الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم من مدينتي، أحمد منصور السعدي

قحطان محمد صالح الهيتي

2016 / 3 / 1
سيرة ذاتية


قال عن هيت:" عشت في هيت أثنين وسبعين عاما، وشاهدت مدنا كثيرة داخل العراق وخارجه، ولم اجد مدينة أطيب منها هواءً وماءً وغذاء واطمئنانا، فهي المدينة المحببة إلى قلبي، لا لأني نشأت فيها بل لكونها طيبة، وأهلها طيبون، فلا مخادعة فيها، ولا رياء، ولم يضمر احدهم شيئا إلا وظهر في فلتات لسانه، أو على صفحات وجهه، وتستطيع أن تقرأ ما يضمر بسهولة فليسو بالأحاجي، ولا بالإلغاز، وإنما صحائف بيض . تركتها وهي اعز ما تكون على نفسي، تركتها من اجل أولادي الذين بلغوا المراحل العليا في الدراسة، ولأجل أن اشرف عليهم إشرافا مباشرا، غادرت هيت لأكون على مقربة منهم، ومن معاهدهم ،وليعيشوا في بيت أبيهم، ولينصرفوا إلى واجباتهم المدرسية."
-
بهذه الكلمات الصادقة النقية عبّر المعلم والتربوي الفذ المرحوم أحمد منصور السعدي عن حبه لهيت ولأهلها الطيبين في رسالته المؤرخة بتاريخ 14 / 1 / 1995، والتي خصّني بها حين عَلمِ باهتمامي بجمع كل ما يتعلق بتاريخ مدينة هيت.
-
ولد احمد منصور السعدي في هيت في يوم من أيام العام 1923، وفيها نشأ وتعلم.وقد تعلم القرآن وحفظ بعض سوره قبل أن يدخل في المدرسة.
-
اكمل دراسته الابتدائية فيها بعدها اكمل دراسته التي أهّلته للقبول بدار المعلمين الابتدائية في بغداد،وتخرج منها في عام 1942متخصصا بتعليم الحساب والقياسات.
-
في 15 / 10 / 1942 باشر عمله معلما ، ومارس مهنته التربوية في اكثر من مدينة من مدن العراق ولمدة خمس سنوات .
-
في 1 / 9 / 1946 نقل الى مدرسة هيت الابتدائية للبنين.وباشر عمله فيها بموجب الامر الإداري / 3371 في 18 / 9 / 1946 .
-
وفي 1 / 9 / 1949 نقل الى مدرسة كبيسة الابتدائية للبنين وبقى بها بضع سنين أعيد بعدها الى هيت.
-
بموجب الامر الإداري/ 15273 في 18 / 9 / 1963 عين معاونا لمدير مدرسة النضال الابتدائية، وباشر عمله في 21 / 9 / 1963 .
-
ونظرا لكفائته ومهنيته العالية وخبرته التربوية على مدى عشرين عاما عين مفتشا تربويا على ملاك مديرية تربية الانبار.بعدها انتقل الى بغداد ليكون قريبا من مدارس وكليات ابنائه.
-
أعود الى الرسالة واقتطف منها هذه السطورالتي عبّر فيها عن مدى حب شباب هيت في ثلاثينات القرن الماضي لمدينتهم وكيف قرروا أن يكونوا (مكافحين) للأمية فيها وبالمجان؛ فقد قال:"في العام 1932 كانت أكثر المدن في العراق تغط في نوم عميق وكان الشباب الذين سبقونا قد تفتحت أذهانهم فالتحقوا بمعاهد بغداد ليعدوا أنفسهم لخدمة البلد خدمة اجتماعية، وبعد أن أكملوا دراستهم في المدرسة الابتدائية ، ذهبوا للدخول بمعاهد بغداد، ومنهم عبد الحميد الهيتي، وشفيق توفيق، وأمين علي، وهؤلاء الثلاثة دخلوا دار العلوم (كلية آل البيت الملغاة) ، ودخل الطلاب شاكر محمود الهيتي، وداود عبد الرزاق، وغيرهم دار المعلمين، وتخرج هؤلاء معلمين، ولما كان هؤلاء يأتون إلى هيت صيفا لقضاء العطلة الصيفية جندوا أنفسهم ليقوموا بمكافحة الأمية ليلا، وانضم إليهم من الأهالي المرحوم رشاد الخطيب وغيره."
-
ويستمر في وصف عمل أولئك الطلبة البررة فيقول:"لقد كان همُّ هؤلاء الشباب هو تعليم أبناء مدينتهم من خلال استغلال العطلة الصيفية، وقاموا بتوفير كل ما تستلزمه العملية من مال، ومكان، فالمال وفروه مما كانوا يحصلون عليه من ذويهم ،والمكان كان مدرسة هيت الأولية الواقعة على الفرات المتعطلة عن الدوام بسبب العطلة الصيفية.وقد ساعد وكيل المدرسة على فتح أبوابها لمكافحة الأمية ليلا واخذ المكافحون وهم : عبد الحميد عبد المجيد الهيتي، وشاكر محمود الهيتي، و داوود عبد الرزاق، وأمين علي، وشفيق توفيق وآخرون لا أتذكر أسماءهم على وجه التحقيق، وقد تبرعوا من حسابهم الخاص بمستلزمات الضياء والنثرية ،وقد أثمرت جهودهم في إعداد منهج تربوي في القراءة والحساب والتاريخ والتربية الدينية ،وفي خلال مدة العطلة الصيفية تعلم الدارسون كثيرا من الأمور الحياتية وآتت جهود المكافحين ثمارها ،ولما علم المسؤولون بما صنع هؤلاء النفر الواعي من تدريبات تربوية في الخط والإنشاء والتاريخ واللغة أعجبوا بما قدمه تلاميذ دار العلوم ودار المعلمين، فقد كانت مبادرة عظيمة في تنظيميها وإعدادها، وهذا ما دفع المسؤولين إلى أن يفتحوا الدورات المسائية، ويجعلوا نفس معلمي المدرسة يحاضرون بها ليلا لمكافحة الأمية باجر يومي قدره عشرون فلسا، وأحيانا تبقى أجورهم ما بين الرد والقبول وبين الوفر وعجزه في الميزانية ."
-
ويقول:" ولم تكن في هيت في عام 1932 سوى مدرسة واحدة، فيها أكثر من ثمانين طالبا وكان الإقبال على المدرسة ضعيفا، ولا توجد حينئذ مدرسة للبنات، وكان الأطفال وحتى الكبار يذهبون إلى الملا ليتعلموا القران، وقد توسع عمل الملا ليشمل أحيانا تعليم الصبيان نوعا من الخط والنسخ على صفحات التنك".
-
رحم الله المعلم العَلم أحمد منصور السعدي، ابن هيت البار الذي أحب مدينته وشرّفها بعمله ونزاهته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حراك دبلوماسي لافت بشأن مفاوضات التهدئة في غزة


.. كأس أوروبا.. ما حظوظ المنتخبات الأربعة في الدور نصف النهائي؟




.. مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية يعقد في القاهرة


.. في ظل الحرب.. سيدة تحوّل منزلها في الجنوب اللبناني إلى مصنع




.. ما أبرز ما أوردته الصحافة الدولية بشأن الحرب الإسرائيلية على