الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصنع السعادة (الحلقة الثالثة)

ماجدة منصور

2016 / 2 / 27
الادب والفن


قد يكون فرح و سعادة الكثيرون منَا في الإيمان
الإيمان

إن الإيمان كلمة غامضة، مبهمة، سريالية، عائمة ، خيالية ، فنتازية ، ضبابية ، شخصية ،كانت و ما زالت تثير المشاكل و تشعل الحروب و تريق الدماء و تأجج الفتن و تثيرالعواطف
و تجلب الدمار و تسبب الإنقسامات وتشحن النفوس على مر الدهر و العصور.
و الغريب في الموضوع أنه قد اصبح للإيمان ، حماته ، و المدافعين عنه ، و حراسه ، و كهنته ، و محاربوه ، و كتبته ، و أتباع له جاهزين للإنقضاض على الآخر و سحقه و محوه من صفحة
الوجود لا لجرم إقترفه الآخر، سوى أن إيمانه لا ينطبق على إيمان هذا الآخر.
في اللحظة التي سيتحول إيمان الآخر الى سيف مسلط على رقبة المختلف فإنه لم يعد ايمانا..بل أصبح كفرا بالمعنى الحرفي للكلمة، و مهما كان شكل الإيمان الذي تقتل من أجله و الذي
يبيح لك قتل المختلف عنك...إنه لم يعد إيمانا،، بل كفرا دمويا ماحقا للآخر المختلف و حقه في الإيمان الذي يعتقده!!
حين يتحول ايمانك الى سكين تجز فيها رقبتي فإنه قد أصبح وحشا يتهدد وجود كل من يعادي،،إيمانك العجيب هذا.
و عندما يكون إيمانك سجن لحرية إعتقادي فإنك ستصبح خطرا على كل مخلوق يشاركك العيش على سطح هذه الكرة الأرضية..المستلقية كمصيبة في هذا الكون المتناغم.
حينما تفرض إيمانك و مهما كان إعتقادك بصحته فإنك تلغي حريتي التي خلقني الله عليها و تتدخل في عمل الله الذي أحب و أراد و رغب في أن أكون مختلفة عنك.
الإيمان أو عدمه، هو شأن شخصي الى ابعد حد و لا يستطيع كائن من كان أن يُهدي اليً إيمانه أو يجبرني عليه..لأن الإيمان ذوق شخصي محض لا بل إن الإيمان حرية مطلقة و مقدسة
و شخصية ..الإيمان أو عدمه حالة خاصة جدا بين الإنسان و نفسه فقط لا غير.
أما إذا كان إيمانك يجلب لك السعادة و الفرح و الطمأنينة و العيش بسلام و حب و وئام مع من حولك و مع الطبيعة و مخلوقاتها و مع الكون بأسره،فما أحلاه من إيمان.
الإيمان الحقيقي يعني أن (تؤمن ) بأن هناك آخرا يعتقد عكس إعتقادك و مع ذلك فإن إنسانيتك تلزمك بأن تحترمه و تقدره و تحبه أيضا لأنك تشترك و إياه في خطوط الإنسانية المتشابكة
و المتعددة لأن للإيمان وجوها كثيرة و متنوعة و متعددة بتعدد الخلائق ذاتها.
أعرف كثيرا من البشر المؤمنين و هناك من حوًلهم إيمانهم الى مخلوقات دموية..متوحشة..قاتلة..تقتل بإسم إلهها و هناك من حولهم إيمانهم الى بشر هم قمة في التحضر و الإنسانية و الفهم
و الوعي، و لكني يجب أن أعترف بأن هؤلاء هم قلة قليلة.
إذا لم يحولك إيمانك الى شخص أفضل و أجمل..فدع عنك هذا الإيمان لأنه يؤذيك حقا.
إذا لم يقلبك إيمانك الى شخص سعيد و فرح و محب و منسجم مع محيطك فأنا أنصحك أن تبتعد عنه في التو و اللحظة لأن الإيمان، بهذه الحالة ، قد إنقلب الى سم زعاف يهدد وجودك بكل
معنى الكلمة.
إذا لم يكن الإيمان مدرسة حقيقية نتعلم منها كيف نكون أفضل و أجمل و أسعد وأنقى فبؤس هذه المدرسة..و بناقص منها.
إن الإيمان الحقيقي هو مدرسة متكاملة نتعلم منها حب الحق و الجمال و الخير و السعادة أيضا و من لم يحوله إيمانه الى شخص سعيد فهذا يعني أن مدرسة إيمانه ناقصة و مشوهة و فاسدة
وتتنافى مع قواعد الإنسانية الحقة، التي ننشدها جميعا.
إذا كان الإيمان لا يجعل مني شخصا سعيدا و فرحا و ممتنا و منتجا..فما الذي يلزمني به!!
الإيمان الحقيقي يُلزمني بأن أحب و أساعد و أتعاطف و أتألم مع كل البشر و إذا كان الإيمان عكس ذلك فإنه لا يلزمني و لا يناسبني بل إني سأرفضه و أتبرأ منه كبراءة الذئب من دم إبن
يعقوب.
الإيمان كلمة سحرية للغاية ، ولطالما شدًتني الى عوالمها الرحبة و الواسعة ، فها أنا أؤمن أنك مختلف و أن بإختلافك عني سعة و غنى وجمال و سحر و تنوع..فما السوء في ذلك؟؟
نحن لم تتوفر لنا الفرصة في إختيار أدياننا و لا إختيار مناطق ولادتنا و لا إختيار أهالينا و لا إختيار لوننا و شكل عيوننا..نحن قد وُلدنا في جبرية و قسرية لم يكن لنا يدُ فيها و لكننا مخيرون
في شكل تفكيرنا و نمط حياتنا و حريتنا في إعتقاد ما نشاء..أليس كذلك؟؟
أنا لست فيلسوفة و لا بعالمة نفس أو إجتماع..أنا إنسانة بسيطة مثلي..مثلك ..أمارس حياتي الطبيعية و لكني أعيش في مجتمع متعدد الأديان و المعتقدات و لا أمانع أن أحتفل مع البوذيين
أو الهندوس أو البهائيين أو المسحيين في مناسباتهم السعيدة.
من يعتقد أنه يمتلك الحقيقة كاملة,,هو إنسان في غاية من البؤس و العذاب.
الحقيقة الكاملة...غائبة كليا..عني و عنك و عن البشر أجمعين.
ها أنا أخاطبكم الآن ،ومن عالمي الإفتراضي، و أقول لكم: من لم تنهه صلاته و صيامه و زكاته و حجه عن أذى البشرية قاطبة..فهو كمن لا دين و لا إله و لا إيمان له.
من لم تجبره صلاته و صيامه و زكاته و حجه عن أذى العالم..فهو كمن لا دين و لا إله و لا إيمان له.
من لم تدعوه طقوسه التعبدية على إحترام كل مختلف..فهو كافر بالإنسانية جمعاء..بل هو كافر برب هذا الوجود الذي خلقني و خلقك.
أما إذا كان الدين و الإيمان، مهما كان شكله و لونه، يجعلني أحس بالسعادة و الفرح و الإنتاج و العمل و المشاركة في بناء الأرض..فأهلا به لأنه وقتئذ سيكون هو دين الإنسانية و
إيمانها الذي نفتقد.
إن السعادة هي غاية الوجود لأنه بالسعادة ترتقي الأمم و تتحضر الشعوب و لا سعادة لبني البشر إلا في وجود الله في حياتنا فإما أن يكون الله دافعا لنا لنرتقي و نسعد و نتقدم و إلا فإن عدم
وجوده أفضل و أسمى و أرقى ايضا.
من المفترض أن وجود الله و الإيمان به، يجعل وجودنا أرقى و أسمى..وجود الله ينفي عن حياتنا الإقتتال و الدم و المشاكل..فمالي ارى الله الآن و قد اصبح هو المشكلة كلها!! أليس هذا بغريب
و عجيب!!! ألا يستدعي منًا هذا إعادة النظر في كل ما نؤمن به و في كل ما أخبرنا عنه أسلافنا و أجدادنا!!
لقد إختلفنا على الله في الأرض و السماء ايضا...فخجل منَا الله و احتجب عنًا في بحور من النور و العتمة ايضا..أفلا نخجل..ألا نستحي؟؟
إذا لم يستطع الإيمان أن يجعل منًا بشرا أرقى و أجمل و أسعد..فما لزوم الإيمان؟؟
لنراجع إيماننا ثانية و ثالثة و رابعة و لننتقي منه ما يجعلنا سعداء..محبين..متآلفين..متفقين..منسجمين..متناغمين..متصالحين مع هذا العصر و العصور اللاحقة.
هنا أقف و من هناك أمشي و للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب