الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الميراث الإبراهيمى وأغلال المرأة

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 3 / 6
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2016 - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي


الميراث الإبراهيمى وأغلال المرأة
لايمكن فصل قضية المرأة، أغلالها، وإستعبادها، وإعتبارها فى منزلة أقل من منزلة الرجل، بل سلعة تباع تشترى، عن الميراث الثقافى البدائى السائد فى الشرق الأوسط ، والتى تمثل الأديان الإبراهيمية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، قاعدته الرئيسية، ولذا فإن كفاح المرأة من أجل الحرية، لايمكن فصله عن الكفاح العام من أجل التخلص من ذلك الميراث، بكل صراعاته، وعنفه وخرافاته، والتى يحترق الشرق الأوسط اليوم بسببه.
نشأت الأديان الإبراهيمة فى بيئة قبلية بدائية، تعتمد فى وجودها على مبدأ البقاء للأقوى، وينطبق ذلك التوصيف على اليهودية والإسلام بشكل خاص، ثم على المسيحية أيضاً، والتى فشلت ، كحركة إصلاحية داخل اليهودية، فى التخلص من ميراث العهد القديم المرعب ، فيما يخص المرأة ، وفيما يخص أشياء كثيرة أخرى. حقيقة أن العصور القديمة، وبشكل عام، لم تنصف المرأة، بحكم أنها الشريك الأضعف، إذ ظلت فى معظم الأحوال خادمة وسبية ، فى عالم يسوده الرجال الأقوياء ، الذين يخوضون الحروب ويحترفون القتال، ولكن، ومن البداية، كان هناك فارق فى الرؤية بين البيئة القبلية البدائية والبيئة الزراعية التجارية، الأكثر تحضراً، وهو فارق يمكن تحديده فى ملاحظتين أساسيتين، الأولى هى الإختلاف الكبير فى طبيعة الأساطير المعبرة عن ثقافة العالم القديم، من بيئة إلى أخرى، فالأسطورة اليهودية القبلية عن خلق المرأة مثلاً، والتى إنتقلت بحذافيرها إلى المسيحية والإسلام ، جعلت المرأة فى مركز أدنى منذ نشأة الخليقة، حيث خلقت من ضلع الرجل، لتكون له مسلية وخادمة، بينما جعلت الأسطورة اليونانية مثلاً، من الرجل والمرأة فى مركز متساوى، ومنذ نشأة الخليقة أيضاً ، حيث تذكر، أن الإنسان فى الأصل كان كائناً واحداً فائق القدرة ، يتكون من رجل وإمرأة ، وأن الآلهة فى لحظة ما قد شطرته نصفين، وفرقت الرجل عن المرأة ، وأن هذا الكائن فائق القدرة ، ظل يكافح دائماً للعودة بالإلتحام بنصفه الآخر ، كى تكتمل قدرته وسعادته، إشارة إلى رابطة الحب والزواج التى تجمع الرجل بالمرأة، وهنا يمكن أن نلاحظ المساواة فى الرؤية، فكل من الرجل والمرأة كان فى الأصل يساوى نصف ذلك الكائن فائق القدرة. وكذلك كان الحال فى سائر الأساطير الأخرى، حيث نلمح قدر من حرية الإنسان فى مواجهة مشيئة الآلهة العشوائية، وذلك على عكس أساطير الشرق الأوسط القديم، التى عبرت عن خضوع الإنسان التام أمام تلك المشيئة. أما الملاحظة الثانية، وهى الأكثر أهمية، فهى أن اليهودية والمسيحية والإسلام كانت نتاجاً أصيلاً لحضارة الشرق الأوسط القديم، والتى صاغت من تلك الأساطير وتلك القيم البدائية، دينا إلهياً، أصبح من الصعب التخلص من قناعاته الثابتة، سواء فيما يخص المرأة، أو فيما يخص أى شئ آخر، بينما كان التراث المسيحى اليهودى دخيلاً على الحضارة اليونانية الرومانية ، بحيث كان من السهل التخلص منه، حين حانت لحظة الخلاص خلال عصر الأنوار، حين تحررت المرأة الأوربية من عبئه الثقيل ، وحررت معها كل نساء العالم ، بينما ظلت المرأة الشرق أوسطية ، وبأمر الدين ، خادمة وسبية .
وهكذا، فإنه فقط فى الحقبة الإستعمارية، وعندما بدأت ثقافة العالم الغربى الجديدة ، تهز قاعدةالثقافة الإبراهيمية الشرق أوسطية البدائية، وتحتل مساحات كبيرة منها، بما جلبه الإستعمار من نظم تعليمية وثقافية جديدة، أن بدأت المرأة، تطل من سراديب الحريم على العالم، لتلعب دورها الطبيعى كإنسان حر ، وكائن مبدع، كما حدث فى مجمل حركة المجتمعات الشرق أوسطية، التى خطت خطوات كبيرة إلى الأمام فى كل المجالات، وأنه أيضا وبعد أن إنحسرتأثير الثقافة الغربية، بعد أن غادر الإستعمار وشد الرحال، ومع الثروة النفطية، وإنتشار ثقافة المجتمعات المحافظة، صاحبة تلك الثروة، أن عادت المرأة إلى السراديب مرة أخرى، كما عادت مجمل حركة المجتمعات الشرق أوسطية، إلى الصراع، والعنف، والخرافة. إننا وبهذا المفهوم والتصور لأصل عبودية المرأة ، يمكن لنا ان نضع الكفاح من أجل تحرير المرأة فى سياقه الحضارى الكبير الواسع ، وذلك كجزء أساسى من الكفاح من أجل تحرير الشرق الأوسط ، من سائر قناعاته الدينية البدائية الأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق بين مفاوضات الهدنة ومعركة رفح| #غرفة_الأخبار


.. حرب غزة.. مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس| #غرفة_الأخبار




.. قراءة عسكرية.. معارك ضارية في شمال القطاع ووسطه


.. جماعة أنصار الله تبث مشاهد توثق لحظة استهداف طائرة مسيرة للس




.. أمريكا.. الشرطة تنزع حجاب فتاة مناصرة لفلسطين بعد اعتقالها