الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانيين لم يتولوا السلطة في الصومال1

خالد حسن يوسف

2016 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


- علاقة الدولة الصومالية والعالم

هناك ثلاثة قضايا فرضت ذاتها على طبيعة علاقة صومال الدولة مع العالم الخارجي, القضية الأولى تثمتل في الموقع الجغرافي لصومال في منطقة القرن الافريقي وما جسده تقسيم الاحتلال الأجنبي على تراب جغرافية الصومال الطبيعية.

وهو ما أفضى إلى تكريس صراعات سياسية ومسلحة ما بين الدولة الصومالية وجارتها ممثلا في دولتي إثيوبيا وكينيا, بالإضافة عن الصراع الصومالي - الفرنسي خلال الفترة 1960-1977 والذي سبق استقلال جمهورية جيبوتي ومن جانب آخر الصراع الصومالي-البريطاني 1960-1963 وذلك قبل تسليم الأخيرة أراضي صومالية ذات طبيعة قومية لدولة الكينية مع ميلادها, عوضا عن الصراع الصومالي-الإثيوبي والذي أندلاع 1960-1988بفعل تنازل بريطانيا لدولة الإثيوبية عن جزء من الوطن القومي الصومالي.

أما القضية الثانية فتتمحور في البعد والخيار الايديولوجي الذي تم اتخاذه من قبل ما عرف بالمجلس الأعلى للثورة مع بداية استيلائه على الحكم وتحديدا في عام 1970.

بينما تكمن القضية الثالثة في طبيعة الأداء السياسي الانتهازي لسلطة الدولة الصومالية خلال الفترة 1977-1991 وهو ما اسفر عن تذبذب سياستها الخارجية ناهيك عن عدم استقرار أدائها السياسي على المستوى الداخلي.

فالقضية الأولى فرضت إيقاع سياسي ذو بعد قومي على السلطة خلال مرحلة التعددية السياسية 1960-1969 ومثيلاتها الشمولية في الفترة 1969-1991, وهو ما كرس حالة مزج ما بين المسار الوطني والقومي على صعيد الجغرافيا السياسية, وكان من تجلياته إيمان الحكومات الصومالية سياسيا بوحدة وطن القومية الصومالية وبتالي إنعكاس هذه القضية على الحياة العامة في الصومال.في حين كرست كل من الثانية والثالثة نهج سياسي متباين مع المنحى العلماني جملتا وقائم على الماركسية اللينينية والتحالف مع بعض الأنظمة الغربية.

وفي ظل ذلك المناخ السياسي لم يكن من البديهيات وجود سلطة وطنية علمانية تنطلق ركيزتها السياسية من قيم دولة قطرية واضحة الجغرافيا السياسية حيت تداخل المسارين الوطني والقومي في نهج الدولة الصومالية والحكومات الوطنية التي توالت على حكم البلاد, وإن لم تعلن تلك السلطات عن عزمها بضم الأراضي الصومالية المندرجة في الجغرافيا السياسية الإثيوبية والكينية وإقليم جيبوتي إلى الدولة الصومالية وفي ظل هاجس صومال الدولة بأولوية تحرير هذه الأراضي وأن يقرر سكانها مصيرهم السياسي بمعزل عن الاحتلال الخارجي.

وقد تكلل الأمر في أن تسخر قدرات الدولة لصالح البعد القومي وأن تخوض الصومال حروب واحتكاكات مسلحة مع هذه الدول, وظل مفهوم المواطنة شاملا كل منتمي إلى القومية الصومالية, وعلى صعيد الحقوق السياسية فإن التمييز بين أبناء القومية لم يكن واردا على صعيد الممارسة السياسية عمليا وذلك على مستوى الأفراد, خاصة وأنه لم تكن هناك تشريعات معمول بها وتؤدي للفرز ما بين المسارين الوطني والقومي, رغم إجتهادات حكومات مرحلة التعددية السياسية في الفترة 1960-1969 كمثال حكومة رئيس الوزراء عبدالرزاق الحاج حسين.

