الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة و التطرف الديني في العالم العربي

ماري مارديني

2016 / 3 / 4
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي


المرأة و التطرف الديني في العالم العربي

هل تر-ين ان السبب في اضطهاد المرأة يكمن في الأديان أو الأعراف أو الصراع الطبقي؟ أم أسباب أخرى؟

ارى ان ضطهاد المرأة بالبلاد العربية يعود لاخطاء التربية العربية منذ البداية الى الان ، طبعاً يوجد في التربية العربية ايجابيات ، لكن السلبيات ايضاً كثيرة ، ان ما يسود التربية العربية هو التكرار و النسخ للقديم دون تفكير و دون تنقيح له ، و هذا القديم الاتي من الاديان او الاعراف يصبح قانون اذا كانت التربية السائدة متسمة بالديكتاتورية لدرجة ان حرية التفكير او السؤال او التجديد تتم محاربتها من قبل من لم يحترمون ذلك، او يخافون المبادرة ، و اولئك غالياً هم من يتمسكون بكل قديم دون قناعة به انما يرون انه ينفع مصالحهم فقط و في واقعهم قد يكونون مزدوجين الكلام و التفكير و المقياس ، و دون جرأة على تقديم الجديد. و ذلك بسبب ان التربية العربية ما زالت تربية تسلط و سيطرة و فرض و تكريس التقليد بعيداً عن تشجيع التفكير المتفتح الايجابي و المجتمع المختلط و المدارس المختلطة و الانشطة الثقافية الايجابية . ان الدين يتظافر مع الاعراف و يؤثران على التربية ، و عندما يتظافران بشكل سلبي فإنهما ينتجان قمع للانسان بشكل عام و للمرأة بشكل خاص ، مما يعزز دور الرجل الشرقي و يمنحه سلطة على المرأة فيسعى للحفاظ على تلك السلطة مستعيناً بالدين و الاعراف و التقاليد بنواحيها السلبية لتزيد الجهل والتخلف و التي من شأنها ان تحد من دور المرأة و تقوي سيطرة الرجل عليها، او ربما خوف الرجل عليها عليها ايضاً لانه يراها اقل من ان تحمي نفسها "فهي ناقصة عقل و دين" ! . هنا لا اقوم بالتعميم على كل المجتمع لكن اتكلم عن الغالبية او السواد الاكبر بالمجتمع الشرقي العربي حيث ان التربية المدنية غائبة، و الثقافة هشة و سطحية عند الاكثرية من الناس, كما ان الفكر المدني المتحضر و العمق الثقافي بذلك المجتمع يتم فهمه خطأ و لا سيما اذ تميزت المرأة به فغالباً يفهمه الغالبية خطأ من جهة و من جهة ثانية انه يهدد سلطة الرجال و يحد من دورهم و سيطرتهم على المرأة، فهم لا يريدونها ان تستعمل عقلها او تعي حقوقها او يتنور فكرها و تتساوى مع الرجل ليبقى الرجل هو المسيطر و المشكلة انه يسيطر بجهل و قمع لانه هو اصلاً تربى تربية ديكتاتورية و قامعة له بمجتمع الدين و التقاليد و الاعراف السلبية منها التي لم تعد تتناسب مع الحضارة و التفتح الفكري و الاجتماعي . و بذات الوقت فإن المرأة التي تربت بتلك البيئة تكون عامل مساعد في المجتمع ضد حريتها فعندما يكون الرجل يعاني ضيق التفكير و سطحية الثقافة في المجتمع تكون المرأة بشكل عام ليست افضل منه ، على عكس المرأة المربية بمجتمع متفتح و مختلط و واعي و مثقف و متسامح فإن الرجل بتلك البيئة يكون متنور و متحرر التفكير و عميق الثقافة ، فالثقافة العميقة و الحقة لها دورها الايجابي على الفرد سواء رجل او امرأة، كما ان الثقافة تختلف عن الشهادة التي يحملها الفرد فقد يكون الفرد متعلم جداً لكنه ذو ثقافة سطحية للغاية و هذا ينطبق على الرجل و المرأة معاً ،فليس كل متعلم مثقف ، لانه يوجد بالمجتمع العربي رجال يحملون شهادات عالية لكن تلك الشهادات لا تعني دوماً ثقافة لانها هي مجرد ورقة تؤهلهم للعمل فقط حيث انهم يعودون لبدائيتهم اذا مروا بموقف حياتي يتطلب منهم فكر جريء و طريقة تفكير جديدة فإنهم يظهرون على حقيقتهم انهم اقل بدائية من البدو فشهاداتهم لا تعني دائماً انهم مثقفين و يظهر ان معظمهم من اكثر المعادين للمرأة المتحررة الواثقة من نفسها و ذات القيم الرفيعة " و خاصة اذا كانت المرأة اذكى من الرجل و اعمق ثقافة و اذا كانت كاشفة لفساد الرجل سواء فساده ادارياً او اخلاقياً او مهنياً في الجامعات و امكنة العمل و الاعلام او عبر الانترنت او في الامكنة العامة و الامثلة من الواقع عديدة ". فالمرأة كيان حر واعي مسؤول مثقف مساوية للرجل ، لكن عندما يوجد الفساد و الجهل و القمع و يوجد من يرى ان المرأة جسد او انثى و حسب في المجالات المختلفة سواء بالعمل او الجامعات ناسياً ان الانوثة صفة واحدة من صفات المرأة ، و ان هذه الصفة ليست مطلوبة منها في امكنة العمل او الدراسة و ناسياً انها عقل و روح يظهر على تعامله معها او ضدها جهل و تخلف و يستغل عمله او منصبه بفساد و يكون الفساد سبب اضافي لاضطهاد المرأة و محاربتها. فما زال المجتمع العربي قائم على ان الرجل حر حتى لو كان فاسد او جاهل او غير متفتح الفكر لانه لا يتعامل مع عقل المرأة فعقلها لا يهمه عندما يكون غير مثقف او متعصب او جاهل او فاسد و هذا كله يعود لنمط التربية الذي يتلقاه الرجل و يعكسه على المجتمع و المرأة . فالمرأة انسان و الرجل انسان و لا تكون التعاملات بينهما ذات صفة فوقية او اضطهادية عندما تكون التربية ديمقراطية و متفتحة و واعية و سليمة من شوائب الجهل و القمع الاتية من اسائة استخدام الدين و الاعراف و التقاليد معاً بشكل سلبي . و ان لم تكن الثقافة العميقة و الفكر المتحرر موجودان عند الرجل قبل المرأة فلا تتحرر المرأة ، و بكلمة اخرى يجب ان نحرر الرجل لكي نحرر المرأة ، لان الرجل المتخلف او المتعصب يؤثر على المرأة و يعيق مسيرتها لانه هش الثقافة حتى و لو كان متعلم ،كما انه يفهم تحررها خطأ . و التحرر يعني تحرر فكري و قدرة على تعديل و بوعي كل قديم بالي معيق للتحضرو الثقافة ،مع الاحتفاط بكل ايجابي مفيد ، و قدرة على ايجاد الجديد المفيد المناسب للعصر و الانسان سواء رجل او امرأة .

