الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا الفدرالية

راغب الركابي

2016 / 3 / 1
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



ليس سراً أن نبيح كلاماً ورد في لسان صاحب القرار الأول في الكرملين ، وليس سراً أن نقول : إن سوريا مقبلة على أيام جديدة غير التي ألفناها ، فيها يكون لها تاريخ جديد وجغرافيا جديدة وواقع فرضته الدماء والحرب والمُكايدة ، و أبناء سوريا يعون ذلك تماماً يستشعرونه في صيغة معادلة إعلامية وحوارية ومفاوضات ، فيها تُرسم خارطة وعي جديد ليس لحدود وحسب ، بل لتعيين ملاكات جديدة للدولة السورية المقبلة ، وشعب سوريا كشعب العراق تماماً يعيش التناقض والتناحر والطائفية والسلوك السيء ، وهذه الصفات غدت واقع جعل من الإختلاف الغير محمود حقيقة ضد التعددية - والتي هي طابع كان من المميزات الجيدة للبلاد الشامية - ، لقد أستُغل الإختلاف الثقافي والديني والقومي من قبل الغير لكي يكون أداة هدم وتفتييت ، وقد ساعدهم في ذلك سياسيون نفعيون ومرتزقة وصوليون وطبل لذلك رجال دين مزيفون ، لقد كانت سوريا الآمنة مضرباً للمثل في التعايش السلمي وفي قبول الآخر المختلف ، وكانت التعددية الثقافية عنصر قوة ونماء للبلاد السورية وعنصر قوة للشعب السوري ، ولهذا نعتبر دعوى التقسيم أو الفدرلة تفتييت وتشجيع للإيغال في الفتنة وكل مسبباتها ، ولكننا لا نمانع هذه المرة للقبول حين يكون ذلك سداً للذرائع وحقناً للدماء ، وحين يكون التعايش ضرباً من المستحيل ، وفي هذه لابد لنا من مواجهة الحقيقة من غير تردد والقبول بكل ما يخدم قضية الشعب السوري وفي عودته للحياة ، فالشعب السوري لم يعد يحتمل العيش في ظل الإنقسام والحرب والدعايات المضادة ولم يعد واحدا كما كان ، ولهذا ذهبت مع الحرب كل ثقافة الوحدة ولم يعد يهتم بها ، تلك الثقافة التي كانت في السابق مدعاة للفخر ، لكنها اليوم أصبحت نشازاً في ظل واقع تتحكم فيه البندقية والدم ، ولغة مغايرة لكل شيء وفيها كل شيء غريب ، ونفس الشيء الذي نقوله هنا نقوله عن الواقع العراقي ، والذي في نهاية المطاف سيتقسم إلى دول أو أقاليم وتلك حقيقة ، وفي هذا لا يقرر الشعب لأنه مضطرب التفكير تعوزه الحكمة والحرية والإرادة ، وهي أشياء بعيدة المنال طالما يتحكم بها سياسيون جهلة وقد أثبتت التجربة إنهم من غدى ونمى وشجع هذا التخالف وهذا التناقض ، إن لسان المتحدثين بالسياسة بعيدٌ عن منطق التعايش السلمي وبناء الدولة أو الإهتمام بحاجات المواطن - وفي ذلك الكل سواء - ، وكان لدول الجوار والدول الإقليمية الدور الباز في تشجيع النزعات الإنفصالية والفئوية والتقاطع ، وهذه الدول التابعة للغير تنظر بعين الريبة للدول ذات التاريخ والحضارة ، وتلك تسبب حفراً في ذاكرة الناس لا تمحوها الكلمات والتنظيرات .
إن سوريا هذا البلد الجميل قد تفكك ولم يعد صالحاً للحياة تلك هي الحقيقة ، وحتى إعادة الإعمار يحتاج لأموال كبيرة وكبيرة جداً ، ولا نرى من متبرع يفي أو يعد بذلك ، ولذلك يهجرها ربعها وخلانها واحبابها مولين شطرهم نحو الغرب ، وفي هذه الهجرة التي ستطول وتطول و لن تُعيد من هاجر إلى الوراء ، ومادمنا نتكلم عن الهجرة فعلينا الإمتثال للقول الدارج : إن الناس يبحثون عن فضاءات حرة تؤمن لهم الحرية الإجتماعية والحرية الإقتصادية والحرية الفكرية ، ولكن هذا البحث العفوي يصطدم دائماً بمنظمات السوء التي تتكاثر بعشوائية هناك في بلاد الغرب ، فتولد نزعات متطرفة وكانتونات فئوية وعنصرية تتنازع فيما ما بينها عن الأحقيات التي هجروها في بلدانهم الأم ، والقضية جدلية شائكة بين الحرية وبين العدالة والقانون ، هذا التشابك تسلل من خلفه رجال دين متطرفين وحاقدين يوزعون الكراهية والعنف ويباعدون بين الناس وقدرتهم على التعايش ، وهناك ثمة شيء في هذه الكتل المهاجرة التي ينقصها العمق الثقافي والوعي المباشر في معاني الحرية ، ولذا يكون التسرب عبر بوابات خلفية ضيقة تغلق عليهم منافذ الحياة والقدرة على الإبداع والتنمية ، وهذا الأمر ليس إفتراضياً بل عشناه هنا ورأيناه هنا وهو يتكاثر بنسبة خطيرة ، تُنذر حسب بعض المنظرين الغربيين إلى إمكانية خلق مجتمعات بديلة ، ولهذا بدأت خطوات في الإتجاه الأخر ولنقل هي تجربة جس النبض ، في سويسرا هذا البلد الهادئ ليقول إن هذه الفوضى لا تخلق إسقراراً وتعايشاً ، بل ستؤدي على المستوى البعيد إلى خلق تخالف في بنية المجتمع ، وبالتالي تتحول الدولة المحايدة إلى صيد ثمين عند المتطرفين والإرهابيين ، وبالقدر الذي نلتزم فيه الحياد تجاه قرارات الدول ، بالقدر الذي نطالب فيه التدقيق في الأوراق والسجلات لكل وافد ، حتى لا يحدث ما لا يمكن توقعه ، ولندع حُسن النوايا جانباً خاصةً في النواحي الإستراتيجية ، و طالما هناك ماقد يثير أو يشعر مجتمعاتنا بعدم الإسقرار .
، والأمن ، ولهذا تبدو معادلة الفدرالية في ظل الوحدة الممكن الذي يجب ان يذهب إليه من يريد التفاوض بجد ومن دون شعارات فوضوية براقة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في