ونظرا لضعف العامل التنموي في البلاد وإنعكاسه على السياسة الداخلية لدولة متجليا في عدم قدرتها على تحمل أعباء كل السكان القاطنيين في الدولة أكانوا مواطنيين أو نازحين صوماليين من الأقاليم الصومالية في إثيوبيا,كينيا وجيبوتي, عوضا عن الطبيعة التدوالية للحكومات الصومالية والتي لم تكن تسمح بتسخير النازحين الصوماليين كمجموعات لصالح التصويت في الانتخابات السياسية التي كانت تجري في البلاد.

بينما نجد أن الأمر ذاته شمل حكومات المرحلة الشمولية خلال الفترة 1969-1991 فالعامل التنموي كرس بضرورة أن تحتفظ السلطة بورقة النازحين كلاجئين يدرون المساعدات الخارجية على الدولة, في حين أن القبضة السياسية للنظام الشمولي أدت إلى عدم حاجته المباشرة لأصوات النازحين لاسيما وأن أصوات المواطنيين ذاتها لم تكن تمثل لسلطة بقيمة إضافية, وفي ظل واقع الحسم المسبق للعملية الإنتخابية لصالح الحزب الاشتراكي الثوري الصومالي(الحاكم) ما بين 1976-1991 خاصة وأن أول إنتخابات سياسية جرت مع حلول عام 1979 وبغياب التعددية وحضور الحزب الواحد والمرشح الوحيد للحزب ممثلا بالرئيس محمد سياد بري.

إلى أن الطبيعة السياسية الشمولية لنظام فرضت تسخيره سياسيا لنازحين وبحيت ضمت المؤسسة العسكرية الصومالية لقطاع كبير من اولئك النازحين والذين كانوا يمثلون على الصعيد الرسمي كلاجئين, وخوضهم أعمال عسكرية مباشرة أكان على الصعيد الداخلي أو في اطار حروب الصومال مع جيرانها, وفي اتجاه مماثل فإن المجموعات السياسية المسلحة المنحدرة من الأقاليم الصومالية في فترة الشمولية السياسية أخذت دورا سياسيا مرحب به بالمقارنة مع المعارضة السياسية والتي أتخذت من إثيوبيا مستقرا وقاعدة إنطلاق عسكري.

وبالنتيجة هنا فإن المواطنة كانت تنطلق من واقع الولاء إلى السلطة الحاكمة وليس من مفهوم دستورية المواطنة وحقها المشروع في الممارسة السياسية المشروعة, وبدوره فإن ذلك المسلك كان سائدا في مرحلة التعددية السياسية ولا يزال قائما حتى الحاضر, وفي ظل مثل تلك الاشكالية التاريخية, فإن علاقة الصومال كدولة من الحتمية أن تنتهي إلى خيار العدمية السياسية, تركيز على قومية نظريا وتفريط في المواطنة عمليا والتي من المفترض أن تشكل بعماد القومية الصومالية.

وبالنتيجة فإن تلك العوامل والتي افرازتها القضايا المشار لها أسفرت بالمحصلة إلى تراكم أرث حكومات وطنية لم تستطيع في التأسيس نظام علماني ديمقراطي واضح المعالم, فكان التذبذب السياسي سمة لسياسة الصومالية على المستوى الداخلي في مرحلة التعددية السياسية, وبالمثل في مرحلة الشمولية السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي, وهو ما ينطبق بدوره على مرحلة الحكومات الانتقالية وما تبعها أيضا وإن كان التدخل الخارجي يفرض ذاته على ملف علاقة الصومال مع جيرانه ولايسمح بأدوار على غرار الفترة 1960-1991, وبالتالي فإنه نظرا للواقع العام لصومال الراهن ليس هذا المعطى مهيئ جملتا لتكريس نظام علماني في ظل القادم المنظور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث إسرائيلي عن استمرار علمية رفح لمدة شهرين.. ما دلالات هذ


.. مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه إزاء التقارير بشأن اكتشاف مقا




.. سلسلة غارات عنيفة تستهدف عدة منازل في شمال غزة


.. الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مناطق جديدة في رفح وشمال غزة