الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرف بأربعة أجنحة

أديب كمال الدين

2016 / 2 / 26
الادب والفن


شعر: أديب كمال الدين


لا أتذكّر هل أنا الذي قالَ للحرف
أم أنّ الحرف قالَ لي؟
لكنّي أتذكّر الصوتَ جليّاً يدمدم:
إنْ أنكرتني مَرّةً فلنْ تعرفني ثانيةً.
إنْ أنكرتَ أنّي رأيتُكَ
تتقلّبُ على الجمرِ حتّى مَطْلعِ الفجر،
تتقلّبُ في غرفِ الدخانِ والأرقِ حتّى صياحِ الديك،
تضيعُ في شوارعِ الظلمةِ والظلامِ حتّى وميضِ السكين،
تغرقُ في ثقوبِ الجسدِ حتّى احتراقِ الذاكرة،
ترتبكُ في غرفةِ الكلامِ حتّى بابِ المَلام،
ترتجفُ في مَوقفِ العُري حتّى سريرِ الموت.
إنْ أنكرتَ هذا كلّه أو بعضه
فلنْ تعرفني.
آهٍ أنا لم أنكرْ شيئاً، أيَّ شيء.
لكنْ: هل أنا الذي قالَ للحرفِ هذا
أم أنّ الحرف قد قالَ لي كلَّ هذا الهُرَاء العظيم؟
*

لأنّي لا أجيدُ شيئاً سوى الإقامة في الخيال،
لذا يُخيّلُ لي أنّي أحببتُكِ،
أحببتُكِ حدّ الجنون.
وقبلَ هذا وبعده،
يُخيّلُ لي أنّي قد رميتُ قصّةَ حُبّنا
من نافذةِ القصيدة،
أعني من نافذةِ الجنون.
*

قصّةُ حُبّنا تشبةُ قصّةَ الباخرةِ تيتانيك
التي غرقتْ قبلَ أنْ تعرف البحر
بقليل.
*

حُبّنا يشبةُ آخر الناجين في الباخرةِ تيتانيك
إذ كانَ قابَ قوسين أو أدنى من الموت
جالساً واقفاً كفأرٍ مذعور
في المكانِ الأخير،
في مركبِ النجاةِ الأخير.
*

قصّةُ حُبّنا تشبةُ الباخرةَ تيتانيك
التي فوجِئتْ بأنَّ البحرَ لا يعرف إلّا الاغتصابَ الوحشيّ
هي التي جاءتْ إليه عروساً تحملُ جمالَها الأسطوريّ
وشفتيها العارمتين بالحياة
ونهديها اللذين يصيبان كلَّ مَن رآهما بصعقةِ العشق .
*

حُبّنا أغنيةٌ هائلة
ماتَ شاعرُها المسكين
قبلَ أنْ يستمع إلى لحنِها المُذهل
وهو ينتقلُ من غيمةٍ إلى غيمة
ومن نهرٍ إلى نهر
ومن شفةٍ إلى شفة.
*

حُبّنا أغنيةٌ لا معنى لها
لأنّها وُلِدَتْ في زمنِ الشظايا
فتحدّثتْ كثيراً عن العواصفِ والزلازلِ والدخان
ونسيتْ أنْ تتحدّث عن القُبْلَة،
أعني القُبْلَة تحتَ المطر
حيث تكونُ شفتاكِ العالم
مِن أقصاه إلى أقصاه.
*

حُبّنا خرافةٌ اخترعتُها
كي لا تنتحر حروفي
ولا تلقي نقاطي نَفْسها
من جبلِ المجهول.
*

سأتذكّركِ كأيّ مجنونٍ
نسي اسمَه وعنوانَ بيته
لكنّه لم ينسَ طفولتَه التي غرقتْ أمامه
في الفراتِ الغريب
ولا شبابَه الذي ذُرَّ رمادُه سرّاً
في دجلة الأعاجيب.
*

تعرّفتُ بعدكِ إلى الكثيرِ من النساء
كنّ بخفّتِكِ نَفْسها
ورعونتِكِ نَفْسها
لكنّهن لم يملكن كرمَكِ الأسطوريّ،
كرمكِ الذي فتحَ عليَّ بابَ جَهنّم على مِصْراعيها.
*

حُبّنا يشبهُ فجراً
أُلْقِي عليه القبض بتهمةِ التسوّل
مع أنّ جيوبه كانتْ ملأى بليراتِ الذهب.
*

حُبّنا طائرٌ بأربعةِ أجنحة:
جناحٌ أحمر للرغبة
وجناحٌ أصفر للشوق
وجناحٌ أسْوَد للموت.
وهناكَ جناحٌ رابع
لا أتذكّرُ لونَه أو معناه.
ربّما هو أزرق
وربّما هو للنسيان.
*

البارحة
طرقتُ بابَ الماضي
فخرجَ لي رجلٌ يشبهني تماماً
ويرتدي ملابس تشبهُ ملابسي تماماً
وقالَ لي بلَبَاقَةٍ عالية:
العنوانُ خطأ.
وحينما استدار
وجدتُ اسمي وعنواني ورقمَ هاتفي
مكتوباً على ظهره
إنّما بحروفٍ عَصيّةٍ على القراءة.
أتراها حروف الماضي؟
*****************************
www.adeebk.com
مقاطع من قصيدة طويلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل


.. تراث الصحراء الجزائرية الموسيقي مع فرقة -قعدة ديوان بشار-




.. ما هو سرّ نجاح نوال الزغبي ؟ ??