الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ريشة الفرح

دينا سليم حنحن

2016 / 3 / 4
الادب والفن


ريشة الفرح
دينا سليم
انطلقت فتاة وسيمة في رحلة طويلة، تسأل النصيحة من امرأة عجوز حكيمة، والتي تقيم في كوخ قديم وسط غابات مليئة بالحيوانات المفترسة، ركبت الحصان شامخة، حمّلته قربة الماء وبعض الطعام، تحملت مطبات السبل الغارقة بالتراب والحجارة عبورا بمياة الأنهار والشلالات، تكيفت مع التغيرات البيئية وساندت الكائنات الغريبة، أغاثت منها الضعيفة واختبأت من الشرسة فنجت من أنيابها، سامرت المؤذي وصبرت على الموحش حتى بلغت هدفها.
ترجلت من على ظهر الحصان أمثال الفرسان الأشداء في ساحة الوغى، ابتسمت لها العجوز واستقبلتها بنغمة لم تعجبها، لكنها قالت وبكل تأدب:
- جئت لكي أستشيرك بأمر ما بعد أن تعب مني الصّبر، لا رجل في حياتي حتى الآن وقد سئمت من البحث عنه، وخشية من أن يأتي ذلك اليوم فيه أجدّل ضفائري بالمكواة، وأطعم جبيني بالحروق، وألـقّم عيني بإبر الانتظار وأخيط أحلامي بمرض النعاس، أستسلم وأقول هذا هو حظي فما من نواة حياة، لقد جئتكِ عابرة الجبال فبماذا تنصحينني يا خالة؟
- يا بنتي، الرجال خيام هاجرة، معجونون بتراب الطريق، رؤوسهم هوادج فارغة، أعناقهم سنام جِمال، كروشهم منتفخة وعقولهم جافة وقلوبهم فارغة، وعند أول مفترق طرق يختفون فجأة فلا تجدين لهم أثرا لأنهم يدركون ماذا يفعلون.
الرجل الأسمر رحـّال
والأبيض بيّاع كلام
والحنطي أفّـاق
والأحمر عريـان
و(الزنجي) غضبـان
والأصفر يتحدث بغير لسان
النباتي يحب الحيوان والإنساني غفلان، الصّامت مكّار والجّاهر خدّاع، ومن يناغي الحيوانات الأليفة نصف غريق، ومن يحكم بين الناس معتوه، عدا الكسول والشغوف بملذاته، لم أذكر لك البخيل ولا المبذّر ولا المتسلط، أما المبتلى بالغرور والتكبر لا تحتمله أي امرأة تبحث عن الحب الحقيقي، اصغي جيدا يا بنة الحلال، فما من زوج إلا وعرف كيف يبيع زوجه أو حبيبته بالمزاد، (مياتك في القربة خليها ولا توزعيها إلا على الندمان العطشان، وذلك الذي يحبك أكثر ممن تحبينه أنتِ)، فالتي تعبر هذه المسافة وتصل حتى كوخي على ظهر حصان في ظروف مناخية قاسية، تخشى الانحطاط والنزول إلى أسفل الوادي لإرضاء رجل لا يقدّرها، وترفض الانتظار عند حافته بخشوع تتأمل عودته إن أطال الغياب، فما الرجال إلا نقطة ماء نقية تمكث فوق ريشة أنيقة، انتزعت من عنق طائر واستقرت على البسيطة كخبيئة، ينغلق الأفق ومن فيه داخلها فتبدو الدنيا مشرقة، لكن للحظات قصيرة لأنها لن تعمّر كثيرا، فإن حصل ولمستها الريح، تجف في الحال ويضيع بهاؤها وتطير الريشة إلى غير دليل.
- سأجهز لنفسي كوخا شبيها محاذاة كوخك الوحيد المزروع هنا يا خالة! أجابتها الفتاة.
- إنك تستسلمين إذن، عودي من حيث أتيت وانتظري، الزواج قسمة ونصيب، يهب عليك مثل الريح من حيث لا تدرين، أمثالك آلاف مؤلفة، يدركن أن أزواجهن يهضمون ذات الخميرة التي يتخمر منها العجين عبر السنين، وإن لم يحصل فيكون الله قد خصّك ووضعك ضمن سجل الناجين.
طردتها العجوز من بيتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?