الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اخرج منها يا ملعون!

مناف الحمد

2016 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


اخرج منها يا ملعون!

كنت أشعر بالوقت يمر ببطء شديد وأنا جالس في المسجد أستمع لخطبة الجمعة الهزيلة التي يجهد الخطيب في إلقائها بلغة عربية مفككة الأوصال، وأراقب وجوه المصلين المبهورين بها وبه مشفقاً على هؤلاء البسطاء مما يحشو هذا الجاهل به رؤوسهم من نفايات فكرية وخزعبلات وخرافات.
كان حضور الخطبة في ذلك المسجد الواقع في حي مخالفات في أطراف مدينة اللاذقية تلبية لطلب أحد معارفي القاطن في الحي، وهو شاب بسيط يعمل كغيره من أبناء الحي القادمين من ريف اللاذقية وريف إدلب وجسر الشغور عاملاً باليومية.
لم أصدق انتهاء خطبة ذلك الرجل الجاهل الذي لا يملك حتى نزرا يسيراً من العلم الشرعي واللغة وفن الخطابة فأديت فرض صلاة الجمعة، وخرجت مسرعاً وشكرت صديقي على سبيل المجاملة على نصيحته التي أمتعتني وأضافت إلى ثقافتي الدينية.
لكنّ الفضول دفعني للتحرّي عن هذه الحالة فعرفت أن أول ظهور لهذا الشيخ كان عام 1983 بعد أن تمكّن النظام من قمع انتفاضة الطليعة المقاتلة، وقدّم نفسه لمجتمع المدينة على أنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين المصمّمين على الثأر من نظام الأسد والانتقام لإخوانه الذين استشهدوا وغيّبوا في زنازين النظام.
استطاع أن يستفزّ مشاعر الكثير من الشباب البسطاء الناقمين على النظام والذين لم تبرد جراحاتهم بعد فتجمّعوا حوله وما لبثوا بعد فترة بسيطة أن اعتقلوا من قبل أجهزة الأمن.
بعد ذلك انتقل نشاط الشيخ إلى حي المخالفات ذاك وبدأ بعقد حضرات الذكر ويلقي خطبة الجمعة في مسجد الحي وتحول إلى صدارة دينية وحيدة لدى ساكني الحي ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد بلغ الأمر مبلغاً خطيراً عندما تمكّن من إقناع عدد كبير منهم بولايته وبكراماته حتى صار أمره لا يرفض من قبلهم حتى لو كلّف التضحية بالحياة.
ظاهرة الشيخ الذي يدّعي أنه إخواني لم تكن مقنعة للمتعلمين وأبناء الطبقة الوسطى في المدينة ومثّلت نموذجاً مشوهاً للإخواني؛ الأمر الذي دفع بعض أبناء جماعة الإخوان المسلمين ممّن دفعوا ثمن انتماء آبائهم للجماعة إلى لوم أمهاتهم على الارتباط بآبائهم المجرمين الشبيهين بهذا الشيخ.
ولم يكن الشيخ غافلاً عن الإجابة على سؤال يمكن أن يخطر في أذهان مريديه عن سبب عدم ملاحقة أجهزة الأمن له فكان ينسق معهاعلى مداهمة المكان الذي يتواجد فيه ويقف بين مريديه أمام عناصر الأمن الباحثين عنه ويتظاهر هؤلاء بأنهم لا يرونه بينما يردد آيات من القرآن قائلاً لمريديه إن الله يغشي أبصار عناصر الأمن عن رؤيته حتى يصيبهم اليأس من العثور عليه فيستقلون سياراتهم ويغادرون.
كان الشيخ صنيعاً لأجهزة الأمن مكلّفاً بالقيام بمهمتين: الأولى تشويه صورة جماعة الإخوان في نظر الجيل الذي تفتّح وعيه بعد الأحداث إلى أقصى مدى، وتكريس حالة الجهل لدى البسطاء وحشو عقولهم بمفاهيم متخلّفة لا تمت إلى الإسلام بصلة.
عندما انتهى دور الشيخ لم يخجل من انفضاض الناس حوله عندما صار يعقد جلسات الخمر مع مجموعة من أصدقائه على باب منزله في قريته ويظل يعاقرها معهم حتى الصباح.
ولكنه استمر في غرس الأوهام في عقول الذين يستهدفهم أكثر من ربع قرن.
التشويه والتجهيل كانا دين نظام الأسد الأب وديدن وريثه الذي ساهم في صنع وحش داعش لكي يشوّه الإسلام ويحارب المجتمع لأن شيخاً دجالاً جاهلاً لم يعد يكفي لمواجهة انتفاضة الكرامة التي أقضّت مضجعه، وربما أقلقت جثمان أبيه في قبره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي