الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لليسار در :غضب الرئيس

حسين عبد الرازق

2016 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



أثار الخطاب الطويل المرتجل الذى ألقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أيام خلال إطلاق “استراتيجية مصر للتنمية المستدامة.. رؤية مصر 2030” ردود أفعال واسعة، خاصة للحدة التى تحدث بها الرئيس – ربما للمرة الأولى منذ توليه مسئولية رئاسة الجمهورية – وما عبر عنه من ضيق من النقد ومطالبته لمخالفيه فى الرأى بـ “الصمت”.

وقد لفت نظرى فى خطاب الرئيس الطويل والذى تحدث فيه بإسهاب عن الإنجازات، ثلاث عبارات..

الأولي: تحمل تهديدًا لا يليق برئيس جمهورية مصر، قال الرئيس “محدش يفتكر إن طول بالى وخلقى الحسن سيسمح بالاقتراب من مصر لأن من سيقترب منها سأزيله من على وجه الأرض، ومن يرغب فى التعاون معى والبناء أهلا وسهلا ومن يرغب فى عكس ذلك فأطالبه بالصمت”، وأخشى أن يكون الرئيس قد وصل إلى الحالة التى يرى فيها نفسه هى مصر، وبالتالى أى يعتبر أى نقد أو خلاف فى الرأى هو عدوان على الوطن، يستحق قائلة العقاب و”إزالته من على وجه الأرض”!

الثانية: تتعلق بالدفاع عن الحكومة الحالية وتهديده المبطن لمجلس النواب بالحل إذا ما رفض منح الثقة للحكومة الحالية برئاسة المهندس “شريف إسماعيل” وقوله إن عدم منح الثقة للحكومة سيدخل البلاد فى أزمة دستورية، وأخشى ألا يكون الرئيس قد قرأ الدستور جيدا، فالدستور يعطى الرئيس الحق فى تكليف من يختاره بتشكيل الحكومة، والتقدم لمجلس النواب ببرنامج الحكومة وتشكيلها للحصول على ثقة المجلس، فإذا لم تحصل الحكومة على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب “يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.. عد المجلس منحلاً” إذن فعدم منح الثقة لحكومة المهندس شريف إسماعيل لا يؤدى لحل المجلس ولا يدخلنا فى أية أزمات، وإنما يفسح المجال أمام حزب أو ائتلاف الأكثرية بتشكيل الحكومة، تطبيقا للدستور الذى يؤكد قيام النظام السياسى فى مصر على أساس التعددية السياسية والحزبية، ويبدو أن موقف الرئيس السيسى الثابت والرافض للأحزاب السياسية يدفعه إلى رفض هذا النص الدستورى والحديث عن الأزمة، وهو أمر ليس من حقه فالدستور كل متكامل وملزم للكافة وأولهم رئيس الجمهورية الذى أقسم على احترام الدستور. والذى يمكن الاتفاق فيه مع الرئيس حول الحكومة، هو مسئولية الرئيس الكاملة عن أداء الحكومة، فالحكومة الحالية رئيسا وأعضاء اختارهم رئيس الجمهورية، وجميعهم مما نسميهم بالتكنوقراط وليس لهم أى انتماءات سياسية أو حزبية، وينفذون سياسة لم يشاركوا فى صياغتها وإنما جرى تحديدها فى رئاسة الجمهورية وكلفت الحكومة بتنفيذها.

العبارة الثالثة: قول الرئيس “أنا عارف مصر وعلاجها، ولا تسمعوا كلام أى أحد غيري، وأنا لا أكذب ولا بلف وادور، وليس لى مصلحة غير بلدى وفاهم بقول إيه” وهى عبارة لا يمكن قبولها فى ظل دستور يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية حديثة، فمثل هذا القول لا يصدر إلا فى ظل حاكم فرد مطلق الصلاحيات، فهو الوحيد العليم ببواطن الأمور وبمصالح الناس، أما الآخرون أحزابًا وبرلمانًا وساسة ومواطنين فهم لا يعرفون ولا يفهمون ولا يدركون مصالحهم.

وأظن أن هذه العبارات الثلاث وخطاب الرئيس بشكل عام يشعر الناس بالقلق، ويدفعنا لمطالبة الرئيس بأن يعيد النظر فى المنطق الذى حكم هذا الخطاب، ليعود رئيسا للجمهورية يمارس صلاحياته المحددة فى الدستور، وهى كثيرة ولا تحتاج إلى المزيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من حق الرئيس أن يفعل ما يشاء
عبد القادر أنيس ( 2016 / 3 / 3 - 07:24 )
المضحك والمحزن في كل هذا أنه صار من حق الرئيس أن يتصرف هذا التصرف ويفعل ما يشاء. أليست الطبقة السياسية التي تطالب أن يكون لها حق في المشاركة السياسية هي التي عبثت بالبلاد عندما تعاملت مع الأحزاب الدينية بمنتهى الخيانة وهي تعرف أنها معادية للديمقراطية والعلمانية والحريات؟ ألم يفقد الشعب آخر حقوقه عندما صوت على أعداء الديمقراطية من إخوان وسلفيين؟ أليست هذه الطبقة هي التي مكنت الإخوان من الفوز عندما تقدمت في الانتخابات المهزلة في صفوف متنافرة متصارعة متقاتلة همها الفوز بالسلطة والتلذذ بفوائدها وليس تنبيه الشعب في سبيل حماية البلاد من خطر الفاشية الدينية؟ أليست هذه الطبقة التي تريد أن يكون لها دور هي التي شعرت بالذعر من حكم الإخوان وكأنها لا تعرفهم وراحت تستنجد بالعسكر وتفوّضهم مصائر البلاد بعد أن فرطت فيها؟
الدستور المصري، يا أخي، وكل الدساتير العربية لا تؤسس لـ(دولة مدنية ديمقراطية حديثة) كما قلت في آخر المقال. هي دساتير مهلهلة يمكن أن تكون مطية لكل الانحرافات.
المصيبة أعظم من أن تختزل في الرئيس.
تحياتي

اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا