الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان ..بين المر والأمّر

جمال الهنداوي

2016 / 2 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


لم يكن لبنان بحاجة الى إعلان السعودية وقف مساعداتها لتسليح الجيش وقوى الأمن الداخلي, لكي يجد مبررا لكل ذلك التصعيد الاعلامي والسياسي والتراشق بالبيانات والبيانات المضادة ما بين اقطاب المشهد السياسي اللبناني, ولكن ما قد يكون السبب وراء تلك الجرعة الزائدة من الانقسام هي الطبيعة المفاجئة للقرار السعودي وتوقيته المخالف تماما للمتوقع -نظريا على الاقل- من المملكة في ظل التهديد المتزايد من قوى الارهاب التكفيري للحياة والانسان في البلد الذي يقبع اصلا في قعر اتون الانقسامات الطائفية والسياسية على وقع معضلة الشغور الرئاسي وانعكاسات الازمة السورية على الداخل اللبناني , والاكثر ايلاما, وعلى غير رغبة العديد من ابنائه, معاناته المعتقة من تبعات وضعه كساحة مواجهة امامية ما بين ارادات القوى الاقليمية المتضادة..
فرغم تعود المنطقة على الاندفاعات السعودية, الا ان صدور القرار بعد ايام من عودة رجل الرياض القوي في لبنان السيد سعد الحريري الى بيروت وتصريحه غير الموفق بان عودته" أتت بعد الهبة السعودية التي يجب أن نرى كيف ننفذها ونترجمها دعماً للجيش". قد تشير الى ان هذا الحرون السعودي قد يكون مبنيا على ردود فعل لحظوية وآنية لا تتفق مع الطرح الرسمي الذي ربط القرار بالاداء السياسي للخارجية اللبنانية ونشاطات " حزب الله" العسكرية في سوريا وقتاله "في الأماكن الخاطئة وتحت شعارات خاطئة". وما تعتبره الرياض هيمنة ايرانية على القرار السياسي والامني في لبنان.
فقد يكون من الصعب على اي متابع لطبيعة الاداء السياسي والعسكري للحكم في الرياض في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي مابين ايران والدول العظمى ان يتوقع ان تنتظر الرياض كل تلك المدة ما بين امتناع لبنان عن التصويت على قرار مجلس الجامعة العربية لتدرك ان مثل هذه المواقف لا تنسجم مع " العلاقات الأخوية بين البلدين" ولتعلن عن "مراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة".خصوصا مع كل ذلك الميل السعودي للانخراط المباشر في الازمات المتناسلة في المنطقة وبالشكل الذي يضبطها ضمن المسارات الطائفية الفئوية..
وقد تكون هذه الطروحات هي السبب وراء التوسع الاعلامي في محاولة استنطاق المعطيات السياسية والامنية في المنطقة لتفسير التوجه السعودي الصادم, والبحث عن المبررات الفعلية للحدث حد التلميح لعلاقة محتملة ما بين القرار السعودي نافذ الصبر مع تعثر المحاولات الدبلوماسية السعودية للافراج عن الامير السعودي عبد المحسن وليد بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود (امير الكبتاغون) الذي القي عليه القبض متلبسا بجريمة تهريب حبوب مخدرة على طائرته الخاصة، من لبنان الى السعودية.
ولكن الاتكاء على سوابق التعجل السعودي في اتخاذ القرارات, لن يكون سببا كافيا للتغافل عن قرائن نوايا مبيتة يبررها وضع السيد جبران باسيل - او التيار الحر على الادق- مع حزب الله في سلة الجهات المسيئة لـ"العلاقات الاخوية "بين لبنان والمملكة, مما قد يشير الى رغبة سعودية في حسم ملف الرئاسة من جانبها من خلال استبعاد الاطراف الاخرى, خاصة مع مزامنة قرار وقف الهبة مع تفجر موجة من التسريبات والحملات الاعلامية التي شكلت ارضية مواكبة للقرار السعودي موحية بالمزيد من الاجراءات العقابية المتصاعدة التي تستهدف تأليب اللبنانيين على معسكر حزب الله والتيار الحر والتضييق عليه سياسيا من خلال تشجيع ردات الفعل الداخلية والتي بدأت طلائعها مع استقالة السيد وزير العدل أشرف ريفي من منصبه احتجاجا على ما أسماه "نفوذ حزب الله في الحكومة"، ومسؤوليته عن "الجمود السياسي", من خلال السعي للسيطرة على الدولة، والاهم والاوضح, تدمير علاقة لبنان بالسعودية.
وهذا التوجه مع ما يمثله من تدخل في المشهد السياسي الداخلي ومحاولة التأثير على القوى السياسية الفاعلة، وكونه وسيلة للضغط على لبنان للسير في الاتجاه الذي يحقق مصالح المملكة في المنطقة، الا انه يبقى اهون الامرين من الاحتمال القائم على مقاربة مآلات التدخل السعودي في اكثر من مكان من المنطقة, ونخشى ان يكون "القادم الاعظم " الذي بشر به الوزير نهاد المشنوق, هو اللجوء الى الخيار الاثير الاقرب الى قلب وعقل الحكم السعودي من خلال تسليح وتمويل ميليشيات لبنانية موالية، وتفجير الحرب الاهلية مجددا، مما يسهل السيطرة على مفاتيح الصراع بالتعاون مع الجانب الاسرائيلي الذي له اكثر من مصلحة في دفع المنطقة الى صراع داخلي محتدم على قاعدة الانقسامات الطائفية والعرقية العصية على الحل, كما انه ليس من المستبعد ان تكون الغضبة السعودية المدعومة خليجيا وسيلة لتمرير رسائل معينة الى بعض الدول العربية التي ساندت التحرك الروسي في سوريا مثل مصر التي يجادل الاعلام السعودي بجحودها الايادي الخليجية الكثيرة والسخية من خلال خروجها عن النص السعودي في التعاطي مع نظام الرئيس بشار الاسد..
هذه الاسباب, وقد يكون هناك الكثير غيرها مما يدور في الهوامش المعتمة للاحداث , تشير الى ان المنطقة مقبلة على مزيد من التصعيد في ظل انتحال التقاطعات ما بين دول وانظمة المنطقة على موارد فوق سياسية, وان سياسة النأي بالنفس التي انتهجها لبنان قد وصلت الى منتهاها , وان ساعة الحقيقة قد دقت, وان عليه ان يختار الآن ما بين المر والامر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس