الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف و السياسة في المغرب المعاصر.

حميد المصباحي

2016 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ربة التناوب,و التي اعتبرت حكومتها اشتراكية,وقع في المرحلة الأولى
التباعد بين المثقفين و الأحزاب السياسية التقدمية,حتى تلك التي لم تكن
مشاركة في الحكومة,و ربما ليس لها ممثلون داخل البرلمان,لينتقل هذا
التباعد إلى صراع,انتهى فيما بعد إلى ما سمي بالعزوف عن السياسة,فهل كان
عجزا للمثقف عن فرض وجوده على السياسيين,أم كان إقصاء لهم من طرف
الساسة,الذين لا يقبلون بالمثقف,اليقظ الرافض للتبعية باسم الضرورات
السياسية و الحزبية؟؟
1السياسة الحزبية و الإحتواء
ينبغي تصحيح فكرة العزوف السياسي للمثقف المغربي,فهو حاضر فيها,و لو من
منطلق انتمائه لسياسة ثقافية محددة,تلك التي ترغمه عقلانيا,على الدفاع عن
نظرته لطبيعة الخدمات,التي على الدولة تقديمها لما هو ثقافي,و إلا صارت
الدولة فاقدة لمشروع تؤطر بها وجودها و تطوره,و بذلك,فإن العزوف لم يكن
إلا نتيجة لعدم قبول السياسيين الحزبيين,للمثقف كمشاغب فكري و إبداعي,لا
يقبل بأية سلطة عدا سلطة العقل,و بذلك فقد نجحت القوى السياسية التاريخية
باحتواء الكثير من المثقفين المغاربة,و صاروا ساسة,بل منهم من تحمل
مسؤوليات حكومية,و نسي بعدها أو عاد لحقل الثقافة أسفا,بعدما أدرك مكر
الساسة و خبر رهاناتهم الهادفة للتخلص من المثقفين الرافضين للإحتواء
السياسي الحزبي لهم.
2_المثقف الرافض
هو ذاك الذي عاش أوج المواجهات دفاعا عن انتمائه السياسي لحزبه,أيام كانت
الأحزاب تحتاج لإيديولجية المواجهة,و التي كان المثقف بمثابة المنتج
لها,و الموجه لثقافة رفض التخريف و التقليدانية في كل صورها الثقافية
المغلفة بما عرف بالأصالة و مدبجات الدفاع عنها دينيا و إسلاميا,هذا
النمط من المثقفين,تراجع بعد صراعات مريرة مع السياسيين,بل منهم من أقصي
من القيادة و أبعد و تم التحامل عليه و على منتوجاته الفكرية و
الإبداعية,بغية إحباطه,بل منهم من حوصرت كتاباته حتى على مستوى الإعلام
المكتوب,فوجد نفسه مضطرا,إما للكتابة على صفحات الجرائد المستقلة,أو تجنب
الخوض فيما هو حزبي,لكنه حافظ على وجوده الثقافي و أغناه بالإشتغال
ثقافيا و فكريا من خلال المجتمع المدني,و الجمعيات المهتمة بالتنشيط
الفكر و الأدبي,إضافة للنشر,
3المثقف المغربي و رهان التغيير
بعد أن استكملت القوى السياسية دورتها لما يزيد عن العقد,فهل أدركت ضرورة
المثقف في مواجهتها لدعاة التقليد؟هل يقبل المثقف المغربي العودة إلى
صفوفها انتصارا لقيم الحرية و العدالة التي طالما دافع عنها؟
يبدو حتى بعد الإنتصار الكاسح لقوى التقليد بالمغرب,أن أحزاب التحديث و
قياداتها لم تستوعب بعد أهمية المثقفين و ضرورة العودة إليهم في هذه
المعارك المصيرية,و أنهم إن فقدوا هذه الصفة و تحولوا إرضاء لغرور الساسة
إلى سياسيين حزبيين,فلن يضيفوا شيئا,بل إنني أذهب أبعد من ذللك,للمجازفة
بالقول,أن المثقف المغربي باعتزاله للفعل السياسي الحزبي,استياء لا
اختيارا,صار أكثر فعالية في الإبداع و الفكر,و استطاع تحقيق حركية
ثقافية,ارغمت أعداء الثقافة من الحزبيين,خصوصا القادة إلى النزول للأنشطة
و الحضور إلى أماكنها العامة.
خلاصات.
حقيقة,رغم ما بذله المثقفون من مجهودات بعيدا عن السياسة,تظل غير
كافية,بحكم حاجة المثقف لمن يفعل رؤاه و يدافع عنها بمؤسسات,قصد تقوية
الفكرة و تجسيدها بما يحقق الحرية و حتى المصالح الحيوية للمزاطنين و
يحفظ حقهم في الكرامة و المتعة الفنية و المعرفية,لتتسع دائرة الفعل و
تصمد في وجه التخلف و المحافظة بكل اشكالها.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع ترقب الاجتياح المحتمل لرفح.. أوضاع 1.1 مليون نازح كارثية


.. تظاهرات في تل أبيب ضد نتنياهو وللمطالبة بعقد صفقة تبادل أسرى




.. السلطات العراقية تحقق في ملابسات الهجوم على حقل غازي هام شما


.. شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف




.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس