الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حطايا حميد عثمان -الثانية/4-11

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2016 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


خطايا حميد عثمان - الثانية/ 4-11
(علينا ان نتعلم التصالح مع حقيقة ان بعض الناس قد يقولون ما لا نحب ، بهذه الطريقة فقط نستطيع ان نعيش معاً) براتراند راسل
ذكرنا في سياق الحلقة السابقة بأن التمرد الثاني ل(حميد) أنهى الازدواجية التي كان يتأرجح في ظلها أناه العليا بين الجامع والمدرسة ليكون مدخلاً لصراع اكثر تعقيداً و ضراوة مع العالم الخارجي، صراعاً لمواجهة إشكالية أخرى، وكانت اشكالية الصراع من أجل الهوية في مدينة كانت سياسة التمييز العرقي الممنهج بين المواطنين لها جذورها العميقة منذ العهد التركي، والذي جدد قوته وزخمه في ظل الحكم الملكي.
قد يتساءل القارئ ماذا نعني بالهوية؟
ما نعنيه هنا، بالتأكيد ليس التفسير القانوني للكلمة، أي كل ما يحمله المرء من وثائق تصدر من السلطات الرسمية تثبت اسمه واسم أبيه وأمه وسنة ومكان تولده و مهنته وبقية الأوصاف الخارجية التي تُثبت كون حامل الهوية هو الشخص المعني المعترف به أو بها بموجب السجلات الرسمية. ولا التصنيفات الهلامية المتبعة والشائعة للأشخاص على أساس الإنتماء الى فئة من الفئات التي يصنف العراقي من الناحية السياسية عادة : شيوعي، پارتي، إتحادي، بعثي يساري، بعثي يميني، جلالي، ملايي، إسلامي،علماني، رجعي، تقدمي...وإنما المقصود بالهوية، في هذا المقال، تعريفها الفلسفي و هي التطابق مع الذات على الرغم من ما يلحق بالانسان من تغيرات. فإذا كانت هوية الشخص، عند ديكارت، يتأسس على الوعي كمكون ثابت. ولكن فرويد توصل الى أن هوية الشخص هي بناء ديناميكي ناتج من صراع بين مكونات النفس الثلاثة( الهو، الأنا، الأنا العليا)مع العالم الخارجي.
في تقديري يعطينا هذا التعريف الفرويدي للهوية الأدوات اللازمة للحفر المعرفي بهدف الوصول الى جذور خلافات جمال الحيدري وغيره من الشيوعيين مع حميد عثمان وفيما اذا كانت اتهامهم لحميد بالخيانة؛ التهور؛ الفرعون أو وصفه بأنه من معدن ردئ نبعت من اسباب موضوعية أو اسباب ذاتية لكل واحد منهم قاموا بتأويلها الى خلاف سياسي وفكري لتظليل الحقائق، منها عدم تودده بما فيه الكفاية ل( حسين أحمد الرضي ) الذي حُوِل إلى ايقونة الحزب الشيوعي العراقي بعد فهد.
ولم أجد وسيلة أجدى من الإستعانة ببعض الامثلة المستنبطة من الواقع من زوايا مختلفة و في أزمان وظروف متغيرة مرّت على المدينة التي نشأ فيها حميد عثمان، كمحاولة لتقريب القارئ الى أبعاد هذه الإشكالية (1) وانعكاساتها.
1- يرسل ملا عثمان من دكانه الذي كان في السوق الكبير إبنه حميد الى بيته في محلة تيراوه لمهمة ما، بعد أن يتأخر حميد عن العودة اكثر من المعتاد، يقلق ملا عثمان، وعلى إثر ذلك يتجه ملا عثمان الى البيت عسى أن يعرف سبب تأخر إبنه وفيما إذا كان شيئاً مكروهاً قد وقع، يسلك المسار المعتاد وعندما يصل الى القرب من حصار أحمد أفندي ( المعروف بمنطقة أوروزدي حالياً) يجد ملا عثمان إبنه حميد في حالة تشابك مع ولدين أخرين بعمره أو أكبر منه قليلاً ، وكان جالساً على صدر أحدهم ويتبادل اللكمات مع الأخر. وبعد أن يفك الإشتباك ويستفسر عن السبب يتبين له بأن الاشتباك حصل بين إبنه والأخرَيْن دون وجود معرفة سابقة بينهما وبين حميد وكان الخلاف قد نشاء بعد ان اكتشف الأخران بأن حميد لم يكن(إربلياً). وبعد حوالى عقدين من هذا الحادث رأيت بعيني مراراً مجاميع من شباب تيراوة يعدون عُدتهم، وكانت الأحجار، للهجوم على القلعة للإشتباك في معارك تعتمد على رمي الحجر مع شباب من القلعة كانوا يجتمعون عند باب القلعة الشمالي متحصنين بموقعهم العالي والإنحدار الشديد لسفح القلعة، لردع المهاجمين ومنعهم من الصعود. لا أدري فيما اذاكان هذا الباب موجوداً أثناء ما حدث ل (حميد).
2- بعد حوالي ستة عقود من الحادثة الأولى، بداية القرن الواحد والعشرين، كنت في زيارة أحد معارفي إسمه باسا في محله الذي كان في بناية المهندس عثمان قادر القريبة من دائرة تربية أربيل، بدأت علاقتي به عندما كنا نعمل في مديرية بلدية أربيل. كان باسا عامل فني وأنا مهندس ميكانيك، استمرت العلاقات بيننا حتى بعد تقاعده و تركي للوظيفة عام 1987، وهو من أهل شقلاوة وزوجته من عينكاوة حسب ما أعتقد، وألح علىّ أثناء زيارة له أن أصاحبه لزيارة جيرانه حجي نورالدين مختار محلة شورش الذي كان محله في نفس البناية، إعترضت في بادئ الأمر ولكنه ألح في طلبه، وقلت له أخاف كنتما في خلية واحدة عندما كنتما شيوعيين أيام زمان، أجابني بأنه يشعر بالإحراج من زياراتي له من دون المرور على محل الحجي نورالدين رغم وجود علاقة قرابة بيننا، حيث كانت زوجة جدي الوسطانية لها علاقة قرابة مع الحجي.
لتحقيق رغبة باسا، ذهبنا معاً الى محل المختار. كانت الكراسي على يمين الحجي مشغولة كلها بإستثناء كرسيين بالقرب من الباب حيث جلسنا، من عادتي أن لا أبادر بالمصافحة أو المعانقة كلما دخلت مجلساً عامراً بالضيوف.
من دون أن يُكلِف المختار نفسه أية مجاملة تمهيدية بإعتبارنا ضيوف عنده، وجه إلىّ كلاماً لم أكن أتوقعه ولم أعرف دوافعه حينئذ، وقال ما نصه بالكوردية ( خوتان به هه و لىري حساب نه كه ن ئه نگو هه وليري نينه ) لا تعتبروا انفسكم إربليين أنتم لستم إربليين!
كان في سياق جوابي المفصل للمختار توضيحاً بأنني أميز بوضوح الفرق بين ( هه ولىري وخه لكي هه ولير)، إربلي و أهل أربيل لم أصرح طوال حياتي بأنني إربلي ولكنني لي الحق بأن أعتبر نفسي من أهل أربيل لإنني ولدت في هذه المدينة.... أنهيت جوابي ب: جاءت زيارتي هذه بناء على طلب وإلحاح جيرانك هذا المسيحي، مشيراً الى باسا، ولا تتوقع بأنني قدمت الى هنا لكون إبنك فيصل ارتفعت مرتبته، وهو الأن يعمل في مكتب مسعود البارزاني في سه ري ره ش لإنني إخترت، منذ عهد بعيد، نمطاً من الحياة يُغنيني عن الكثير من الأمور والتنازلات. بعدها غادرنا، مع باسا، محل المختار منهياً زيارة كانت عابرة، لكن حصيلتها كانت العديد من الأسئلة والتساؤلات.

(1) للتمييز الدقيق بين المشكلة والإشكالية يمكن الا ستعانة بهذين الرابطين:
http://youtu.be/WwHB1PnFKGU
http://youtu.be/K8N9HTlqab8











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من هو حميد عثمان؟
Sherko Kareem ( 2016 / 3 / 7 - 08:22 )
السيد خسرو المحترم

تكتب مرارا وتكرارا عن شخصة اسمها (حميد) هل هو أبوك؟ وما هي أخطاؤه ؟ لا أدري بالضبط ما تعني من وراء (خطاياه) هل خان أحدا؟ هل آذى أحدا؟ وكأني بك تريد ان تستغفر قوما من الناس نيابة عن هذا ال (حميد عثمان) آمل ان تلقي قليلا من الضوء على هذه الشخصية(المخطئة) فقد أشتقنا الى كنهه وهويته وهواياته ونشاطاته

مع التحية والاحترام

شيركو كريم


2 - تحية للسيد شيركو
خسرو حميد عثمان ( 2016 / 3 / 7 - 17:57 )
من حقك أن تمل من هذا العدد من المقالات، أعتقد لو تمعنت القراءة في هذا المقطع الذي نقلته من المقال لتجد جواباً لسؤالك من أخطأ بحق من :في تقديري يعطينا هذا التعريف الفرويدي للهوية الأدوات اللازمة للحفر المعرفي بهدف الوصول الى جذور خلافات جمال الحيدري وغيره من الشيوعيين مع حميد عثمان وفيما اذا كانت اتهامهم لحميد بالخيانة؛ التهور؛ الفرعون أو وصفه بأنه من معدن ردئ نبعت من اسباب موضوعية أو اسباب ذاتية لكل واحد منهم قاموا بتأويلها الى خلاف سياسي وفكري لتظليل الحقائق، منها عدم تودده بما فيه الكفاية ل( حسين أحمد الرضي ) الذي حُوِل إلى ايقونة الحزب الشيوعي العراقي بعد فهد
شكراً على اهتمامك بالموضوع.

اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه