الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معلهش إحنا بنتبهدل

طارق المهدوي

2016 / 3 / 4
حقوق الانسان


معلهش إحنا بنتبهدل
طارق المهدوي
(1)
هي فتاة مراهقة ساذجة غير محجبة مولودة بدولة عربية خليجية عادت إلى وطنها الأم مصر لاستكمال دراستها الجامعية في مجال الصحافة والإعلام بمجرد إتمام دراستها الثانوية في الدولة الخليجية، وكغيرها من الفتيات والسيدات المحجبات وغير المحجبات ومع تصاعد حدة الاحتقان الجنسي بالمجتمع المصري تعرضت الفتاة لتحرش لفظي من قبل بعض الشباب المحتقنين العابثين، فتوجهت إلى قسم الشرطة لتحرير محضر يستهدف منع المتحرشين من معاودة التعرض لها مستقبلاً كما هو مدون في الكتيبات النموذجية الصادرة عن جمعيات حقوق الإنسان، ولكن الشرطة أفادتها عقب تحرير المحضر بأن النيابة العامة وحدها هي صاحبة سلطة استدعاء المشكو في حقهم واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم ومن ضمنها استكتابهم تعهدات عدم التعرض لها، فما كان من الفتاة سوى العودة صباح اليوم التالي إلى قسم الشرطة للتوجه منه نحو مبنى النيابة الذي يبعد عدة كيلو مترات برفقة محضرها لمتابعته، حيث وصلت إلى النيابة قبل الساعة العاشرة صباحاً بعد إجبارها على أن تصطحب معها مندوب الشرطة المختص بتسليم المحاضر في سيارة أجرة على نفقتها الخاصة، ورغم أن الفتاة من كافة النواحي الإنسانية والقانونية والأخلاقية هي بمثابة أمانة معلقة في رقاب الجهات الرسمية التي لجأت إليها شاكيةً إلا أن تلك الجهات لم تكن أمينة عليها أبداً، ذلك أنها بمجرد وصولها إلى مبنى النيابة لأول مرة في حياتها القصيرة أمرتها الموظفات المحجبات المتجهمات بقسوة شديدة أن تنتظر خارج المبنى حتى حلول موعد عرض محضرها على وكيل النيابة المختص في الساعة الثانية ظهراً، وعندما سألتهن سؤالاً بديهياً هو "لماذا الانتظار من العاشرة صباحاً حتى الثانية ظهراً طالما المحضر موجود والشاكية موجودة والمختص أيضاً موجود؟" أسمعتها الموظفات المحجبات المتجهمات منوعات من الفواصل العدائية تجاه سؤالها وشكلها، ربما كان أخفها قولهن الساخر "هو ده اللي عندنا يا حلوة ولو مش عاجبك ماتجيلناش تاني علشان إحنا أصلاً مابنحبش نشوف الأشكال العريانة دي هنا في النيابة"!!.
(2)
انتظرت الفتاة في الشارع حتى تم النداء على رقم محضرها عند الساعة الثالثة ظهراً فدخلت مكتب وكيل النيابة الشاب المختص وجلست على أحد المقاعد المجاورة للباب انتظاراً لإكماله فحص محضرها، إلا أن جلوسها العفوي على المقعد قبل ان يأمرها هو بذلك أثار غضبه بشدة فصرخ فيها لتقف وسألها وكأنها متهمة "انتي بتتنيلي تشتغلي إيه" فأجابته وهي خائفة "أنا طالبة في كلية الإعلام"، ليخرج من فمه رداً استفزازياً فورياً نصه "آه إعلام...علشان كده بقى لسانك طويل وقليلة الأدب...هاتي بطاقتك وإخرجي استني برة جنب الباب لغاية ما أناديلك"، وخلال انتظارها إياه خارج مكتبه وهي واقفة ومرعوبة احتك بها أحد الحرس المخصصين لخدمته في محاولة فجة للتحرش البصري واللفظي واليدوي بها فردت عليه بحسم غريزي دفاعاً عن شرفها المهدد، فدخل الشماشرجي إلى سيده شاكياً قائلاً "البت المايصة اللي لابسة محزق دي يا باشا شتمتني" فرد عليه متباهياً "تطلع عينين أبوها وقتي...هي مش عارفة إن أي حد يمس عسكري المراسلة بتاعي يبقى كأنه مسني أنا شخصياً"، وهكذا وجه وكيل النيابة إلى الفتاة اتهاماً بالتعدي على موظف رسمي أثناء تأديته لعمله وأمر بإنزالها كمتهمة وفي يديها الكلابشات الحديدية إلى بدروم المبنى حيث يوجد مكتب أمناء الشرطة المختصين بالاستيفاء ليستوفوا إجراءات حبسها، وما أن تم دفع الفتاة عنوةً إلى قلب المكتب حتى أغلقه أمناء الشرطة من الداخل وشرعوا في افتراسها وبعثرة محتويات حقيبة يدها وتفتيش جيوبها وملابسها يدوياً بوقاحة شهوانية لزوم استجوابها وإثبات متعلقاتها من باب الاستيفاء، فأطلقت الفتاة صرخة استنجاد مذعورة ومدوية بلغت مقر نقابة المحامين الفرعي القريب مما دفع بإحدى المحاميات غير المحجبات للتدخل من اجل مساعدة الفتاة، ولم يفتح أمناء الشرطة باب مكتبهم إلا عندما هددتهم المحامية بأنها سوف تنادي جميع زملائها للتجمع والتجمهر لو لم يفتحوه ويسمحوا لها بمساعدة الفتاة، اطمأنت الفتاة المرتعدة إلى المحامية غير المحجبة وأبلغتها أنها تحمل أيضاً جنسية الدولة العربية الخليجية المولودة فيها فأعلنت المحامية الخبيرة المخضرمة ذلك على الملأ بصوت مرتفع، ليهرب بعض أمناء الشرطة من المكتب بحجة ضرورة تأديتهم لمأموريات استيفاء خارجية ويتراجع المتبقين وترتبك كلماتهم وخطواتهم حتى قرروا فيما بينهم العودة إلى وكيل النيابة مع الفتاة والمحامية، حيث تمت تسوية الأمر بشرط عدم تصعيده أو نشره وفرحت المحامية بالأتعاب المالية السخية المدفوعة لها من الفتاة التي اتجهت فوراً نحو منزلها لتوضيب حقائب سفرها من أجل العودة النهائية إلى الدولة العربية الخليجية المولودة فيها!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبو حمزة: الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الانسحاب من غزة


.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع