الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مكيدة الشيخوخة إلى جحر الرومانسية

دينا سليم حنحن

2016 / 2 / 27
الادب والفن



أجمل شيء هو أن تنسى مويابلك في السيارة وتذهب لمشاهدة فيلم في السينما، فقد حصل ونسيت موبايلي وأنا أهرول نحو دار السينما لكي لا يفوتني الاحتفال بافتتاح مهرجان الأفلام الفرنسية، التحقت بالناس الرايقة، التي تناولت الأحاديث بوشوشة وغنج، أكثرهم من الجالية الفرنسية الذين تأبطوا كؤوس الخمر برفق وفعلت مثلهم، أحطت كأس النبيذ بأناملي بوداعة وبدأت أبحث عن أصدقائي الحقيقيين، مبتعدة عن أصدقائي الافتراضيين في الفيس بوك، ولأن التذكرة مختومة بنمرة فحصل واختاروا لي مقعدا في مكان ممتاز، جلست داخله وبدأت تعتمل داخلي التخمينات بمن سيعتلي عرش الكرسي الذي على يميني بما أن الجهة اليسرى أصبحت مشغولة بزوجين من المسنين الذين بدءا بالتودد والتقارب، التصقا ببعضهما البعض وتبادلا أحاديث الحب فيما بينهما، يا لصراحتهما وهمساتهما الجريئة!
بعد ثوان جلس في المقعد الفارغ على يميني رجل في الثمانين من عمره، بدأ الحديث كما العادة عند الأجانب، (الطقس اليوم كان حارا) وما أن ابنسمت له ابتسامة رقيقه وكأني أفتح له بابا للحديث بدأ يرطن بكلام أشهى من العسل عن تجاربه في الحروب والعشق، يستذكر حبيبته التي لم تستطع مرافقته لأنها بدأت تعاني من مشاكل في الكبد، وارتشف من كأسه وهو ينظر إلى الفيلم الذي بدأ.
حلّ الصمت المميت في الصالة، العتمة سيدة الصمت وتعلّقت العيون بالمشاهد، ارتخت الأيدي، وضعت كأسي في مكانه واستعددت للإبحار مع الأحداث، صعد صدري وانخفض عندما ظهر البطل الفرنسي Stéphane Guillon ارتاح قلبي وتحسست نبضاته تخترق صدري وانتظرت المزيد، رشفت من الكأس رشفة ناعمة وعيناي تنوصان تطلبان متعة الرومانسية.
وشوشة ما أخرجتني من عالمي الرومانسي إلى عالم الواقع ، سألني المسن الذي جلس خلفي إن كنت (جوليا) في أذني، نطق باسمها بإحساس لا يغتفر، شدته زوجته من كتفه ناحيتها وقالت له ( ليست جوليا، اجلس بهدوء)، قال بإصرار ( هي جوليا فأنا لا أنسى عشيقتي الوحيدة)، أجابت بصمت ( ليست هي، ستحضر غدا)، وتأسفت لي وهي تحاول رسم ابتسامة على وجهها فبدت ابتسامتها حائرة.
تفقدت وبطرف عيني المشاهدين أبحث بهما عن وجوه شبابية، أو بالأكثر وجوها تماثلني عمرا، لكني لم أحظ بالرؤية بسبب العتمة التي استتبت، انتظرت ستيفن البطل بمشهد كوميدي، ربما يريح قلبي وقلوب المسنين الذين أحاطوا بي، لم يفعل، وكلما رشفت من كأسي رشفة أكل البطل لكمة حتى تكاثرت اللكمات على وجهه، أصيب البطل بجرح عميق زاد من تعاطف المتألمين معه، وكلما لحقت به لكمة صاح المتفرجون بشهقة ألم عالية، ومنهم من بكى وبدأ يدافع عنه.
انتهى الكأس، ولم تنته الأحداث التي لاحقتها بشدة راغبة بالمزيد وحتى المشهد الأخير، أضيئت الأنوار، جلت بناظري فإذا بي محاطة كليا بمسنين جاؤوا ليشاهدوا عملا يبدأ في مقبرة وينتهي في حديقة باريسية خاوية غمرتها الثلوج البيضاء.
لم يكن الفيلم رومانسيا... كم حزنت لأني نسيت موبايلي في المركبة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي


.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات




.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة


.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها




.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-