الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناس كما هم / قصص قصيرة

منير ابراهيم تايه

2016 / 2 / 26
الادب والفن


قرب الباب شجرة صغيرة، تمد أغـصانها النحـيلة بلين ومودة، لا تخدش أكمام الفتيات أثناء الدخول.. والإضاءة تعطي انطباعا بين عيون الجالسين الذين يتحدثون بفرح لأنهم أصدقاء، لديهم كلام كثير يقولونه.. كل شيء جميل وآمن في هذا المقهى.. الطعام جيد والاضاءة مبهجة والنادل حنون وطيب مثل الام الكبيرة والكلام يطير في الهواء ليصل إلى سمع الآخر، يسمعه ببهجة.. ثم يتحدث متأنيا وبوضوح، فالوقت هنا ليس على عجلة من امره..
الطاولة من خشب سميك عتيق، ألواح متماسكة ومتصالبة بقسوة. يحبون وضع ارغفة الخبز على سطح الطاولة، يخرجون الخبز من السلة السعفية ويضعونه على سطح الطاولة النظيف، لذلك امتلأت الشقوق بذرات الطحين. يتعمدون لمس خشب الطاولة الاملس والذي اكتسب لونا أسمر بفعل الأبخرة المتصاعدة من الأطعمة والشاي
امرأة تقف قريبا من النافذة تستند بمرفقها الايسر على الطاولة الكبيرة.. تلبس ثوبا رماديا شاحبا ويتحدث اليها رجل يلبس بدلة رمادية شاحبة ايضا، قال شيئا اثناء ﺍ-;-ﻟ-;-ﺤ-;-ﺪ-;-ﻳ-;-ﺚ-;- وهي تستمع اليه بابتسامة، فنسي ماذا يقول، نظر من النافذة ثم تحسس باصابعه كم ثوبها.. اسند مرفقه الأيمن على المنضدة البنية الكبيرة ليتأمل وجهها...
رجل يرتدي معطفا بنيا.. سحب كرسيا وجلس واضعا مرفقيه على الطاولة، تكلم مع النادل ثلاث كلمات، استمع النادل ثم رد بابتسامة فابتسم الرجل. اقترب النادل من الطاولة، مد نحوه كأس الماء وقال كلمة، كلمة واحدة ولكنها صغيرة، وحين وصلت إلى اذن الرجل الآخر الجالس إلى الطاولة، ابتسم، حينها اقترب النادل من الطاولة وقال كلمة أخرى، فحرك الرجل رأسه بإيماءة وصارا يضحكان كصديقين.. –


لم أر ابي وامي يوما ما يتفقان على شيء.. عند الافطار كانت تأكل امي الزعتر والزيت مع رغيف خبز اسمر صغير وابي يلتهم صحنا من الفول وعدد لا يحصى من اقراص الفلافل وارغفة الخبز تتطاير من هناك وهناك وتلك هي بقاياه .. وعند الغداء طبقا من الارز الابيض مع اليخني باللحم بينما امي تأكل الخضراوات والزيتون وفي المساء يلتهم نصف دجاجة مشوية مع مقبلاتها بينما تأكل امي قطعة صغيرة من الخبز مع المربى..
يحب ابي الواقع لذا فانه يتابع اخبار هذا العالم البائس وحين كان ابي يتابع افلام العنف حينها تلجأ امي الى غرفتها المنعزلة.. والسؤال الذي يؤرقني: كيف اتفقا على مجيئي لهذا العالم؟

جلست بين احفادها تحيك كنزة من الصوف لاحدهم بالوان قوس قزح حين تستشعر برده لتدفئه.. هكذا هي الجدة تتفانى في حياكة الدفء فلا وقت لديها تبدده في الانتظار..
وبينما هم يشاهدون على التلفزيون برنامجا للفوازير.. سأل مقدم البرنامج سؤالا محيرا يقول: ما الشيء الذي يأكله الانسان يوميا لا هو بنبات ولا حيوان؟؟ ارادوا ان يستبقوا جواب مقدم البرنامج، سألوا جدتهم بعد ان عجزوا عن الوصول للاجابة الصحيحة فقالت وهي تمتلأ ثقة واعتزازا بالنفس انه ملح الطعام يا احفادي..

كلما اشعلت سيجارة.. رحت اطارد دخان الكلمات وهي تحرقني

وصل الى خريف العمر .. لديه زوجتان احداهما مسنة والاخرى شابة في ربيع عمرها، كليهما تحبانه وكل واحدة منهما تتمنى لو انه يفضلها على ضرتها..
بدأ الشيب يغزو شعر الرجل فلم يعجب ذلك الزوجة الشابة لان يبدو زوجها عجوزا فاعتادت كل ليلة ان تمشط شعر زوجها لتقتلع الشعيرات البيضاء ليبدو اكثر شبابا وليتناسب مع عمرها.. في حين ان الزوجة المسنة كانت سعيدة للشيب في شعر رأس زوجها فكانت حين تمشط شعر رأسه تقتلع الشعيرات السوداء حتى يبدو اكثر شيبا وكهولة وليتلاءم مع سنها هي.. وسرعان ما وجد الرجل نفسه اصلعا...!!!

كانت الحافلة الوحيدة التي تقف في المحطة، ازدحم الناس وكل له وجهته وهو يقف بالمنتصف.. رآها تعبر الطريق فقرر العودة فهو لا يحب التواجد في الأماكن المزدحمة ولا في القلوب المزدحمة؛ وانطلقت الحافلة الا منه ومنها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