الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصّة الحقيقية وراء السرقاتَ الكبرى للمتحفِ العراقي.

كهلان القيسي

2005 / 11 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


القصّة الحقيقية للذي حَدثتْ فعلا داخل المتحفِ العراقي، عندما سُرِقتْ آلاف القطع الاثارية الثمينةِ مباشرة وأثناء دخول الإحتلال الأمريكي بغداد عام 2003 كُشِفها كتاب جديد. تحت عنوان Thieves of Baghdad .
هذا الكتاب من تأليف رئيس المحقّقينِ في عملية السرقة، يَقُولُ حصلت هناك ثلاث عمليات سرقة منفصلةِ، على الأقل واحدة منها كَانَت سرقة داخلية، والأخرى تمت من قبل لصوص محترفين، والثالثة حدثت عندما هرب الجيشِ العراقي وتَركَ الابواب مفتوحة ودخل باقي السلابة. وبذلك اختفت أكثر من 13,864 قطعة أثرية من المتحف، وهذا يَجْعلُها اكبر سرقةَ لمتحفِ في التأريخِ.

إلا إن الكتاب يوضح بان ما يقدر ب 500 ألف اثر من الآثار في المتحف، وان السراق كانوا قد استولوا على المتحف لمدة 36 ساعة, إلا إن العجب يقع في إن ما فقد وسرق لم يكن بعيدا عن الرقم غير الموثوق في فقدان 170 ألف من القطع الأثرية. وقد أدت جُهود المسؤولين الإيطاليينِ والأمريكيينِ والعراقيينِ، إضافة إلى الشرطة والجمارك حول العالم، إلى استعادة حوالي 5,400 قطعةِ حتى الآن، ومنها 700 تقريباً مِنْ داخل الولايات المتّحدةِ وبريطانيا.
كُلّ هذا - بالإضافة إلى الحكايةِ الرائعةِ لإِسْتِرْداد كنزِ النمرود الرائعِ التي تضمنها كتاب لصوصِ بغداد، وهو كتاب متوفر فقط في الولايات المتّحدةِ، ومؤلفه Matthew Bogdanos.
ولدَ المؤلف في نيويورك، ونشا كشاب يعَملَ في مطعمِ عائلتِه اليونانيةِ، ثم أصبحَ جندي احتياط في مشاة البحرية الأمريكية ومحاميا في مكتبِ المدعي العام في المدينةَ، وحين فَقدَ بيتَه في هجمات 9/11 ، كان لا بُدَّ له أنْ يَستعملَ كُلّ تدريبه البحري ليكافح ويشق طريقه من بين الحشودَ وعُمّالِ الطوارئ لإنْقاذ عائلتِه مِنْ الشقّةِ التي حطمت نوافذِها ومحتوياتها التي غَطّيتْ بالرمادِ. وفي الأسابيع ألاحقة، كَانَ في الزيّ الرسمي كعقيد في مشاة البحرية، مشاركا في العملياتِ الحربية في أفغانستان، ومن هناك، وبحلول الـ2003، إلى جنوب العراق.
كَانَ Bogdanos في البصرة، في 18 أبريل/نيسانِ حين سَمعَ إن المتحفَ العراق قد سُلِبَ. وكهاوي كلاسيكي متحمّس - طَلبَ الإذن في التَحرّي، وَجمعَ فريقه وعجّلَ به نحو الشمالَ إلى بغداد. ووَصلَ إلى المتحفَ في 20 أبريل/نيسانِ.: لم يكن المكان يسر الناظر.فقد كَانَ قَدْ إستعملَ كموقع قتال، بدلات وأسلحة عسكرية عراقية بُعثرتْ في المكان. وفي فناء المتحف كان هناك بقايا إحراق لمِئاتِ من البطاقاتِ وملفاتِ حزب البعثِ. وفوق البابِ المركزيِ إلى البنايةِ الرئيسيةِ، كَانَت هناك كتابة كبيرة مكتوبة باليد الموت إلى كُلّ الأمريكان والخنازير الصهاينة.
تَركتْ قواتُ صدام المتحف في وقت ما في 10 أبريل/نيسانِ.وبعد يومين عاد أمناء المتحف، ليُلاحقواُ آخر السلابة الذين قدر عَدَّدهم ب300-400 لص. المنطقة الأولى التي دخلها الفريق الأمريكي كَانَ المكاتبَ الإداريةَ حيث كان الدمار "طائشاً ومُطلقا". كُلّ واحدة مِنْ المكاتبِ الـ120 كَانتْ قَدْ سُلِبتْ، كُلّ قطعة من الأثاثِ تكسرتْ. لكن، في صالات العرض العامّةِ، كان الضرر اقل فداحةَ.
من ما مجموعة 451 خزانة عرض، أُتلفَت كان منها 28 فقط، كَانتْ كلها فارغة. ومن حلال خبرته عَلِمَ Bogdanos بان محتوياتها كَانتْ قَدْ أُفرغها الموظّفون قبل الإحتلال إلى "مكان سري" ضمن المتحفِ معَروفَ فقط من قبل خمسة من كبار المسؤولين في المتحف( أشار الدكتور دوني جورج إلى قسم الإخفاء لكنز النمرود في مقابلة تلفزيونية وقال اقسم خمسة منهم على أن لا يبوحوا بالمكان إلا بعد استقرار الأمور- المترجم) أين كان ذلك المكان، لم يقل احد منهم أين. لكن سرق منها 40 قطعة مهمة من أفضلها- كأس الوركاء المقدس، قناع الوركاء، وبقايا تمثال Bassetki وعاجيات القرن الثامن قبل الميلاد ومنها لبوة تُهاجمُ نوبيا - ويَقُولُ Bogdanos، بان اللصوص، كانوا منظمين ويسرقون بانتقائية".
الخزانات في صالات العرض تخبرنا بقصّة مختلفة. هنا حيث هجم السلابة بدُخُولهم عن طريق بابِ ترك مفتوحا مِن قِبل الجنود العراقيينِ الذين، حتى عندما هَربوا، تركوا ملابسهم الرسمية وقام السلابة بإفراغ كامل لرفوفِ الموادِ إلى حقائبِهم، والنتيجة كَانتْ 3,138 مادةَ مفقودةَ، مثل الجرارِ والآنية وقطعِ أخرى..
في2 مايو/مايسِ وضمن عملية التحري قام ,Bogdanos ورفيق له بالنزول إلى الأسفل من خلال سلم مخفي مُظلم نحو منطقةِ الخزنِ السردابَ.ووجدوا إن البوابة الحديدية العملاقة مفتوحة على مصراعيها ولا توجد أية شارات لفتحها عنوة, وهذا يعني إن شخصا ما كان على معرفة قد دخل هناك أولا.وكتب Bogdanosان الفوضى كانت مفجعة :هناك "كَانتَ بحدود 103 من السلال والصناديقِ البلاستيكيةِ تحتوي على آلافَ من الأختام الاسطوانية والخِرَزِ والتعاويذِ والمجوهراتِ مرُمِية بشكل عشوائي بِكُلّ الإتجاهات وسط الخرابِ، مِئات منها محطمة، لكنها فارغةَ، وهناك كَانتْ صناديق لم تمس. لقد كان واضحَا بِأَنَّ هؤلاء اللصوصِ عَرفوا ما كَانوا يَبْحثونَ عنه وأين يجدوه"، وان المحققين تخوفواَ من الأسوأ. لَكنَّهم اكتشفوا إن 30 خزانةَ التي تَحتوي على مجموعةَ من أجود الأختامِ الإسطوانيةِ في العالم وعشراتِ الآلاف من العملات المعدنيةِ الذهبيةِ والفضّيةِ كَانتْ غير متأثّرة أو لم تمس. ولكن مجموع ما فقد من المخازن 4795 ختم اسطواني و5542 عملة معدنية و قناني زجاجية وخرز وتعاويذ ومجوهرات.ويقول Bogdanos في كتابه: انه لا يمكن أن يتخيل إن هذه المنطقة تم الاستدلال عليها وخرقها ودخولها من قبل أي شخص ليس على معرفة مسبقة على ما في داخل المتحف, وقام المحقق بأخذ طبعات الأصابع ل23 من العاملين في المتحف الذين رجعوا بعد الاحتلال والذين لهم معرفة وإذن بدخول غرف الخزن, ولكن بعضاً منهم لم يعد ومنهم جاسم محمد رئيس جهاز الأمن في المتحف. رغم ذلك العقبة الأكبر في عملِ المحقّقين كَانتْ الحالةَ السيّئةَ لسجلاتِ المتحفِ والتّمويلِ غير الكافيِ. والمخازن على سبيل المثال، إحتوت على آلافَ من الموادِ المُنَقَّبةِ وغير المسجلة أو مفردة. ولم يكن لها أي جرد كامل ويخمن Bogdanos بان العمل قد يَستغرقُ سَنَواتَ لجَمْع المعلومات لكن الموادِ المفقودةِ كان لا بُدَّ أنْ تأْخذَ الأولويةَ.
أصدر عفوا عاما أعلن عنه خلال يومين. الإعلان وُضِع في المساجد وأرسل إلى الصُحُف والتلفزيون، وفي الشوارعِ: وينص الإعلان: بأنَّ أي واحد يُرجعُ مادةً اثارية مسروقة سيسأل سْؤُالاً واحد: فقط سؤالَ "هَلْ توَدُّ أن تشرب كأس من الشاي؟ ". وقم تم إرسال عضو ناطق بالعربية مِنْ فريقِ Bogdanos إلى البابِ لاستقبال الذي يَرجع ُ، ومَشّى الفريقَ في الشوارعَ، وشَربَ كؤوسَ عديدة مِنْ الشاي في المقاهي، ولَعب الطاولةً مَع الناس لكي يعرف ولو شيئا قليلا عن الآثار المسروقة.
الاستجابة كَانَت فوريةَ تقريباً. حقائب تَحتوي على مواد أثرية تركت بالجوار بعض الموادَ زعم مرجعوها بأنها أخذت للمحافظة عليها قد جُلِبَت باليد، بَعْض الآثار أرجعت إلى المساجدِ، وسلّمَ الآخرين قسم منها إلى دوريات الجيش الأمريكيِ.
بعد إسبوعين مِنْ المفاوضاتِ أرجعت الزهرية المقدّسة للوركاء، في يونيو/حزيرانِ في صندوق سيارةِ، سويّة مع 95 مصنوعة يدويةِ أخرى. وتم الاتصال ب Bogdanos عندما كان جَلسَ في مقهى مانهاتن في إجازة اثناء تسلّمَ قطعة أكدية بعمر 4,000 سنةً في ظرف أسمر. استعيدت تقريباً 101 مادة مِنْ الموادِ الـ3,138 التي سَرقتَ مِنْ المخازنِ ، رغم ذلك لا تزال على الأقل 8,500 قطعة مفقودة، أهمّها لوحة اللبوة العاجية .
أكثر من 2,000 قطعة استعيدت نتيجةَ هجماتِ التفتيش، أكبرها كان في بيت ريفي في 23 سبتمبر/أيلولِ. وكان من بينها قناع الوركاء الذي كان مدفونا في الساحة الخلفية تحت الأوساخ على عمق قدم ونصف.
في نوفمبر/تشرين الثّاني، أسفر هجومان في نفس اليوم عن العثور على منقل النمرود النحّاسَي، الذي كان يُستَعملُ لتَدْفِئة غرفةِ عرشَ الملكِ شلمنصر الثالث في القرن التاسعِ قبل الميلاد، بالإضافة إلى ً 76 قطعةَ سرقت مِنْ السردابِ، بضمن ذلك تمثالِ Bassetki، الذي كَانَ قَدْ غُطّى بالدهنِ وأخفى في بالوعة. يَقُولُ Bogdanos إن أحد أفضلِ مصادرِ معلوماتهم كَانتْ الدّكتورَ الغير موثوقَ به الآن أحمد جلبي، حيث أوقفت قوات المؤتمر الوطني العراقي شاحنةُ تَتّجهُ إلى إيران ووَجد فيها ما لا يقل عِنْ 465 مادةِ من الآثار.
حاليا، ومن خلال الدعاية والإعلانِ وصورِ بَعْض الموادِ المفقودةِ التي وزّعتْ إلى الشرطة والجمارك الدوليةِ، تبين إن الكثير من الموادِ المسروقةِ التي تم القبض عليها كانت في الخارج – منها 1,395 قطعة في نهاية الـ2003. وحوالي 669 استولى عليها في 2003 عندما أرسلت أربعة صناديق بريدية بواسطة (FedEx ) مُعَنونة إلى تاجر عاديات في نيويورك، وتم حُجِزها من قبل َ الجمارك الأمريكيةِ في مطارِ نيووارك.
لكن كنزِ النمرود الرائعِ، الذي يتكون من 1,000 مِنْ قِطَعِ الذهبِ، تيجان، قلائد ,ورود ذهبية أساور وأحجار كريمة مِنْ القرن الثامنِ قبل الميلاد؟ إحدى الإكتشافاتِ الآثاريةِ العظيمةِ في السَنَوات المائة الأخيرة، كَانَ قَدْ عرض للجمهورِ مرّة الوحيدِ ة، سريعاً، في عام 1989. وبَعْدَ سَنَة، تم خزنه بأمر من نظامِ حسين في المصرفِ المركزيِ. ولم يعرض منذ ذلك الحين، وقبل فترة قليلة من معركةِ بغداد، أبناء صدام، عُدي وقُصي، أفرغَوا مخازنِ المصرفِ و مُعظم محتوياتهم.
في 26 مايو/مايسِ، شوهد المحقّقون في قبو المصرفَ، ووَجدو الكنز مغطى ب20 قدمِ مِنْ الماءِ. وقد أراد طاقمُ فلمِ National Geographic على دَفْع ثمن سحب المياه وإعادة عرضه. في 4 او 5 يونيو/حزيرانِ عادَ، الفريقِ ووَجدَ في القبو مجموعة من الصناديقِ الخشبيةِ (زائداً جثة سارق ربما). وفتحوها واحداً بعد الآخر، وفيها كْشفُ عن الأثاث الجنائزي مِنْ القبورِ الملكيةِ لأور، حتى بَقى صندوقِ واحد. في الساعة 1.43 مساءً، فتح غطائه وكان هناك كُلّ فكرة لفلم هوليودِي -الكنزِ القديمِ - تيجان ذهبية وأساور وعقود وخلخال.
وسوف يعود Bogdanos؟ في وقت مبكّر من السَنَة القادمة إلى مكتبِ المدعي العام, يقود التحريات في تجارةِ الآثار العالميةِ. كُلّ حقوقه مِنْ ريع كتابِه تبرّعُ بها إلى المتحفِ العراقي.
الاندبندنت: ديفيد راندل
مَنْشُور: في 13 نوفمبر/تشرين الثّاني 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يعلن الاقتراب من مرحلة تفكيك كتيبة حماس في


.. روسيا تتوقع اتفاقية تعاون جديدة مع إيران




.. ترميم مستشفى أصدقاء المريض بعد تدميرها بغزة


.. الأمين العام لعصائب أهل الحق العراقية: دعم واشنطن لإسرائيل ف




.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. مناظرة للمرشحين تناقش السياس