كيف تر-ين دور القوى المحافظة و المتعصبة دينيا وخطابها على التحريض ضد المرأة، وانتهاك حقوقها وتعزيز دونيتها في المجتمع؟

ان تلك القوى تحارب التحرر الفكري و الانفتاح و الاختلاط الثقافي و الاجتماعي ، و تنمو اكثر في بيئة يسودها الجهل و الانغلاق و الفساد لان تلك القوى تؤثر على بسطاء العقل السطحيين الثقافة ، حيث يوهمونهم من خلال استغلال خوفهم و ضعفهم من الناحية الدينية ان لهم سلطة على المرأة و اولوية بكل شيء مستخدمين اقوال و امثلة و مفسرينها بما يتوافق مع بساطة و جهل البعض. و هدفهم من ذلك طمس شخصية المرأة و ابعادها عن المشاركة بالحياة العامة و الثقافية و الفكرية، و يسعون لاضعاف المرأة و قمع تفكيرها بزرع الافكار الظلامية بالمجتمع ككل و بفكر الرجل قبل المرأة لانهم لا يريدونها ان تتحرر فكرياً او اجتماعياً

ماهو تأثير فصل الدين عن الدولة على تعزيز حقوق المرأة ومساواتها في المجتمع؟

ان اوروبة لم تتطور الا بعد ان فصلت الدين عن الدولة ، مما ساعد على تطور كلا الرجل و المرأة فكرياُ و ثقافياُ و اجتماعياُ و نفسياً . فالقانون يسود الجميع و الكل يخضع للقانون لانهم سواسية بالحقوق و الواجبات . فالحق حق بغض النظر عن الدين او اللون او الانتماء او الجنس او اي صفة اخرى مما يعطي المواطن و لا سيما المرأة كياتها المستقل و مكانتها و يساعدها على تحقيق ذاتها حيث يكون القانون سنداً لها و ليس عدواً لها ،ففصل الدين عن القانون و انشاء القانون المدني و كذلك فصل الدين عن السياسة لهما اثر كبير جداً في تعزيز حقوق المرأة و مساعدتها على السير بإتجاه التحرر ، ان فصل الدين عن الدولة يتطلب الاهتمام بالتربية المدنية منذ الصغر في البيوت و الروضات و المدارس مما يبدل مستوى الثقافة و يعمق معنى التحرر و المساواة و بشكل عقلاني حيث يكون العقل هو الاساس مما يساهم بإنشاء جيل بناء و ايجابي من خلال تربية مدروسة تحقق للفرد انسانيته و للمرأة مكانتها و ينصهر المجتمع معاً و تتساوى فئاته و اقلياته بالحقوق و الواجبات المدنية مما يعود على الجميع بشكل جيد

ماهي الدوافع وراء انخراط بعض النساء في صفوف القوى الإرهابية والمتعصبة دينيا؟
هناك نساء يعانين قهر او جهل و قمع تربوي منذ الصغر ، و هناك من يستغل ذلك بتلك النساء المعتادات على التبعية و على الدور الثانوي بالمجتمع و السلبي الاسلوب و الهدف و المبدأ ، او هناك من يقتعهن بأنهن يرضين الله غافلات ان ذلك استغلال و تشويه و اسائة للمرأة و للقيم و الانسانية فينخرطن في تلك الصفوف معتقدات انهن يفعلن شيء صحيح ، هن في الواقع عبارة عن ضحايا الجهل و التخلف و القمع و التعصب و التطرف و الكبت .

هل النضال من اجل المساواة الكاملة للمرأة مع الرجل مهمة النساء فقط، أم الرجال والنساء معا؟
المهمة هي مهمة الطرفين معاً ، رجالاً مثل النساء فالبيئة التي تحتوي رجال مثقفين و متحررين و منفتحين الفكر تكون النساء في بيئتهم بذات المستوى و العكس صح لان البيئة و التربية و القيم تؤثر على الجنسين بذات الاثر . و يبقى ان دور المرأة و قدراتها ايضاً لها اثرها بالموضوع. و ان المجتمع هو كلا المرأة و الرجل معاً، بل ان دور المرأة اكبر لانها هي التي تربي الرجل فأثرها اكبر في تربية فكر الرجل منذ الصغر ، فالمرأة لوحدها نصف المجتمع لكنها بنفس الوقت هي مربية النصف الاخر منه ، فلا بد من ان تقوم بدورها التربوي بحيث تربيه بمساواة مع اخته ، و تزرع به فكرة المساواة منذ صغره فهي امه و اخته و صديقته و زوجته و ابنته و مربيته و معلمته و زميلته بالمدرسة و العمل .

كيف تقيم-ين دور المنظمات والاتحادات النسوية في مواجهة الحركات المتطرفة والمتعصبة دينيا، وكيفية تعزيز دورها؟
ان مواجهة الحركات المتطرفة و المتعصبة دينياً بالطبع هي مسؤولية كل المجتمع و كل المنظمات و الاتحادات و المؤسسات الموجودة بالمجتمع بشكل عام و ليس فقط مسؤولية المنظمات و الاتحادات النسائية لان المجتمع عبارة عن سلسلة متكاملة . و لكن على تلك المنظمات و الاتحادات ان تسعى بجرأة للمطالبة بتعديل القوانين المجحفة بالمرأة من كافة النواحي حيث ان المرأة بالقانون المرتبط بالدين لا ترث كما الرجل يرث و لا تعد شهادتها بالمحكمة مثل شهادة الرجل ، و لا تعطي جنسيتها الى اولادها تقريباُ بكل الدول العربية ما عدا تونس على ما اعتقد ، و لا زالت تابع للرجل على الرغم من انها تدرس و تعمل مثله تماماً و ربما هي اقدر منه احياناً ، وتنفق على اسرتها مثله ، فالعمل المطلوب من تلك المنظمات في كثير من البلاد العربية يحتاج لجهد كبير جداً من المجتمع كله معاً . تلك المنظمات ارى ان دورها حالياً ضعيف و ان مجالها محدود لانها ليست حرة فهناك ايضاُ من يسيطر عليها و يسوسها ضمن السياسة العامة لبلد او اخر لذلك المرأة فيها ليست حرة اصلا من الاساس و هي خاضعة لقوانين البلد الذي توجد به تلك المنظمات و الاتحادات التي غالباً تبدو غير قادرة على معارضة قانون او ابداء فكرة نافعة للمرأة و العمل لاجل تحقيقها مثل حق المرأة بإعطاء جنسيتها لاولادها، او اعتبار شهادتها تساوي شهادة الرجل بالمحكمة مثلاً ، او حقها بإرتداء الزي الذي تريده دون الخوف من الاعراف و التقاليد او الدين، لان لها عقل فتعرف ان تختار و تتحمل مسؤولية اختيارها. و ليسمح لي الحوار المتمدن ان اطرح سؤال هو" اذا كانت شهادة المرأة بالمحكمة نصف شهادة فلماذا لا تكون عقوبتها نصف عقوبة اذا خالفت القانون !؟ "
ان تلك المنظمات تسعى و تحاول لكن لا بد من ان يقوم المجتمع ككل بدعمها و مساعدتها . فالمجتمع بحاجة الى بناء فكري للجيل الحديث يجب ان يبدأ منذ الروضة بتربية الفكر و الحرية و المساواة و هذا يحتاج الى وقت و جهود كثيرة مترابطة في كل النواحي التربوية و الاجتماعية و الثقافية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية