الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهل الكتابة

ابراهيم محمود

2005 / 11 / 16
الصحافة والاعلام


فجيعة نفسي بنفسي " "

في مهب خيالات مريضة ألمت بي، منذ سني غضاضتي التكوينية الأولى، سعيت مدفوعاً بوسوسة بعض منها، إلى الدفع بنفسي وهي مفجوعة بنفسها، إلى الإيقاع بها داخل قاعة كبيرة، كما تصورتها، تسع لكل الذين يكتبون من الكرد: كتاباً سياسيين، سياسيين كتاباً، فنانين، شعراء بدرجات متفاوتة، قصاصين، حكواتيين، منظرين ، رغم لا دقية المفهوم، خواطريين في هيئة نقاد، نقاداً مع تحفظ شديد، برسم الصحفيين الميدانيين، وتحت أسماء مختلفة، مراجعي كتب، أصحاب زوايا معلنة وسرية، أولي أمر حوارات ومقابلات، بأسماء حركية وغيرها ، مقالاتيين دون تصنيف، وبكل لغاتهم التي يُعرفون بها داخل الحدود الكردستانية وخارجها، وقد وجّهت إليهم دعوات من خلال بطاقات مصقولة مزركشة، فلبَّى الكثيرون منهم الدعوة تلك بلا تردد، مأخوذين بغواية الدعوة وسبحانية البطاقة، وجاذبية الأضوائية المحلومة، بينما تردد البعض منهم، متسائلين عن الجهة صاحبة الدعوة، وطبيعتها، وغائية المناسبة، ومن يقف وراءها على صعد شتى، لينطلقوا هم بدورهم إلى حيث المكان المحدد، وأما من تبقَّى منهم، فكان هناك أكثر من سؤال وتساؤل من لدنهم، عما يمكن أن يحصل، ومن هم الذين يقومون على إدارة المكان، والذين تنادوا إلى ذلك، ليتحركوا بدورهم على مضض بعدئذ، وهم يؤمون المكان الموسوم سابقاً، وسط أسئلة تتردد في أذهانهم، ويتردد صداها داخلهم، وليكون العدد مهولاً، والأضواء الكاشفة تكاد تعمي الأبصار، وقد انتظموا في أماكن مخططة، مدروسة، ولينتقلوا بعد الترحيب بهم إلي قاعة طعام ضخمة لصق المكان ذاك. ولكَم كان المشهد مغرياً بالمتابعة والتعليق من قبل الذين بدوا متبارزين دون مواعدة، في التهام الطعام المتعدد الأصناف والأطباق موضوعاً يصلح لأكثر من تعليق وتحليل نفسيين أو سلوكيين، وبعدها كان الانتقال إلى قاعة أخرى غاية في التنظيم والترتيب ، وقد منح كل منهم كرسياً وطاولة تخصه بعيداً عن الآخر، حيث يمكن متابعة كل حركة، وكل كلمة تُدوَّن باسمه، وكل التفاتة تنمُّ عن فهلوة ما، ذكاء عملي محدود معين، يُستفاد منها، بالعين المجردة أو عبر جهاز غير مرئي بسهولة، لئلا يُترك المجال لأي كان بمعرفة ما يجري بعيداً عنه، وغريباً منه، حيث يُسمح لأي منهم بالتعرض لموضوعين:
الأول، أن يكتب كل منهم في موضوع، كما يريد، لمعرفة البعد الكتابي أو نوعية الموهبة عنده.
الثاني، أن يكتب الجميع في موضوع واحد، وكل منهم باسلوب مختلف، حتى يعرف مدى امكانية كل منهم في الكتابة في موضوع يشترك فيه الجميع أولئك، ومدى تميزه في ذلك.
طابت لي الفكرة، واستمرأتها كثيراً. يا للذة المشهد المترامي الأطراف، أعني المشهد الجدير بمتابعة نتائجه!؟
وبدا الذين جاؤوا من كل فج كردستاني عميق، وخارج الفجاج الكردستانية العميقة ، متحمسين للكتابة في الموضوع المسترسل الأول، من خلال لوذ كل منهم بما لديه من أفكار عالقة، أو تصورات مدرَّب عليها سابقاً، بخصوص مادة ما، مع فارق في درجة الإقبال وعملية الكتابة.
كل شيء تم بإتقان، ولم يكن بوسع أي كان التطاول على الآخر، أو إثبات تفوق معين، دون التعليق على نوعية الموضوع أو كيفية تناوله، طالما أنه أُنجز بصورة ما.
لكن التفاوت والتململ وكذلك الاحتجاج تبيَّن في الحالة الثانية، إذ لم يعد بالإمكان الاندفاع والكتابة كما يراد لها أن تكون من قبل هذا المدعوّ أو ذاك، إنه التزام بمسار وفكرة لا بد من مراعاتهما.
قلة قليلة جداً، كانت مشغولة بعملية الكتابة، حيث كان يُلاحظ التفاوت بين أفرادها، ولكن الانشغال بالموضوع كان جلياً، أما البقية الباقية، وقد مثلت الأكثرية، فقد ارتفعت أصوات احتجاجات، إلى درجة أن كلمات نابية سُمعت من بعض المدعوّين، وفي أماكن مختلفة، وتم التقاطها لوجود أجهزة تنصت دقيقة، عدا وجود أشخاص توزعوا بينهم، دون أن يُعرف بأمرهم.
لماذا هذا الارغام على تناول موضوع معين؟
ما هذه المناسبة التي تتصيدنا، كما يظهر؟
من الذي خطط لذلك؟
في أي مكان تم اعتماد طريقة كهذه في التعامل مع المعنيين بموضوعات كهذه؟
إنها إهانة ما بعدها لكل كاتب يحترم نفسه، لا بل وللكتابة والفن والثقافة برمتها.
لا بد من فضح مثل هذا التعامل المشين مع أهل الكلمة !
أصوات تداخلت، أيد ٍ ارتفعت وانخفضت، وجوه تلونت، وانخطف لونها سريعاً، رؤوس انحنت على صدروها، كثيرون جمدوا في كراسيهم، وكأن صاعقة فعلت فعلها فيهم، إزاء قلة معدودة، لم تعبأ بكل هاتيك الأصوات واللغط في القاعة، وهي مأخوذة بالموضوع المطلوب البحث فيه، ويبدو أنه أُسقط في أيدي الكثيرين، وقد صوروا تماماً: وجوهاً وسجلوا أسماء، في إثر صوت تردد في سماء القاعة، كان أشبه بالهدير، هكذا جئتم باختياركم، والكتابة بدورها تختار أهلها!
كتمت أنفاسي، وحبست نفسي وراء حجابي الحاجز، داخل قفصي الصدري العظمي، دون أن أتحرك، أو أنظرميمنة أو ميسرة، فقط كنت أنظر أمامي، حتى لا يكتشف أحد أنني وراء الفكرة، ولتضاف إلى قائمة التهم الموجهة ضدي مجموعة أخرى من التهم، لتدعني تحت رحمة حكم ما هو أبعد من المؤبد، مع الأشغال الشاقة، دون نسيان أمر التشهير بي إلى أجل غير مسمى!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور