الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارض وطني --موديل 2005

سلطان الرفاعي

2005 / 11 / 17
كتابات ساخرة


ممتطيا (فرشة السلسيب كونفورت) العالمية، وملتحفا بجلد الخروف حالما بالغد. هو كتب بضعة مقالات ، كان يقرأها مع أصدقائه، ثم قرر أن يصبح معارضا وطنيا ، وينتمي الى تجمع ليبرالي في العاصمة.
. تلك الليلة لم ينم فيها فرحه كان كبيرا ، كيف لا وسيحضر اجتماع للمعارضة في العاصمة.
في الصباح الباكر ، انتعل حذاء والده الجديد، ومعطف شقيقته، وذهب الى احد أصدقائه واستدان مئة ليرة لزوم الوصول الى العاصمة. وعندما سأله صديقه ، كيف سيتدبر أمره عند العودة قال: أكيد سيعطونني نقودا، فهولاء في المعارضة جميعهم عملاء ويملكون أموالا طائلة ولا بأس ان أعطوني منها.
وصل مشروع المعارض الى العاصمة ، واستقبله الجميع بالترحاب، هذا يطعمه ، وذاك يشتري له البيرة التي يحبها ويبدو انه كان محروما منها. وما لبث أن بدأ يطلب النقود بحجة قلة ذات اليد، أحدهم أعطاه مرة واثنتين وثلاث، وازداد طمعه ومطالبته، فأخذ الجميع يضيق به وبتصرفاته، ولكن من أجل الحفاظ على كرامته التي أهدرها بطلب النقود ، سكت الجميع على مضض، وازدادت طلباته ، وأصبح يطلب العمل الدائم في مقر التجمع،، ولكن الجميع رفضوا طلبه، وبدأ ذاك الذي كان يعطيه النقود يحيله على آخر ، الا أن الآخر رفض اعطاءه أي مبلغ مما اضطره للحقد عليه.

أخذ يطالب بتوظيف شقيقته المدرسة في محافظتها، وغيرها من الطلبات المخزية، واستهوته تلك اللعبة، فالإقامة في العاصمة لها مذاق وطعم آخر. آكل ,وشرب ونوم. وضاق الجميع به مرة أخرى ، وأخذوا يتهامسون بينهم: طوله أكثر من 170 سم ووزنه أكثر من 80 كغ ، وعمره أكثر من خمس وثلاثون سنة. اذا مع كل هذه المواصفات لماذا لا يعمل، لماذا لا يحاول البحث عن عمل في أي مكان. وجوابه كان: الأمن يمنعني من العمل. ولكن طز في الأمن هناك أعمالا حرة تستطيع العمل بها يا بني؟؟
ما في حدا لا تندهي :
هذا الكائن الذي لا ينتج شيئا ، ويجد من الأسهل أن يعيش على حساب وجهد مضيفه . وعادة هذا النوع لا يسهم بشيء للأسرة ، أو البلد ، أو حتى الجنس البشري. ولكنه يحتال لكي يعيش بصورة حسنة رغم تمتعه بالصحة ، وعدم كبر سنه، ورغم كل ذلك لا يزعج نفسه بالقيام بأي شيء في الحياة لتحسين عيشه، والتوقف عن اهدار كرامته. وليحصل على دخل جيد ، أو يسهم بشيء ايجابي لأسرته وأخوته وأهله ومجتمعه .
اضافة الى تمتعه بالقدرة التامة ، ومع ذلك، يتظاهر أمام زملائه كشخص معوق ، أو عاجز عن الاستفادة من وضعه.
وتمر الأيام وهذا المعارض الوطني الأشوس الفريد في زمانه، والذي ، ستتحلق حوله الجموع الغفيرة ليقودها الى التحرر والديمقراطية. هذا المعارض، وبعد أن شعر أن الجميع بدأ يضيق بنضاله ، وبطلباته، عزم على العودة الى محافظته الساحلية، وإعادة الحذاء الى والده، والمعطف الى شقيقته، فطلب قرضا غير قابل للسداد ورحل في ليلة دون أن يودع أحد من الذين اهتموا به وأطعموه وأعطوه مصروف جيب.
وصل المعارض الوطني الكبير الى محافظته، فأقيمت له الحفلات ، ونُصبت أقواس النصر والزينة، وجرى له استقبال حافل لا يماثله الا الاستقبال الذي تعده الجماهير السورية للبطل المغوار السيد رفعت الأسد شريك الإمبراطور الروماني فيليب العربي، على اعتبار أن الاثنين ، أي فيليب ورفعت قد تناولا الطعام من نفس الصحن ونفس الملعقة (وفهمكم كفاية.)

نعود الى صديقنا المعارض،. أمضى الأ سبوع الأول من عودته من العاصمة في الاستقبالات الرسمية وغير الرسمية. ثم بدأ يفكر كيف يرد الجميل، لأفراد التجمع الذين استضافوه في العاصمة. ولم يجد أفضل من (طرقهم) بيان يعلن فيه انسحابه من التجمع لأن المردود الثقافي(النقودي) لم يكن كما توقع، كما أن الاتجاه السياسي(الاقامة) لم يكن مريح. لذلك يعلن انسحابه من التجمع. وليس من كل التجمع، فالمجموعة التي عطفت عليه لا زال يكن لها الود ولن ينسى المعروف(النقود) الذي قدمته له تلك المجموعة، وهو لم ينسحب بشكل نهاشي(الأمر قابل للتفاوض) ولكنه يمر حاليا بأزمة نفسية، أعانه لينين على الخروج منها.

يطالب الضعفاء في كل مكان وزمان بإشباع حاجاتهم ، فيسألون الأقرباء، والأصدقاء والأقوياء ، والدولة، وحتى الله اذا كانوا يؤمنون به .، ويبررون مطالبهم بحيث يبدو عدم تلبيتها شرا من الشرور ولا يحاولوا ابدا أن يسألوا أنفسهم عما اذا كانوا يتمتعون بجدارة كافية تؤهلهم للأفضل بهذه الطريقة. ولا يخطر في بالهم أن يكون وضعهم المأساوي عقابا طبيعيا على كسلهم وتهربهم من المسؤولية بطريقة ما ، ربما يخشون من أن يكتشفوا حقيقتهم ، كأن يواجهوا الحقيقة المادية بأن كسلهم يقودهم الى شل تطورهم ككائنات انسانية ، وإنهم فقط يعيشون كالنباتات ، التي تتجذر جامدة في بيئة نشيطة (التجمع) تستمد منها غذاءها ، وتعتمد، بصورة سلبية على شيء من الشمس التي توفر لها الضوء والدفء فيصابون تدريجيا بالضمور نتيجة لعدم استخدامهم ملكاتهم الانسانية. مما يؤدي في النهاية الى اهدار كرامتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة


.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ




.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ


.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال




.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