا، فإن ذك سينال من دوره وانتمائهه وحضوره العربي وسيطال حكما الأمن الاجتماعي والمعيشي لمئات الآلاف من العائلات اللبنانية من كل الطوائف العاملة في دول الخليج". أما الرئيس سعد الحريري فقال في دردشة مع الصحافيين " اذا لم تتخذ الحكومة غداً في إجتماعها الاستثنائي موقفاً سيكون هناك كلام آخر".
على قوى 14 آذار ان تستمع الى صوت الناس الذي عبر عنه اللواء أشرف ريفي، فهو وحده واجه حزب الله بلا هوادة، ورفض هيمنة الحزب على القرار اللبناني، " فعلاً" لا "قولاً" وإلا حينها فقط سنقول للبلد "منه العوض وعليه العوض"، فليس من المتوقع ان يصحو اللبنانيين على حزب الله معلناً اعتذاره من السعودية بل أصبح المشهد المتكرر هو أن يستفيق اللبنانيون كل يوم على مزيد من التنازلات من قبل زعيم قوى 14 آذار لصالح تحالف حزب الله ايران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو