الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اثر العدوان على العراق إقتصاديا على الارض المحتلة

عادل سمارة

2003 / 1 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 


رام الله ـ فلسطين المحتلة

ستكون للعدوان الجديد على العراق تأثيرات على مختلف جوانب الحياة للفلسطينيين داخل الاراضي المحتلة. وهنا تجدر الاشارة الى ان هذه الآثار السلبية المتوقعة، ليست بلا جذور، وإنما هي امتداد وتساوق مع مقدمات كثيرة وُجدت على الارض من قبل الاحتلال والدول المانحة. على ان ما نتعرض له في هذه العجالة هو جوانب من التأثير الاقتصادي لهذا العدوان على الاراضي المحتلة.

يعود التمهيد لهذا الامر منذ زمن بعيد. فما تسمى بالمساعدات الاميركية سواء بالتمويل او بالتهجير، قد بدأت على الاقل منذ قال وزير الخارجية الاميركي الاسبق في اعقاب العدوان الصهيوني على لبنان 1982: " يجب العمل على تحسين شروط معيشة الفلسطينيين" . يمكننا القول ان نشاطاً مسعورا بدأ منذ تلك الفترة لاحتواء المقاومة الفلسطينية وقطاعات معينة من المثقفين بالتحويلات المالية. والحقيقة ان هذه ليست المرة الاولى التي جرت فيها محاولات احتواء الفلسطينيين بالتمويل. فهناك تجربة طويلة من قبل انظمة النفط العربية التي كان دورها الاساسي هو تقوية الجناح البرجوازي في المقاومة الفلسطينية على حساب او مخافة تجذير هذه المقاومة من قبل القوى اليسارية الفلسطينية. وهو الاحتواء الذي ادى عبر التمويل الى احتجاز جذرية الحركة الوطنية ولا سيما يسارها.

في اعقاب العدوان على العراق سوف يتم دمج المجتمع الفلسطيني ضمن مشروع إعادة التثقيف باقتصاد السوق، والانفتاح، وتحرير التجارة الدولية والخصخصة ...الخ من دعائم السياسة اللبرالية الجديدة. وعليه، سيتم التركيز بكل المبالغة الممكنة على دور القطاع الخاص وكأنه سيملأ البلاد لبناً وعسلاً. والحقيقة ان المقصود بالقطاع الخاص في الخطاب الاقتصادي للمؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة وخطاب المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ) هو القطاع الخاص الممثل في وكلاء الفبارك الاجنبية، اي راس المال التجاري الاستيرادي وليس رأس المال القومي الاستثماري في القطاعات الانتاجية.

قد لا تتوقف التحويلات المالية من قبل ما تسمى بالدول المانحة، بل سيتم توظيف هذه التحويلات في عملية تمكين السلطة الفلسطينية الجديدة، تمكينها عن طريق توفير سيالة مالية بيدها كي يعتمد عليها في معيشته اكبرعدد ممكن من الناس بهدف إضعاف مقاومتهم او اعتراضهم على سياساتها. وعليه، فإن السلطة وتحالفها الحاكم سوف تتمتع بالتحكم في الفائض المنتج محليا وفي المساعدات الممنوحة.

فطالما سيتم اطلاق يد راس المال الكمبرادوري في الاستيراد، فإن معظم الفائض في البلد سيتركز بأيدي هذه الطبقة التي تقوم بالطبع بتهريب هذا الفائض الى ارصدتها في الخارج. فهي لن تستثمره محليا لأن الاستثمار ليس طبعها ولا طبيعتها. وإذا قررت استثمار جزء من هذا الفائض، فسيكون بموجب السيناريو الذي تعده امبراطورية العولمة لهذا البلد وهو الاستثمار في قطاع الخدمات السياحية عامة وخدمات السواح خاصة. اي في انشطة من طراز اقتصاد الكازينو. وبما ان الاستثمار الخدماتي هو بالاساس في الخدمات السياحية، فإن هذا الاقتصاد سيكون "اقتصادا تحت الطلب" ، اي كما يريد رأس المال الاجنبي.

وهذا يعني كذلك ان الاقتصاد في حقبة ما بعد العراق الحالي، هو استمرار للاقتصاد السياسي للفساد الذي كان هو الطابع العام لاقتصاد السلطة الفلسطينية ما بين 1993-2000.
 
تجدر الاشارة الى ان المساعدات المالية، اي رأس المال المستورد (المقترض) ليس عاملا حاسما في المشروع التنموي لا سيما اذا كان على شكل منح ومساعدات وهبات من دول المركز الامبريالي التي تفرض على البلدان الممنوحة اجندة استخدام هذه الاموال. اما في الحالة الفلسطينية، فإن ما حصل هو غض الطرف من قبل الدول المانحة عن الفساد المنفلت للسلطة الفلسطينية. وعليه، كانت النتيجة ان لعبت المساعدات دورا في إعاقة الانتاج والنمو والتنمية. وعليه، فإنه بدلا من التشارك في استثمار المساعدات حصل التقاسم في سرقة المساعدات، الامر الذي صب في خانة تكريس سلوك انتظار بطاقة الذي أرغم شعبنا عليه منذ احتلال عام 1948، او انتظار (شيكا) من المنظمات غير الحكومية. وكل هذه امور تعمق شره الاستهلاك وليس ثقافة الانتاج.

ولا تنحصر الخطورة في هذا المستوى، بل ان قيام الاحتلال خلال الانتفاضة الحالية بتصفية المواقع الانتاجية يمهد بدوره السبيل للمرحلة المقبلة التي تُعد لإزاحة قوة العمل المحلية الشابة للعمل خارج الوطن حيث ستكون طاقة التشغيل المحلي في القطاع الخدماتي من طراز اقتصاد تحت الطلب، وهذا ما يرغم قوة العمل على الهجرة الى الخارج ولا سيما للعمل في مشاريع التهجير تحت تسمية "إعمار العراق". اما التهجير في هذا السياق فيتمثل في دفع العمال لجلب اسرهم الى اماكن عملهم في العراق، وذلك إما يتقديم تسهيلات او بفرض قيود على تحرك العمال (تعقيد اجراءات المغادرة والاجازات والتلويح بفقدان الاقامة او اذن العمل...) مما يرغمهم على ترحيل اسرهم اليهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن