الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء أنثوي

رائف أمير اسماعيل

2016 / 2 / 29
الادب والفن


جلست امامي دون تردد لتعلن سطوعا كونيا لم أر مثله في حياتي ... لاول وهلة ظننت انها تشجعت من معرفة قريبتها بي، الجالسة على مقربة منا، مضافا الى ثقتها بنفسها، لكن خطر ببالي اثناء حديثها انها قد انجذبت بعض الشيء لشخصيتي فأثرت اكتشافها.
كانت المسافة بيننا وجلوسها على الاريكة الصفراء اللون بفستان أحمر قاتم كافية لأن ارى كل تفاصيل جسدها بزوايا يسقطها نظري كيفما تحركت الرغبة واتجهت... مسافة كانت كافية لنقل تغريدات صوتها دون تداخل .. دون ان تضطر الى خفضه او رفعه، ليكون واضحا وضوح افكارها التي أردتُ ان يكون تديُنُها مادة لحوارنا.
كنت اراوغ واتفلسف كي يطول الحديث بيننا حتى اجد مرمى لسنارتي. أو استعرض لها (عضلاتي) الفكرية فتعجب بها ... فقد قررتُ ان لاتفلت مني رغم فوارق كبيرة لاتصلح اساسا للجمع بيننا. فبينما لم تؤشر كل ذاكرتي الخمسينية أمتزاج بشرة بيضاء بلون برتقالي محمر بهذه النسبة البهية لامرأة لم تتجاوز الثلاثين عاما كان هنالك فارق محطم لأي أمل وهو انها لم تكن متزوجة قط، بينما كنت انا متوجا بزوجة وثلاثة ابناء لا استطيع التخلي عنهم حتى لو تطرفت وقبلت الزواج بي. بل كيف لوجه دائري بخدود طرية .. وجه بعيون كبيرة ضاحكة وحاجبين عاليين مستقيمين أن يلهث لاسعاد وجه أسمر مجعد قد كئبته السنون والظنون.
لم اصدق نفسي حينها، عندما حسستني نظراتها انها تجاوبت معي في كل ماقلت.. وحين تماديت وطلبت منها ان اراها وهي واقفة في زاوية مظلمة من الغرفة. لا ادري ماالذي دفعني لذلك .. ربما اردت ان انفرد بها بعيدا أو لأرى بدقة أكثر تجسدها الشمسي..فاستجابت بكل سرور.
رغم ذلك خرجت من الغرفة انقل خطوة يائسة تليها خطوة اتذكر فيها مقطعا من ذلك اللقاء البهيج. لكن بعد خطوات قلائل وصل الى سمعي مايوحي منها انها تتراخى لكلام قريبتها بأن تقبل بي زوجا لها رغم حالتي الزوجية والابوية. فعدت ... عدت لأذلل حتى امكانيتي المالية.
..............................................................................................
بحثنا وانا اقودها من يدها في غرف البيت العتيق المملوءة بالنساء النائمات على الارض عسى ان نجد مكانا نجلس فيه انا وهي ... فوجدنا بعد مشقة فراشا خاليا على بعد امتار منهن، فجلسنا كي نكمل مابدأنا وبكل سرور منها... لكن !!! أثر دماغي في لحظة أن يعي نفسه فيستيقظ من حلم لم يحتمل صدمات فرحه المتتالية.
ورغم ذلك نهضت منتشيا من حلم لم يراودني من سنين قد خلت ... ومن جمال جديد فخرتُ فيه بدماغي وهو يجمع مقاطعا جميلة من وجوه مخزونة في ذاكرته فينسجها ويلونها بما تلائم وغرائزي المتحررة من قيود المنطق.
ومثلما كنت احرك رأسي طول ساعات النهار لاستعيد كل اجزاء الحلم وكل اجزاء جسمها ... رأسها المستدير ... شعرها المقصوص الى الرقبة ... صدرها العريض ... وركيها الدائريتين .. ساقيها المملوئتين .. قدميها الترفتين البيضاويتين .. وأقف كل مرة لأقيس طولها بالنسبة لطولي الفارع الذي لم يبدُ انها أقصر منه الا بشبر واحد...... كنت أحرك نفسي وأقف أمام حاسبتي علّي ان لا أكون قد نمت مجددا وحلمت حينما رأيت على مكان دردشة (الفيس بوك) الخاص رسالة فيها صورتها.
كانت الرسالة تقول ... (أرجو قبول صداقتي التي بعثت وهذه صورتي .. فقد حلمت بك البارحة .... في الحقيقة انا حلمت بشخص وتفاجأت عندما وجدت صورتك امامي بالصدفة في "الفيس بوك" وهي نفس صورة الشخص الذي حلمت به... ... )... وروت حلمها ... ففاجأتها بعد ثوان ليس الا بأن ارسلت لها ماكتبت عن حلمي بها اثناء النهار ... فكانت الكتابتان متشابهتين في الاحداث مختلفتين في الاسلوب.. فتأكد لكلينا اننا حلمنا معا ...
ومثلما احببنا بعضنا في ذلك الحلم .... أحببنا بعضنا في الحقيقة ... على الطرقات وبين الازقة .. تحت الاشجار وتحت الامطار..
على (الفيس بوك) توجد مساحة فيها (أصدقاء قد تعرفهم) تعرض فيها صور الاشخاص ... انا كانت صورتي لصفحتي الشخصية حية وكما هي بينما هي وضعت اسما مستعارا وصورة لمنظر طبيعي. فلو كانت المسألة هي استرجاع للصور اثناء الحلم فتصح بالنسبة لها وليس بالنسبة لي ... ناقشنا هذا معا في أول لقاء.
ثم قلت لها:
- في الحلم اقنعتك قريبتك ان تقبلي بي زوجا لك ... الآن وفي الحقيقة هل تقبلين بي زوجا؟
- نعم وبكل سرور .. بل اشعر وكانني زوجتك الآن ولا اخاف من الاقتراب منك مثل
ما كان في الحلم.
- طيب ... والفوارق بيننا التي ابديت تراخيا فيها في الحلم؟؟
- ليس بيننا أية فوارق .. انا احببتك وانتهى الامر بالنسبة لي ... وربما ستكشف الايام منطق هذا الحب الذي لايبدو منطقيا في الفوارق.
- أهو قدر؟
- يبدو كذلك ... ثم لايهمني ان كان قدرا ام لا... بل ستعرف أي هدية انزلتها السماء اليك...
وتأكدت انها فعلا هدية قد انزلتها السماء حين علمت انها من اسرة محافظة لها سمعتها العالية ... بل الغنية جدا.. وانها حاصلة على شهادة جامعية مثلي .. وانها رفضت عشرات من تقدموا للزواج بها ممن هم قليلي الفوارق معها .... فتتعذر لاهلها: أريد من يفهمني وافهمه ولايهمني اي اعتبار آخر... وكان اهلها مستجيبين لدلالها محترمين لشعورها مثلما احترموها في كل تصرفاتها .. مثلما عرفوا انها لم تخطيء في تصرف من قبل وانها واعية لكل ماتقول.
وبقي شق آخر في هذه المعادلة الصعبة .... فسألها بعد تردد:
- ايتها الضوء الكوازاري المتجسد بانثى .... هل لك ان تساعدينني في اقناع عائلتي في الزواج منك ...
- أكيد سأفعل ذلك .. انا واثقة اني سأجعلهم يحبونني كواحدة منهم ... بالمناسبة سنعيش معا كلنا في بيت واحد، وزوجتك سأجعلها تحبك اكثر، ليس غيرة مني بل سأحثها باساليبي ان تفهمك أكثر... في الكيمياء درسنا ان الماء الذي هو اساس الحياة يتكون من ذرتي هيدروجين قابلة للاشتعال بذرة اوكسجين تساعد عليه. لكن هذا التفاعل يجعل لهذه المكونات طريقا آخر يملأ الدنيا كلها خيرا.
وفعلا أقنعتهم قبل الزواج وبعده بهداياها المالية السخية لعائلة متوسطة الحال ... بالبيت الجديد الذي سجلته ملكا لضرتها ... بطيبتها المتناهية التي اغدقت فيها على الكل دون استثناء ... بمقابلتها الاساءة بالاحسان... لم تزعل يوما من أحد ولم ترفع صوتها ...
وهكذا ايضا أصبحت اما ثانية لابنائي واختا لأمهم التي صارت بالمقابل اما لابنائها الثلاث ....
........................................................................................................
دق جرس الباب بشدة ... لتقطع ترددات صوته ترددات الضوء الانثوي من مخبئه فأستفيق حقا وأستنتج ان حلمي كان طويلا.. طويلا جدا بمقاطع متصلة.
بعد تلك الاستفاقة .. وبعدما تحسست مدى قوة الشعور في الاحلام وكأنها حقيقة الى الحد الذي نتوهم في جزء منها اننا استفقنا ونحن لم نستفق، ثم اقترابها احيانا من منطق الحياة العملية، سار خلف (واقعيتي) ظل من شك ... بانني مازلت أحلم... حتى في كتابتي لهذه السطور. فربما لايكون الواقع واقعا مع رغبات معطلة.
27/2/2016










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث