الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع بين التخلف والحداثة - 1

محمود حافظ

2016 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بداية عندما نتحدث عن الصراع بين التخلف والحداثة لابد من التطرق إلى نمط الإنتاج
فنمط الإنتاج هو المحدد لأى مجتمع ما إذا كان هذا المجتمع مجتمعا بدائيا متخلفا أم مجتمع متطورا يأخذ الحداثةنمطا ومنهاجا .
وعندما نتحدث عن نمط الإنتاج لابد من الإشارة إلى أنماط الإنتاج التى مر بها الكون منذ بدايته المعرفية حتى الآن .
والتى بدأت من المشاعية البدائية مرورا بنمط الإنتاج الرعوى ( والذى يضم بداخله نمط إنتاج البداوة ) ثم نمط الإنتاج الإقطاعى والذى كرس بواسطة تحويل المراعى إلى أرض زراعية يمارس فيها الإنسان حرفة الزراعة بداية من بذر البذور حتى الحصاد الأمر الذى أرغم المزارع سواء كان مالكا أو أجيرا أن يرتبط بالأرض أو المكان الذى يمارس فيه عمله وهو الزراعة .
وفى هذا النمط ونتيجة السيطرة والهيمنة على الأرض والتى هى أصبحت المصدر الأساسى للرزق والسعى الدائم للبحث عن الأرض الخصبة والتى تتوافر فيها البيئة المناسبة للزراعة سواء كانت هذه الزراعة قائمة على مياه الأمطار الموسمية أو على مياه الأنهار .
أصبحت المجتمعات النهرية هى أم الحضارات سواء كانت هذه الحضارة فى وادى النيل وهى حضارة مصر القديمة الفرعونية أو الحضارة الصينية أو الهندية أو حضارة بلاد الرافدين العراق والشام .
ولابد أن نذكر هنا أن هذه الحضارات معظمها تعرض للغزو من الشعوب التى أصابها القحط كشعوب وسط أسيا والتى كانت تعرف بالهجمات المغولية أو التتارية على المجتمعات النهرية الخصبة ولعلنا نذكر بالمرة هنا أن بناء صور الصين العظيم كان نتيجة للنأى بالمجتمع الصينى الزراعى من هذه الهجمات التتارية .
ولعل هذه الهجمات من الغزاة هى التى أعطت فى النهاية المظهر العام للنظام الإقطاعى والذى هو عبارة عن وجود حامى الحمى والذى يصد هذه الهجمات بالمقابل يحصل على المقابل لهذه الحماية وهذا المقابل هو نصيب من الأرض الزراعية يقوم المجتمع الفلاحى بتقديمها نظيرخدمات الحماية بل أصبح هذا المجتمع يقوم بزراعتها لهذا السيد الذى يتولى الحماية .
كان بالضرورة إنشاء مجتمع زراعى عبارة عن إقطاعيات كبيرة من الأراضى تخص المالك الفرد وهناك داخل كل إقطاعية مساحات قزمية من الأرض للمزارعين أو ربما أصبح هؤلاء المزارعون يقومون بعملهم فى الأرض التى تنازلوا عن ملكيتها للسيد الحامى والذى أصبح فيما بعد مالك الإقطاعية أو الإقطاعى .
وقد نشأ هذا النمط من خلال هذه المظاهر وهو عبارة عن مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية يملكها إقطاعى ويعمل بداخلها صغار المزارعين والذى تحول معظمهم إلى أجراء عند الإقطاعى أو ما يعرف بقن الأرض وأصبحت كل إقطاعية مستقلة بذاتها من مساحات وقن الأرض .
وإذا كانت هذه الملامح الرئيسية للنظام الإقطاعى فإن النظام الرأسمالى الحديث أو البرجوازى قد قام أساسا على تدمير هذا النظام بمقولة واحدة وهى دعه يعمل دعه يمر .
دعه يعمل نتاج إنتاج وسائل ومستلزمات الزراعة من فئوس ومحاريث وأدوات لرفع المياه وكلها تحتاج إلى عمالة لإنتاجها .
دعه يمر نتيجة خروج هذا العامل أو الحرفى من نطاق إقطاعيته إلى مكان عمله الحرفى والذى أصبح يتمركز فى مناطق الأسواق التى يتبادل فيها الإقطاعيون محاصيلهم ويقضون فيها أوقاتا للإقامة واللهو والمرح فكانت هذه الأماكن فيما بعد هى المدن والعواصم والتى أخذت تجذب نفرا من أقنان الأرض يعملون فيها سواء فى الحرفية او فى تقديم خدمات اللهو للسادة أو فى القيام كعمال فى التسويق الزراعى التبادلى من نقل الحاصلات الزراعية من مكان إلى آخر..
من هنا نجد أن التجارة كانت من العوامل المحددة لإنهيار النظام الإقطاعى وتدميرة وخلق نظام آخر هو النظام الرأسمالى الحديث والذى أصبح يقوم على الملكية الفردية بمعنى أن يكون التاجر هو الشخص المحورى والذى يجذب عمالة تعمل عنده ونتيجة رواج سلعته التجارية من تبادل فى الأسواق المحلية ثم التوسع فى الأسواق حتى أصبح يتم التبادل فى الأسواق الخارجية مع إكتشاف العالم الخارجى نتيجة التطور فى السفن البحرية والتى أدت إلى معرفة وإكتشاف بلاد الهند والأمريكتين والتىا كانت الأخيرة أرض جديدة أصبحت تجذب الهجرات السكانية من ملاك ومغامرين بالبحث عن الثروات المعدنية كالذهب وأيضا اجراء يعملون .
لقد أصبحت البرجوازية هى النظام البديل والتى نشأت أساسا من تغيير سكان القصور من الإقطاعيين إلى كبار التجار ثم الرأسماليين .
ونظرا لأن اى نشاط إنسانى سواء فى الزراعة أو التجارة أو الزراعه يواكبه رصد لهذا النشاط وتسجيل له ثم إستنباط وتقييم النشاط وهذا ما يؤدى فى النهاية إلى النشاط الذهنى أو النشاط الفكرى الذى يرصد حالة المجتمع وخاصة حالات القهر المعنوى والمادى التى يتعرض لها الإنسان سواء كحانت من الإقطاعى فى نمط الإنتاج الإقطاعى أو الرأسمالى المستغل والمستلب لحقوق العامل الذى يؤجر لبيع مجهوده العضلى .
هذا النشاط الفكرى هو من أنتج عبر العصور من يسجل ملامح كل عصر فقد كان هوميوس من سجل ملامح العصر العبودى فى الإلياذة والأوديسة وكان أيضا هناك أدباء ومفكرين فى عصر التنوير والذين سجلوا أحداث وملمح العصر الإقطاعى كفلاسفة عصر التنوير أمثال فولتير ومونتيسكيو وجان جاك روسو ومن الأدباء فيكتور هوجو وتشارلز ديكنز وكانت رواية ثورة 93 لهوجو ورواية قصة مدينتين لديكنز خير تسجيل لعصر إنهار هو العصر الإقطاعى .ومع ظهور وتأبيد النظام الرأسمالى والذى عماده الملكية الفردية ظهر أيضا من ينتقد ويظهر بشاعة هذا العصر من إستغلال وسلب للعمال فظهرت الأفكار الإشتراكية والتى تقوم على إستبدال العمل الفردى بالعمل الجماعى وظهر هناك من هم إشتراكيون طوباويون أمثال سان سيمون وإشتراكيون علميون أمثال كارل ماركس وأنجلز .
هذه مقدمة كان لابد منها لمعرفة أنماط الإنتاج والتى تبدأ من عصر البداوة حتى العصر الرأسمالى المهيمهن والعصر الإشتراكى البديل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية