الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيناريوهات التكنوقراط

طاهر مسلم البكاء

2016 / 2 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم الأنتفاضة العارمة الأولى التي طالبت بالأصلاح ،فقد ادار السيد العبادي ظهره لجميع دعوات الأصلاح ،تاركا ً الأحزاب المتنفذة تستغل دعاوى الأصلاح للبطش بالقلة من المستقلين الذين كانوا يشغلون بعض المناصب البسيطة ليوزعوها حصصا ً جديدة لهم ،وليتجذروا أكثر فأكثر مما جعل من اي محاولة لاحقة للأصلاح صعبة التحقيق .
أطلق السيد العبادي تصريحات واضحة انه لن يفعل شيئا ً ، واثبت انه غير قادر على الأصلاح رغم تفويضه من المرجعية والشعب والبرلمان ،مماادى الى مزيد من الأنهيار في البلاد ، والى ركود اقتصادي غير مسبوق رافق الهبوط في اسعار النفط وسوء الأدارة السياسية الذي تجلى في استمرار الأعتماد الكلي على النفط رغم الهبوط التدريجي للأسعار الذي كان يعتبر بمثابة انذار بوقت كافي ،وقد بدأت البلاد تعيش مفارقة عجيبة ،فهي تواجه وضعا ً شبيه الى حد بعيد بوضع الحصار الذي مرت به البلاد ايام النظام السابق ،رغم انه في الواقع لاتوجد دولة تحاصره !
وجاء اعلان المرجعية عن التوقف عن تناول الأوضاع السياسية في خطبها الأسبوعية كل جمعة ،بمثابة لغز حير الشارع وأثار الكثير من التأويلات بشأنه ،فالبعض إعتبره بمثابة إنذارا ً وتهديدا ً جديا ً للحكومة ،والبعض الآخر فسره انسحابا ً من المرجعية في التدخل في الشؤون السياسية ،خصوصا ً وان المرجعية تصر على التأكيد على عدم الخوض في الأمور السياسية ،وان عملها يقتصر على الجوانب الدينية والروحية ،غير ان مرجعية بثقل مرجعية النجف الأشرف يمثلها المرجع الأعلى للشيعة في العالم وهو السيد علي السيستاني ،لايتوقع ان تترك الشعب لوحده أمام محنة كبيرة يواجهها اليوم وهي سيطرة مجموعات الأحزاب على قرار وموارد وأمور البلاد العامة ،في وقت يعيش غالبية الناس في دوامة من الفقر وتدهور الأوضاع الأقتصادية والأمنية ،يرافقها عبث عصابات داعش بأجزاء واسعة من البلاد وانتشار اصناف من الجيوش الأجنبية فيها بحجة محاربة داعش .
غير ان إعلان السيد العبادي المفاجئ ،بمايشبه الذي فز فجأة من منام ، عن نيته اجراء اصلاحات هامة ،سيبدأها بتغيير الوزراء بوزراء تكنوقراط ،وفي وقت تلى مباشرة أعلان المرجعية ، أوضح للجميع ان تخلي المرجعية عن تناول الجوانب السياسية ،انما أعطى الضوء الأحمر والأنذار الجدي للحكومة بأن المرجعية سوف تتدخل لتغيير الأوضاع اذا لم تقم الحكومة بتغيير الأوضاع بصورة سلمية ،وكان هذا واضحا ً في إعلان العبادي الأتجاه الى تغيير تشكيلته الوزارية بالتكنوقراط ،ولكن العبادي واجه معارضه واستهزاء شديدين في البرلمان الذي يمثل عامة الأحزاب ، والذي أحس ان الأمر قد يمس صميم امتيازاته ، علما ً ان البرلمان لايضم شخصيات مستقلة ،كون هذه الشخصيات من المستحيل ان تفوز بمقاعد البرلمان بدون تأييد الأحزاب ،التي قولبت الدستور والنظام الأنتخابي لصالحها وصالح مرشحيها ،وقد طلب الكثير من الشخصيات الحزبية بضرورة شمول العبادي ذاته بموضوع التكنوقراط ، ومن انه المسؤول الأول عن الفشل الذي لحق بالعملية السياسية ولذا يتوجب استبداله أيضا ً .
السيناريوهات المحتملة :
تتجه البلاد الى العديد من الأحتمالات وهي في مفترق طرق :
الأول : ان هناك تسريبات سبقت كل هذه الأحداث ،وحتى سبقت إعلان المرجعية ،أوضحت ان المرجعية تميل الى تولي شخصية مسماة تحل محل السيد العبادي ،وتسند بدعم مماثل لماقدم للسيد العبادي في الأنتفاضة الأولى ،من المرجعية والشعب وبالتالي تتمكن من اعادة هيبة البلاد والحفاظ على كرامتها وثرواتها .
والثاني : ان هناك استبدال لسبعين شخصية ولغت بالفساد واتضح امرها بشخصيات من خارج المحاصصة الحزبية التي تتهم بكل مامر بالبلاد من ويلات وسوء وتهميش .
والثالث : ان السيد العبادي يتمكن من استبدال وزراء المحاصصة والذين يعزى لهم ماتعانيه البلاد من فساد بأعتراف السيد العبادي ذاته ،بدعوته الى استبدالهم بشخصيات من خارج المحاصصة الحزبية ، وتكون الشخصيات الجديدة من المشهود لهم بالتحصيل الدراسي الأصيل ،غيرالمزور، والكفاءة وحسن السيرة والنزاهة والتجربة التخصصية والأدارية ،بعيدا ً عن أي تخندقات وعلاقات متوخين مصلحة البلاد .
والرابع : ان السيد العبادي يوفق الى تغيير التشكيلة الوزارية ولكن بطريقة المحاصصة الحزبية ذاتها ، بدعوى ان الأحزاب ستقول له اننا نبدل وزير بشخصية من الحزب ولكن تكنوقراط ،ولكن من يضمن عدم التزويرلتزكية التكنوقراط ،وعدم خضوع الوزير الجديد لأوامر ونواهي الحزب .
السيناريو الخامس :يبنى على صعوبة اصلاح الحكومة الحالية والتي وصفت بالفساد من الرأس الى القدم ،وان لا اصلاح بدون اجتثاثها ،وان هذا الأمر لايمكن حدوثه إلا بتدخل أمريكا كمافعلت في العام 2003 ،حيث انها مسؤولة عما حدث ويحدث للبلاد ،ولكن ليس بالطريقة العنيفة ذاتها ،بل بمساندة شخصيات تتمتع بمواصفات تستطيع من تقديم حيتان الفساد الى القضاء.
ولكن لو لم يحصل كل هذا واضطرت المرجعية الى الخيار الأخير ،وهو اعلان الثورة على الحكومة التي لاتقبل بأصلاح ذاتها ،فسيكون هذا هو السيناريو الأكثر صعوبة وقد يكون الأكثر دموية ،حيث ستحدث مواجهات بين الساسة والشعب ، تؤدي الى تنحية الساسة الحاليين وبروز شخصيات تؤهلهم المرجعية والناشطون المدنيون، والذين سيشكلون حكومة مؤقتة تعمل على اصلاح البلاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا