الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة العراق خدعة التكنوقراطية وقتل الديموقراطية

رعد موسى الجبوري
(Raad Moosa Al Jebouri)

2016 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


لم تنجح الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ولحد اليوم في بناء اسس مجتمع الديموقراطية والرفاه. وبعد الفشل المتواصل لهذه الحكومات والتدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي المريع في العراق منذ 2003 ولحد اليوم، ظهر لنا بعضهم وعلى رأسهم حزب العبادي والمالكي ينادون بحل سحري وهو حكومة التكنوقراط.
إستخدام هذه المفردات الغريبة لإبهار المواطن ماهي إلا مناورة جديدة لإمتصاص نقمة الشعب العراقي وتخديره.
فمن هم رؤوساء الوزراء و الوزراء منذ 2003 ولحد اليوم فغالبيتهم العظمى من "التكنوقراط" ، الدكتور كريم وحيد مهندس كهرباء ، الدكتور ابراهيم الجعفري طبيب، الدكتور احمد الجلبي رياضيات، اياد علاوي طبيب، الدكتور حيدر العبادي مهندس، الدكتور حسين الشهرستاني كيميائي، باقر صولاغ جبر الزبيدي مهندس مدني، الدكتور عبد الفلاح حسن حمادي السوداني كيمياء حياتية، الدكتور لطيف رشيد مهندس مدني، الدكتور سلام الزوبعي مهندس زراعي...الخ. نعم غالبيتهم من "التكنوقراط" ولكن الكثير منهم متهم بالفساد الاداري والمالي.
المطبخ الاعلامي للنظام الفاسد ادخل مصطلح "التكنوقراط" بعد الفشل الذريع الذي نتج عن العملية السياسية المشوهة التي طبخت ودس فيها السم لاطعام الشعب العراقي والسيطرة على ارادته ومقدراته.
فايران لها مصالح كبيرة في العراق واهمها منع العراق من ان يكون قوة فاعلة بل تتجاوز ذلك بالسيطرة عليه واستخدامه لتنفيذ مطامحها التوسعية في المنطقة. اما الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل فهي لاتحتاج العراق كقوة حليفة في صراعات المنطقة بل تتركز مصالحها على منع العراق ان يكون قوة ذات ارادة سياسية مستقلة ومؤثرة في المنطقة مما قد يؤدي الى تهديد مصالح اسرائيل وسياساتها في فلسطين. اما تركيا فاغلب مصالحها في العراق اقتصادية ولا تسعى للتدخل السياسي إلا من خلال حساسيتها من وضع المنطقة الكردية. سياسات دول الخليج العربي تركز على تطوير اقتصادها الوطني ولها مصلحة تلتقي مع الامريكان وهي ابقاء العراق غير فاعل عسكريا لحساسياتها الناتجة عن تجاربها التاريخية، اضافة لذلك فهي تخشى مشاريع التوسع والهيمنة الايرانية المتزايدة على المنطقة وتعاني من التدخل الايراني في شؤونها وتهديد امنها الداخلي، و تخشى دول الخليج العربية بشكل خاص تزايد التشكيلات العسكرية الغير نظامية في العراق والتي تسيطر عليها ايران. ولهذا تعاني دول الخليج من مشكلة حقيقية، فمن ناحية كان العراق تاريخيا جدارالصد الاول ضد الضغوط والمساعي الايرانية للهيمنة على المنطقة ومن ناحية اخرى يسبب العراق القوي عسكريا مخاوف لدول الخليج. هذه المصالح المتضاربة والمتصادمة تؤثر على الوضع العراقي الداخلي وخاصة ان ضعف فعل القوى الوطنية العراقية يرافق هذا المشهد المعقد. فتم تمزيق وحدة ارادة الشعب العراقي من خلال اشاعة الطائفية والعرقية.
التكنوقراطية هي حركة اجتماعية طارئة برزت في بواكير القرن العشرين الماضي، وانتشرت في الولايات المتحدة وكندا لوقت قصير بداية ثلاثينيات القرن الماضي وسرعان ما تراجعت امام مقترحات اخرى للتعامل مع ازمة الكساد الاقتصادي الكبير. اقترح التكنوقراطيون استبدال السياسيين ورجال الاعمال بعلماء اكاديميين ومهندسين من الذين تتوفر لديهم الخبرة التقنية في ادارة الاقتصاد. لم تنتعش هذه الحركة وسرعان ما اضمحلت، ويعزي المؤرخ الامريكي ويليم اي ايكن، في كتابه الموسوم بالتكنوقراطية والحلم الامريكي، اضمحلال الحركة الى عدم تبنيها لبرنامج سياسي واضح.
فلانجد في التاريخ تجربة عملية لبناء دولة قامت على اساس التكنوقراط، والتجربة التي قامت في امريكا اثناء فترة الازمة الاقتصادية فشلت لانها افتقدت البرنامج السياسي، وهذا يؤكد ضرورة توفرالرؤية السياسية لبناء الدولة.
فقيادة الدولة لاتحتاج الى تكنو قراط بقدر حاجتها الى قادة سياسيين وطنين هدفهم خدمة الشعب والمواطن وليس نهب وافقار البلد. فلا بناء واعمار بدون رؤية سياسية. وعلى رجال التخصصات الفنية ( التكنوقراط) العمل على تنفيذ هذه الرؤى، فهم على الاغلب رجال تنفيذ وليسوا رجال قيادة.
ولكن كيف نضمن ان السياسي لايستغل منصبه للسرقة والفساد الاداري والمالي، لايتم ذلك الا من خلال تعزيز الرقابة الشعبية على اداء اجهزة الدولة. وتعتبر السلطة القضائية اهم مؤسسة تضمن توفير العدل في المجتمع، واذا فسدت فسد ت مجمل العملية السياسية. لذلك يجب اعادة تشكيل السلطة القضائية وتنظيفها من الشخصيات الفاسدة. واذا كانت هناك جدية في الاصلاح والتغيير فيجب البدأ فورا باستبدال الشخوص الفاسدة في القضاء واصلاح المنظومة القضائية.
المشكلة في العراق هي سيادة القوى السياسية المتشرذمة والمتفقة في آن واحد. فهي تتنازع على المصالح الحزبية والفئوية وتتفق على توزيع الحصص وحماية الفساد. والعبادي جزء ملتصق بهذا المشهد، فكل تصريحاته بالاصلاح لم ينفذها. لذا يجب الاستمرار بالضغط عليه لتنفيذ التغيير والاصلاح في المنظومة القضائية او اعلان افلاسه وفشله والتنحي وفسح المجال لغيره من القادرين على احداث التغييرات المطلوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقا
ابو محمد الجبوري ( 2016 / 2 / 26 - 17:58 )

كيف الحال اخي رعد موسى كاظم الجبوري نعم ان العراقيين اصبحوا ضحيه الاحتلاليين الامريكي والايراني وهمجية الاحزاب الحتاكمه وفسادهم الذي اصبح يزكم الانوف فلا حل الا بثوره شعبيه عارمه ينتصر الشعب العراقي لنفسه ودمت سالما اخي رعد

اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة