الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأجيل والغاء القمة العربية هل هو حكمة مغربية او انقاذ فشل حتمي لهذه القمة ؟

خالد الصلعي

2016 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تأجيل والغاء القمة العربية هل هو حكمة مغربية او انقاذ فشل حتمي لهذه القمة ؟
***************************************************************
مر قرار المغرب بتأجيل ثم الغاء عقد القمة العربية به ، مرار الكرام بيننا ، ما عدا تعبيرات عابرة كرد فعل أولي لمواطني الفيسبوك على هذا القرار الخطير الذي يشمل 22 دولة عربية ، أي ما يفوق تمثيل 400 مليون نسمة . وهذا مؤشر خطير على غياب الاهتمام بحاضر ومستقبل الدول العربية من قبل الشعوب والمثقفين على حد سواء ، الا قلة قليلة .
وأنا أقرأ العدد العاشر من مجلة الوحدة الصادر في صيف 1985 ، استوقتني عبارة " ان الأمة العربية تعيش راهنا زمانا رديئا تتعمق فيه اوضاع التجزئة " ، لأتوقف اليوم وأعيش واقع التجزئة والتشرذم كحالة حادثة . وها هو قرار الغاء قمة عربية تجمع بين ملوك ورؤساء دول عربية يجسد هذا الواقع للأسف . لقد تجاوز حكام العرب واقع الصراعات المزيفة والحروب المصطنعة الى حروب بينية واقعية ،والى تحالفات مع العدو الحقيقي ضد الأخ والجار والشقيق . مما يعني حقا وصراحة ان أي قمة سيعقدها حكام العرب هي مسرحية رديئة ستزيد من سخرية الشعوب عليهم ، واستهزاء حكام الدول الغربية بهم كما كتب سيمون هيرش في احدى مقالاته ، والامتعاض من حكام يتقاتلون بينهم ويقتلون شعوبهم من أجل عبث لا طائل من ورائه .
قبل يومين فقط زاد جنون المملكة السعودية وبلغ درجة من الحدة لا مبرر لها ، وهي توقف اتفاقية تمويل صفقة أسلحة أبرمتها مع فرنسا بخصوص لبنان . وهي الصفقة التي عرفت تلكؤا طويلا وتسويفا متكررا ، حتى فقدت الصفقة راهنيتها وجدواها ، وأصبح الشعب اللبناني في غنى عنها ، رغم ان لبنان الرسمية ردت مقترحين لروسيا وايران بمساعدات عسكرية . وكان تعليل المملكة السعودية تعليلا مستفزا محله تسلط حزب الله على القرار اللبناني وهجومه المتكرر على حكام السعودية ، رغم ان الأمر يعود الى ماقبل الربيع العربي بكثير ، والى ما قبل الصراع المستعر حديثا بين ايران وآل سعود ، وتحديدا الى سنة 2006 اثر العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان .
يبدو أن تخبط آل سعود لم يعد له حدود ، وهيجانهم أصبح يفوق التصور، وغباؤهم يفوق غباء حكام مياننمار وكوريا الشمالية . وقد انضافت الى قرار المملكة السعودية خمس امارات خليجية ، في أخطر قرار يضع حدا بين دول الجنوب العربية ودول شمالها ، بين دول غنية ودول ضعيفة .
المملكة السعودية وجميع الدول باجهزتها الاستخباراتية ، ومعظم المثقفين العرب يدركون ان الجيش اللبناني غير مسموح له بامتلاك أسلحة متطورة ومتقدمة ، وأن حزب الله ينوب عليه في هذه القضية ويتوفر على اسلحة أكثر تطورا وتقنية ، واسرائيل لا تخاف الجيش اللبناني بقدر ما تخاف كتائب حزب الله ، فأين يكمن خلل التقدير السعودي في تسليح الجيش اللبناني ياترى ؟ ام هو مجرد رد فعل عاطفي ساذج ، يمكن أن تستثمره ايران خير استثمار وهي الخارجة بنصيب وافر من الملايير المسترجعة بعد الاتفاق النووي ورفع الحصار والحظر عنها ؟ . هل غابت هذه الحسابات على أصحاب القرار السعودي ، ام أن الأمر يتجاوز منطق الدولة ، وينحدر الى منطق العائلة ؟ ؟ وهنا تكمن خطورة النظام السعودي الذي هاجمته مؤخرا بشكل غير مسبوق أعرق الجرائد الأمريكية" اتلانتك " ، وبالضبط في جهة النظام العائلي .
ولتصحيح ما ساقه الصحفي عبد الباري عطوان فان عدد الدول الخليجية التي أعلنت الحرب -مجازيا- على لبنان خمسة وليست أربعة ، وهي السعودية والامارات والبحرين وقطر والكويت . وبذلك تكون هذه الدول الخمسة قد عزلت نفسها بطريقة استعلائية بذيئة عن مفهوم الشراكة العربية ، لتذكر الجميع ان علاقاتها الدولية هي علاقات زبونية وريعية ، فهي تخال ان بأموالها قد تشتري سيادة الدول وشخصيتها واستقلالية قراراتها . وهي الى ذلك تكشف عن وجهها القبيح وتفنجها بأموال البترول .
ان منع المواطنين الخليجيين من السفر وحث الآخرين على العودة من لبنان ، والتهديد بسحب الأرصدة وتوقيف الرحلات الجوية الى لبنان ، سيرمي لبنان كلها في حضن ايران . ايران التي قامت بخطوة ذكية ذات رسائل مباشرة بمنح أسر شهداء الانتفاضة الفلسطينية سبعة آلاف دولار للشهيد ، وثلاثين ألف دولار لكل أسرة هدم بيتها . فماذا قدمت للبنان ايران تحت الطاولة ؟، ربما كانت دول الخليج وعلى رأسها المملكة السعودية عاجزة عن قراءة هذه البدائل والممكنات ، لكن لبنان الرسمي لن يبقى مكتوف الأيدي وبدون مساعدات مالية وعسكرية وسيرتمي كليا في حضن ايران ، اما حصان آل الحريري فقد بدأ يصيبه داء الجرب واخذت مجموعة من القوى المساندة له تبتعد عنه بخطوات .
لا تزال المملكة السعودية تمعن في تشتيت الوحدة الشكلية العربية وتزيدها تمزيقا وتشرذما ، سواء باتخاذ قرارات حرب مباشرة مدفوعة وموجهة بطريقة فجة ، كما يحدث في اليمن ، أو احداث شروخ بين الأنظمة والشعوب كما يحدث بلبنان .
اذن فقرار الغاء القمة العربية من قبل النظام المغربي هو ، ان كان قرارا مغربيا صرفا ،حكيم . أما اذا كان قرارا مدروسا من قبل جهات خارجية ، وبعد مشاورات عربية عربية ، فانه انقاذ لهذه القمة قبل ان تصبح سفحا .
أعجبنيتعليق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الهدنة التكتيكية.. خلافات بين القيادة السياسية والعسكرية


.. دولة الإمارات تنفذ عملية إنزال جوي للمساعدات الإنسانية على غ




.. تشييع قائد عسكري إسرائيلي درزي قتل في عملية رفح


.. مقتل 11 عسكريا في معارك في شمال قطاع غزة 8 منهم في تفجير است




.. بايدن بمناسبة عيد الأضحى: المدنيون الأبرياء في غزة يعانون وي