الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصصة : صراع من اجل البقاء

طاهر مسلم البكاء

2016 / 2 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ايام عصيبة على البعض ،وخاصة اولئك الذين جلسوا مطمئنين تمام الأطمئنان طيلة السنوات الماضية منذ 2003 ولحد الآن ، وتمتعوا بامتيازات لا يوجد مثلها في كل ارجاء المعمورة ،خطّوها بأيديهم لأنفسهم بدون أي سند قانوني ، اليوم العراق في فترة حرجة ،حيث ينهار الأقتصاد كأسوء مايمكن ،وتموت القطاعات المختلفة داخل البلاد فلا قطاع عام ولاقطاع خاص ولامشاريع تعمل ،وهناك مئات ان لم تكن آلاف الدعاوى العشائرية والقضائية حول استحقاقات توقف دفعها بسبب عجز الدولة عن الدفع للمصارف، أو لما رصدته من ميزانيات ،أو للمقاولين ، كما ان رواتب الموظفين قلصت ويعيشون قلقا ً مستمرا ً في ما إذا كانوا سيحصلون على رواتبهم ام لا ،وفرضت ضرائب متنوعة في أغلب الخدمات العامة ؟
الثورة الشعبية :
انطلقت ثورة عارمة على شكل تظاهرات اسبوعية (كل جمعة ) ، في ساحة التحرير وسط بغداد وفي جميع المحافظات الجنوبية ،ولكنها خلت من قيادة موحدة بارزة ، واستمرت لأشهر عديدة ،ولطول فترتها فقد تعايش الساسة معها ،وماعادت تقلق استمراريتهم بمناصبهم ، وماعادوا يرون فيها عظيم خطر ، ولكن طرأت فجأة مستجدات جعلت من هذه التظاهرات تسبب الغثيان ومن ثم الخوف لأعتى ساسة البلاد المتنعمين ، ومن أخطر هذه المستجدات هو التحذيرالمبطن للمرجعية الدينية المتمثلة بالمرجع الأعلى للشيعة في العالم، السيد علي السيستاني ، حيث اعلن ممثل المرجعية توقفه عن تناول الأمور السياسية في خطب الجمعة المعتادة ،وفسر هذا دليل يأس المرجعية من أي بوادر للأصلاح .
ازدادت على اثر ذلك التظاهرات الشعبية ،وحاول قادة الكتل تصدر موجة الأصلاح للمحافظة على جماهيريتهم ،وظهر صراع من نوع جديد وهو ايهما يمسك بالقياد أولا ً فيظهر وكأنه قائد الجموع الذي لايعجبه الفساد المستشري ، رغم ان الفساد وصل الى مستويات قياسية فاقت كل تصور ،وان جميع عناصر الكتل من شيعية وسنية متهمة فيه !
ابتدأ السيد العبادي الجميع معلنا ً انه سيقوم بأصلاحات بتغيير الوزراء الحاليين الذين جائوا عن طريق المحاصصة الحزبية وليس الكفاءة والنزاهة ،وتناقل الشارع صورا ً مأساوية عن كيفية تنصيبهم ، صور تدعم تقاسم الأحزاب المختلفة لثروات ومناصب البلاد كغنائم مباحة لهم وحدهم ولاحق لأي صوت عراقي مستقل بينهم ،حتى وإن وصف بالكفاءة والنزاهة وتمييز فيها ،لابل انه سيكون من أكبر الذين سيحاربون من عناصر تلك الأحزاب المستحوذين على الأمور العامة للدولة ، وبلغ الفساد ان يتحزب الوزيرالفلاني مع عضو مجلس المحافظة من نفس الحزب لفرض اعضاء الحزب دون غيرهم في المناصب التي تقع تحت سلطة تلك الوزارة ،كما يصبح الكادر الفاعل لتلك الوزارة بلمسة اصبع من منظري سياسة حزب الوزيرليحافظوا على مناصبهم والا ّ فأنهم عرضة للتغيير أيضا ً !
وانقسمت اراء الكتل والشارع بخصوص هذه الخطوة ،وعدها البعض خطوة تخديرية كخطوات العبادي السابقة ولا أمل فيها، بينما حاول البعض الأنطلاق منها بتدعيمها بأسس وفق رؤيته الخاصة كمافعل رئيس كتلة التيارالصدري السيد مقتدى الصدر والذي وضع لجنة سمى أسمائها ،وقال عنها انها مستقلة ويرأسها العبادي ،مشترطا ً ان تختار هذه اللجنة وزراء من التكنوقراط بدلا ً عن الوزراء الذين سيقالون ،وحذت الكتل الأخرى في تقديم رؤاها وحسب مصالحها ،فأكبر الكتل وهي دولة القانون شعرت ان مثل تلك اللجنة التي يقترحها السيد الصدر هي طريقة لسحب يد الحكومة وتقييدها، لان العبادي لن يؤخذ توجيهاته من كتلته بل من اللجنة تلك ،وفضلت اللجوء الى حكومة أغلبية ،متكئة ضمنا ً على كونها صاحبت أكبر أغلبية برلمانية ولن تسلم امتيازها هذا بسهولة ،أما كتلة المواطن فقد فضلت توسيع اللجنة واضافة أسماء اليها من داخل العراق وخارجه ،
وقال زعيم إئتلاف الوطنية العراقية أياد علاوي : إن سياسات المحاصصة، ومناخات الطائفة السياسية، والتهميش والإقصاء، وغياب المؤسسات المحترفة والمهنية التي تؤدي الى بناء الدولة الناجزة، وبالتالي تحافظ على الأمن والسلم الأهلي، وتقدم الخدمات اللائقة الى شعبنا الكريم ،قد اوصلت العملية السياسية الى طريق مسدود والعراق الى حافات الهلاك، واشار الى ان الفساد قد اصبح القاعدة وليس الإستثناء، وفقدان الأمن واستشهاد ما يقارب ألف عراقي شهرياً هو السياق المتعارف عليه، وارتفاع نسبة الفقر الى ما يزيد عن الثلاثين في المائة، وشدد على ان هذه الحقائق المؤلمة كان يجب ان تكون حافزاً للحكومة ورأسها على تدارك الاوضاع باعتماد خريطة طريق مستوحاة من وثيقة الاصلاح السياسي التي جاءت بالحكومة وأقرت من قبل كافة الكتل وأدرجت في البرنامج الوزاري ، وعوضاً عن الاعتراف بعجز رئيس الحكومة فإنه يلقي باللائمه على الوزراء".
اذن هناك صراعات خفية ومفضوحة تجري بين الكتل للمحافظة على امتيازاتها بوجه الغضبة الشعبية على ماحصل للبلاد من انهاك وخراب في مجالات الحياة كافة ،ولكن هل يتمكن اصحاب نظرية المحاصصة التي وضع اسسها الحاكم الأمريكي بريمر من الأستمرار في امتيازاتهم وسيطرتهم على المناصب المهمة للبلاد ؟ هذا ماتجيب عليه الأيام القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-